الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • مقالات و المقابلات
  • دولیات
  • رياضة وسياحة
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وسبعمائة وستة وخمسون - ٣٠ أبريل ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وسبعمائة وستة وخمسون - ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

من الهشاشة إلى المرونة

كيف حوّلت دول القوقاز وآسيا الوسطى التحديات إلى فرص؟

/   في السنوات الأخيرة، أنشأت دول مناطق آسيا الوسطى والقوقاز الجنوبي دروعاً مالية كبيرة بالمعنى الحقيقي للكلمة. هذه الدروع لا تقتصر فقط على الاحتياطيات النقدية أو صناديق الاستقرار، بل تشمل أيضاً سياسات نقدية هادفة للوقاية من الأزمات، واحتواء التضخم، وتقليل دولرة الاقتصاد (إزالة الدولرة)، وإعادة هيكلة الديون المؤسسية.
على سبيل المثال، في عام 2015، كانت نسبة الودائع بالدولار في النظام المصرفي الأذربيجاني والكازاخستاني تقارب 70%، لكن في العام الماضي انخفض هذا المؤشر إلى 41% و45% على التوالي. (للمقارنة، هذا الرقم في جورجيا 44% وفي أرمينيا حوالي 26%، رغم أن أرمينيا لديها أدنى ناتج محلي إجمالي في المنطقة).
بعد الصدمات العملاتية والنفطية خلال الفترة 2014-2016، قامت جمهورية أذربيجان ودول أخرى في المنطقة بتغيير هيكلية سياستها النقدية بشكل جذري؛ تم إلغاء ممرات العملات، وتطبيق نظام سعر صرف معوم، وأصبحت متطلبات الاحتياطي الوقائي أكثر مرونة واستباقية. هذه الإجراءات، رغم صعوبتها في حينها، وضعت الأساس للسلامة المالية اللاحقة.
المقاومة ضد الصدمات الخارجية
أدت زيادة التوترات التعريفية بين الولايات المتحدة والصين والسياسات المالية العدوانية لواشنطن إلى ضغط شديد على أسواق المواد الخام.
يتوقع تقرير موديز أنه إذا لم تعد أوبك بلس إلى سياسة خفض الإنتاج، فإن المستوى الحالي للأسعار (الذي يُقيّم بأنه منخفض نسبياً) سيستمر في الأشهر المقبلة. هذا الوضع حساس بشكل خاص لجمهورية أذربيجان وكازاخستان، حيث تعتمد ميزانيتهما الحكومية بنسبة 45% إلى 60% على عائدات النفط والغاز.
لكن انخفاض العائدات النفطية لم يؤد إلى انهيار اقتصادي. بل على العكس، نجحت هذه الدول في توجيه تدفق الاستثمارات والائتمانات نحو القطاعات غير النفطية.
هذا الاتجاه ملحوظ بشكل خاص في أوزبكستان، حيث تضاعفت الائتمانات المصرفية للقطاعات الزراعية وصناعة الآلات والبنية التحتية للنقل أكثر من مرتين خلال السنوات الخمس الماضية.
الممر الأوسط؛ فرصة لهوية اقتصادية جديدة
فتحت الصدمات العالمية أيضاً نوافذ فرص غير متوقعة لهذه المنطقة. فانخفاض التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والصين أجبر الشركات العالمية الكبرى على البحث عن مسارات بديلة وقواعد إنتاجية جديدة. في هذا السياق، ازداد الاهتمام بآسيا الوسطى بشكل كبير.
تشير موديز إلى أن خطوط السكك الحديدية في جمهورية أذربيجان (باكو-تبليسي-قارص) وكازاخستان (خورغوس وألتينكول) أصبحت شرايين عبور جديدة بين أوروبا وآسيا. خلال السنوات الثلاث الماضية، ازداد النقل العابر عبر أراضي جمهورية أذربيجان بنسبة 38%، وتجاوزت حصة الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 6%. هذه لم تعد مجرد مكمل للإيرادات النفطية؛ بل هي "الهوية الاقتصادية الجديدة" للمنطقة.
المخاطر المتبقية وإدارتها
على الرغم من جميع الاتجاهات الإيجابية، لا تزال المخاطر قائمة. تحذر موديز من أن المنطقة معرضة لثلاث صدمات رئيسية: تدهور بيئة التجارة العالمية، وتقلبات العملات، وضعف تدفق رأس المال.
هذا أمر خطير بشكل خاص للشركات التي ليس لديها إيرادات بالعملات الأجنبية ولكن لديها ديون بالعملات الأجنبية. في جمهورية أذربيجان، لا تزال 41% من الودائع بالدولار، ويمكن أن يؤدي الضعف الشديد المحتمل إلى زيادة القروض المتعثرة.
في أوزبكستان، يلاحظ اتجاه معاكس، حيث انخفضت حصة القروض بالعملات الأجنبية في القطاع المؤسسي بنسبة 17% خلال عامين.
كما تسعى كازاخستان، باستخدام أدوات التحوط، خاصة في الصناعات الاستخراجية، إلى حماية مصدّريها.
في الوقت نفسه، تتزايد الضغوط التضخمية. وفقاً لنتائج الربع الأول من عام 2025، بلغ معدل التضخم في جمهورية أذربيجان 8.4%، وفي كازاخستان 10.1%، وفي أوزبكستان 11.7%.
أدت زيادة أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية إلى رفع تكلفة الاقتراض وإبطاء منح القروض في قطاعات البناء والتجزئة.
كما تتغير تركيبة المحفظة الائتمانية للبنوك؛ انخفضت القروض السكنية عالية المخاطر، وفي المقابل، تُعطى الأولوية للمشاريع المؤسسية المدعومة حكومياً في مجالات التصدير واللوجستيات وكفاءة الطاقة والبنية التحتية.
 تجعل هذه التغييرات الهيكلية النظام المصرفي أقل اعتماداً على التقلبات المضاربية العالمية.
توقعات 2026
تتوقع موديز ثلاثة سيناريوهات لاقتصاد منطقة أوراسيا حتى عام 2026، حيث في السيناريو الأساسي (الأكثر احتمالاً)، يُتوقع نمو اقتصادي متوازن، واستقرار نسبي لسعر الصرف، وتضخم مُسيطر عليه.
في السيناريو السلبي، يمكن أن يؤدي تصعيد حروب التعريفات وانخفاض أسعار النفط إلى تقليل النمو وزيادة الضغط التضخمي، وفي السيناريو المتفائل، يمكن أن تؤدي إزالة الحواجز التجارية ونمو أسعار السلع إلى تسريع النمو الاقتصادي.
التوصية الرئيسية من موديز لدول أوراسيا هي مواصلة التنويع الاقتصادي، وتقليل مخاطر العملات إلى الحد الأدنى، وتعزيز الإشراف على المقترضين، وزيادة حصة الصادرات غير النفطية.
لا تعتبر هذه الوكالة أياً من دول هذه المنطقة مثالية، لكنها تعترف بأنها وصلت إلى نضج مؤسسي.
تعلمت الأنظمة المصرفية العمل في ظروف عدم اليقين، ولم يعد القطاع المؤسسي يعتمد اعتماداً كاملاً على عائدات النفط، وتطبق الحكومات، بدرجات متفاوتة من النجاح، آليات إدارة الأزمات.
بدلاً من ردود الفعل العاطفية، أصبحت الاستجابة للصدمات الآن تتمثل في الإصلاحات الهيكلية، والتعبئة الميزانية، والتركيز على الأصول اللوجستية طويلة المدى.
أوجدت الحرب الجيو-اقتصادية بين القوى الكبرى فرصة للتحول السريع والإلزامي لهذه البلدان، ويبدو أنها بدأت في استغلال هذه الفرصة.
لم تعد منطقة أوراسيا مجرد "منطقة عازلة" بين الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي؛ بل أصبحت لاعباً جيو-اقتصادياً مستقلاً تمكن من تحقيق توازن خطير ولكن واقعي بين التكامل العالمي والمرونة المحلية.

البحث
الأرشيف التاريخي