الإمام الخامنئي في لقاء القائمين على المؤتمر الدولي لإحياء ذكرى الميرزا النائيني:

التجديد والفكر السياسي من السمات البارزة للميرزا النائيني

أكّد قائد الثورة الإسلاميّة، الإمام الخامنئي، في كلمة له مع القائمين على تنظيم المؤتمر الدولي لإحياء ذكرى آية الله الميرزا محمد حسين النائيني، في حسينيّة الإمام الخميني (قده) أن المرحوم الميرزا النائيني هو فقيه استثنائي وركن رفيع من أركان حوزة النجف العريقة، مشيرًا إلى أن: بناء الهيكلية، والتجديد، وتربية التلامذة، والفكر السياسي تعدّ من السمات البارزة للميرزا النائيني . 
وفيما يلي نص كلمة قائد الثورة الإسلامية:
بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم،
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّدٍ وآله الطاهرين، [ولا] سيما بقيّة الله في الأرضين.
يعدّ هذا التكريم من الأعمال المحمودة جدًّا للحوزة العلميّة في قم، وكان حقًّا أمرًا نفتقده. لقد ملأ المرحوم سماحة النائيني يومًا ما أجواء النجف بكلامه وفكره، ثمّ أُهمل تمامًا تقريبًا من مجال العمل والفكر والاشتهار العلمي، ولم يُسلَّط الضوء عليه كثيرًا. لكن في قم، نعم، إذْ كنا قد رأينا أنّ الأفاضل هناك كانوا يُجلّونه، كما إنّ تلامذته في النجف كانوا من المراجع، ولكن شخص سماحة النائيني (رضوان الله عليه) مع تلك الميّزات كلها التي يملكها، لم يُسلَّط الضوء عليه كثيرًا. أنتم الآن إذْ تسلّطون الضوء عليه، ستتّضح أبعاده العلميّة والعمليّة والسياسيّة، إن شاء الله.
يُعَدّ المرحوم سماحة النائيني بلا شكّ أحدَ أساطين حوزة النجف العريقة. طبعًا، حوزةُ النجف التي يمتدّ عمرها إلى ألف عام مرّت بمراحل من الصعود والهبوط؛ فقد تواجدت فيها في بعض الأزمنة شخصيات بارزة، كما شحّ ذلك في أزمنة أخرى، إذْ لم تكن في النجف شخصيّات بارزة مقارنة بالحلّة وبعض الأماكن الأخرى. لكن قبل نحو مئتي عام وإلى اليوم، أي منذ زمن تلامذة المرحوم السيد باقر البهبهاني، مثل المرحوم بحر العلوم والمرحوم كاشف الغطاء الذين كانوا في النجف – إذ إنّ المرحوم البهبهاني نفسه كان مقيمًا في كربلاء، ولكنّ تلامذته الكبار والمشهورين كانوا في النجف وكان مقرّهم هناك –، كانت حوزة النجف تشهد حياةً ونشاطًا علميّين أكبر، وخرّجت عددًا من الشخصيّات البارزة المنقطعة النظير أو التي قلّ نظيرها في تاريخ علم الفقه والأصول، أمثال الشيخ الأنصاري، وأمثال المرحوم صاحب «الجواهر»، أو المرحوم الآخوند
(رضوان الله تعالى عليه)، وغيرهم من كبار العلماء من هذا القبيل؛ وهذا [العالم] الجليل، المرحوم سماحة النائيني، هو واحدة من تلك الشخصيّات، أي إنه من الشخصيّات المميّزة والبارزة في تلك السنين.
الميزة المهمة لسماحته في بُعده التخصّصي، أي في علم الفقه ولا سيّما الأصول، هي «الهيكلَة»؛ فقد عرض سماحته الأسس الأصوليّة بهيكلية جديدة وبفكرٍ جديد ونظم جديد، مع بناء مقدمات لكلّ موضوع يطرحه. نادرًا ما شوهد هذا الأسلوب في كتب الفقهاء والأصوليّين السابقين له. أي، أنا لا أذكر أحدًا تناول المسائل على هذا النحو من الترتيب والتنظيم؛ فحين يدخل أيّ مسألة، يسير بها بمقدّمات ترتيب ونظم، ويكملها، أي على نحوٍ متقنٍ تمامًا. ربّما كان السبب في إقبال الطلّاب والفضلاء على درسه، الذي كان يُعدّ درسًا من الدرجة الأولى في النجف بعد زمن المرحوم الآخوند، هو ذلك التنظيم الفكري والعلمي الذي امتاز به، إلى جانب بيانه البليغ. مع أنّه كان يدرّس علم الأصول - على سبيل المثال - في النجف باللغة الفارسية، في بيئةٍ تُلقى فيها الدروس عادةً بالعربية، ولكنّ عددًا كبيرًا من الطلّاب العرب [كانوا يحضرون درسه]. طبعًا، أنا شخصيًّا لم أوفَّق في مشاهدة ذلك، ولكنّي سمعت أنّ المرحوم الشيخ حسين الحلّي
(رضوان الله عليه)، وهو عربيّ محض، كان يدرّس الأصول باللغة الفارسية، لأنّه سمعه عن أستاذه بالفارسية! أي إنه كان يملك مثل هذا البيان البديع والفكر النيّر.

تتمة المنشور في الصفحة 7

البحث
الأرشيف التاريخي