الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • رياضة وسياحة
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وسبعمائة وسبعون - ١٧ مايو ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وسبعمائة وسبعون - ١٧ مايو ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

في ظل التحولات الجيوسياسية

باكو وبكين.. شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد

/ تشهد العلاقات الدولية تحولات استراتيجية مهمة في السنوات الأخيرة، حيث تبرز شراكات جديدة تعكس التوازنات الجيوسياسية المتغيرة. وفي هذا السياق، يأتي تطور العلاقات بين جمهورية أذربيجان والصين كنموذج للتعاون الاستراتيجي القائم على المصالح المشتركة والثقة المتبادلة.
الشراكة الإستراتيجية
مؤخراً،دخلت العلاقات الثنائية بين جمهورية أذربيجان والصين مرحلة جديدة من خلال توقيع بيان مشترك للـ«شراكة الاستراتيجية الشاملة» في بكين. جاء هذا التطور المهم خلال الزيارة الرسمية للرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إلى الصين بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ.
أكد البيان المشترك أن باكو وبكين تنظران إلى بعضهما البعض كشريكين استراتيجيين ضمن إطار الأولويات والثقة والمصالح المتبادلة. وأعرب الطرفان عن عزمهما على تعزيز الثقة السياسية المتبادلة وتوسيع الدعم والتعاون الشامل في مختلف المجالات. ووفقاً للبيان، تعترف جمهورية أذربيجان بتايوان كجزء لا يتجزأ من الصين، بينما تدعم الصين مبادرة السلام الأذربيجانية.
وقّع البلدان أكثر من عشرين اتفاقية حكومية لتعزيز التعاون في المجالات السياسية والدبلوماسية والتجارية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والنقل واللوجستيات والمجالات الإنسانية والثقافية.
وكرمز للإرادة المشتركة لتطوير الشراكة الاستراتيجية، وقّع البلدان اتفاقية إعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر العادية، معلنين أن هذه الخطوة تهدف إلى زيادة التواصل بين الشعبين وتعزيز العلاقات الثنائية على نطاق أوسع.
تطور العلاقات الثنائية
أقامت جمهورية أذربيجان والصين علاقات دبلوماسية في أبريل 1992، بعد استقلال جمهورية أذربيجان عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991. وخلال الـ33 عاماً الماضية، شهدت العلاقات الثنائية تقدماً ملحوظاً في مجالات التجارة ونمو حجم التبادل التجاري والتفاعلات الثقافية وتطوير الاستثمارات المتبادلة.
بحلول عام 2024، وصل حجم التجارة بين حمهورية أذربيجان والصين إلى 3.744 مليار دولار، بزيادة قدرها 20.7% مقارنة بالعام السابق. وأصبحت الصين رابع أكبر شريك تجاري لباكو، بحصة 7.9% من التجارة الخارجية للبلاد. كما ظلت الصين أكبر مصدر للواردات الأذربيجانية بنسبة 17.69%.
جمهورية أذربيجان ومبادرة «الحزام والطريق»
تُعرف جمهورية أذربيجان بموقعها كجسر استراتيجي بين الشرق والغرب، وتمثل مركزاً لوجستياً مهماً في إطار مبادرة «الحزام والطريق» الصينية. هذه المبادرة التي أطلقتها الصين في عام 2013 تهدف إلى إحياء نسخة حديثة من طريق الحرير التاريخي، مما يعطي زخماً جديداً للتجارة بين الشرق والغرب. خلال العقد الماضي، انضمت حوالي 150 دولة إلى هذه المبادرة، وتم تنفيذ مشاريع مختلفة في أكثر من 70 دولة، مما يشمل ثلثي سكان العالم وأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
في بداية شهر أبريل، خلال ندوة «نحو نظام عالمي جديد» التي نظمتها جامعة ADA ومركز تحليل العلاقات الدولية (AIR Center)، أكد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أن جمهورية أذربيجان دعمت مبادرة الحزام والطريق منذ البداية.
وأضاف أن بلاده لم تقدم الدعم السياسي للمبادرة فحسب، بل استثمرت أيضاً بنشاط وبشكل واسع في المشاريع. كما أشار علييف إلى أن أذربيجان كانت من الدول الرائدة في الاستثمارات المحلية والخارجية في هذه المبادرة بعد الصين.
في هذا السياق، تعتبر المشاريع الاستراتيجية مثل سكة حديد باكو-تبليسي-قارص، وممر النقل الدولي الشمالي-الجنوبي، وممر التجارة الدولي عبر بحر قزوين (الممر الأوسط)، وميناء باكو التجاري على ساحل بحر قزوين، من المشاريع المهمة في إطار مبادرة الحزام والطريق التي تسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي وربط وسائل النقل.
الممر الأوسط وأهميته الاستراتيجية
يستمر الممر الأوسط، الذي يبدأ من الصين ويمر عبر آسيا الوسطى وبحر قزوين وجنوب القوقاز وتركيا وصولاً إلى أوروبا، في الظهور كمسار تجاري آمن ومستدام في ظل عدم الاستقرار الجيوسياسي العالمي.
لقد أدت الحرب الروسية-الأوكرانية والصراعات في الشرق الأوسط إلى زيادة الأهمية الاستراتيجية للممر الأوسط، مما جعله خياراً موثوقاً لسلاسل التوريد الإقليمية والعالمية. في عام 2024، ازداد حجم الشحنات المنقولة من الصين عبر الممر الأوسط بأكثر من 25 مرة مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى أكثر من 27 ألف حاوية.
كما استثمرت  جمهورية اذربيجان في زيادة قدرة خط سكة حديد باكو-تبليسي-قارص. (BTK)  تم الانتهاء بنجاح من أعمال تحديث هذا الخط في الأراضي الجورجية في عام 2024، مما أدى إلى زيادة قدرة النقل السنوية من مليون طن إلى خمسة ملايين طن.
التعاون في مجال الطاقة المتجددة
توسع جمهورية أذربيجان والصين أيضاً تعاونهما في مجال الطاقة المتجددة. خلال زيارة الرئيس علييف إلى الصين، تم توقيع ست وثائق للتعاون في مجال الطاقة المتجددة. تشمل هذه الاتفاقيات مشاريع الطاقة الشمسية والرياح في أذربيجان، وإنشاء أنظمة تخزين الطاقة، والتخطيط الاستراتيجي لنظام الطاقة في البلاد لتطوير مصادر الطاقة المتجددة.
بناءً على هذه الاتفاقيات، من المتوقع أن يكون لدى باكو قدرة إنتاجية للطاقة المتجددة تبلغ 6,500 ميجاوات بحلول عام 2030. الهدف الرئيس لأذربيجان في هذا المجال هو تلبية احتياجاتها المحلية من الطاقة من مصادر متجددة، وزيادة كفاءة الطاقة، وتصدير مواردها الغازية إلى الأسواق العالمية.
تعاون في مجال المركبات الكهربائية
في مقابلة مع التلفزيون الحكومي الصيني، ذكر علييف أن بلاده تعتزم توسيع تعاونها مع الصين في مجال إنتاج واستيراد الحافلات الكهربائية. حتى اليوم، استوردت جمهورية أذربيجان 160 حافلة كهربائية من الصين ووقعت اتفاقية لاستيراد 200 حافلة أخرى. في هذا الصدد، تخطط أذربيجان لتحويل النقل العام في العاصمة باستخدام مركبات صديقة للبيئة بالكامل، وبدء الإنتاج المشترك للحافلات الكهربائية من علامة BYD الصينية في جمهورية اذربيجان.
المشاركة الصينية في إعادة إعمار المناطق المستعادة
تشارك الشركات الصينية بنشاط في إعادة إعمار المناطق الأذربيجانية التي استعادتها من أرمينيا، وفي التحول الرقمي، وتطوير البنية التحتية، ومشاريع الطاقة الخضراء. في هذا السياق، كانت شركة هواوي الصينية، الرائدة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من أوائل الشركات الأجنبية التي دُعيت للمشاركة في عملية إعادة إعمار قره باغ. تم استخدام تقنية AirPON من هواوي في إنشاء البنية التحتية الرقمية لأول قرية ذكية في أذربيجان، قرية أغالي في منطقة زنجيلان. تُقلل هذه التقنية مسافة تمديد كابلات الألياف الضوئية من 10 كيلومترات إلى كيلومتر واحد، وتقصر وقت تركيب الشبكة وتخفض التكاليف.
في عام 2024، خلال مؤتمر COP29 لتغير المناخ الذي عُقد في باكو، اتفقت شركة الهندسة الكهربائية الوطنية الصينية (CNEEC) وشركة النفط الوطنية لجمهورية أذربيجان (SOCAR) ووزارة الطاقة الأذربيجانية على إنشاء مشروع بقدرة 160 ميجاوات للطاقة الشمسية في منطقة فضولي.
التعاون في مجال مكافحة الإرهاب
في البيان الاستراتيجي المشترك الموقع بين جمهورية أذربيجان والصين، أكد الطرفان أن الإرهاب والانفصالية والتطرف تشكل تهديدات خطيرة للأمن القومي والاستقرار الإقليمي، وشددا على ضرورة المكافحة المشتركة في هذا المجال.
في عام 2024، قدمت الصين مساعدة مالية بقيمة 500 ألف يوان (2.6 مليون ليرة) لدعم أنشطة إزالة الألغام في المناطق المستعادة من أرمينيا، وأعلنت استعدادها لمواصلة دعم أنشطة باكو في هذا المجال من خلال المساعدات المالية والفنية.
البحث
الأرشيف التاريخي