المنهجية القرآنية في الحوار مع الآخرين
السيد حسين بدر الدين الحوثي نموذجاً
إعداد: محمد محسن الحوثي
يقول الباحث عبد الملك العجري: مرّ بنا أن الشهيد القائد "الحوثي" من خلال محاولته التأسيس لنظام معرفي يقوم على الوعي بسنن الهداية في الخطاب القرآني بالاعتماد على القرآن كنظام أو سلطة مرجعية مركزية، وما يتأسس عليها من قواعد تضبط علاقة النص بالقارئ (المفسر ،الفقيه ،المجتهد.. إلخ) وعلاقة النص بالواقعة التي يرى أنها تنفي الغموض أو القصور الذاتي عنه وتفسح دوراً لتطور حركة الواقع في إفصاح النص عن معناه، وتقلص من صلاحيات المفسر أو الفقيه في تأويل النص والاستثمار الخاطئ له إلى أضيق الحدود، ونقد الفردية في الاجتهاد والدفع بدور العلماء إلى المجال الثقافي والتزكوي، وهي جملة تعالج كثيراً من المعضلات الآنفة، وفوق هذا يستبعد الشهيد القائد "أن يهمل الله هذه الأمة وهي ستواجه قضايا كبيرة ومستجدات كثيرة يتركها وهي آخر الأمم ويبعث لها نبياً ويقول لها هذا خاتم الأنبياء وكتاباً واحداً ثم يقول لها هذا آخر الكتب ثم يقفل الملف"، ويخلص إلى أن الأمة تظل بحاجة إلى أعلام هدى "تلتف حولهم (الأمة) يجسدون القرآن ويهدون بالقرآن، ويرشدون الأمة بالقرآن، ويعملون على تطبيق القرآن في أوساط الأمة..".
المطلب الثاني: قضايا الحوار
يمكن القول في البداية بأن كلّ القضايا التي دعا إليها القرآن الكريم كان الحوار هو الوسيلة المثلى في الإقناع بها، وهكذا فإنّ قضايا الإيمان والتوحيد والبعث والنشور والنبوة والقرآن وغير ذلك.. في كلّ ذلك كان الحوار هو الوسيلة، واهتم الشهيد القائد بتلك القضايا الكبرى والصغرى، مستخدما الأسلوب الكلي، وتنزيله على الأجزاء، في ضوء "عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث"، ولم يفصل القضايا عن الواقع الراهن، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، فالعدو يشتغل على تلك القضايا، لا سيما بعد أحداث الـ11 من سبتمبر2001م، ولهذا نجد من بين الدروس التي ألقاها "خطورة المرحلة، خطورة دخول أمريكا اليمن، الإرهاب والسلام، ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى.. إلخ".
الاهتمام بالقضايا التي يمثل التقصير فيها ثغرة
يقول الشهيد القائد: لو تلاحظ أنه الآن ظهرت أهمية بعض الآيات التي نزلت قبل ألف واربعمائة سنة أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن التأكيدات التي جاءت في ذلك الزمن البعيد توحي بأن هذا قد يكون ثغرة إذا لم يهتموا بها ويلتزموا بها أنها ستكون فيها ثغرة تعتبر مادة إعلامية للعدو يشتغل بها ضد الدين وتشويهه مثلما حصل في موضوع الطلاق .. ومثلاً موضوع التعاون كما قلنا أكثر من مرة كيف حث على التعاون وجعله صفة من صفات المتقين وإذا أنت ترى فعلاً بأنه من الخلل الكبير الذي قد يجعل الناس ضحية بأن يفرض عليهم ثقافة الآخرين عندما ضاع التعاون فيما بينهم لو هناك تعاون فيما بينهم لاستطاعوا أن يبنوا لهم مدارس ومدرسين وكليات وجامعات ويعملون لهم كل شيء ولا يحتاجون إلى أن يكونوا مرتبطين بمؤسسة معينة تأتي الإملاءات الأمريكية من داخلها.
الحوار مع أهل الكتاب:
يرى بعض الباحثين إلى أن قضية الحوار مع الآخر تعد فريضة شرعية اقتضتها دعوة الدين الإسلامي التي اعتمدت في رسالتها إلى العالم والبشرية منطق الرفق واللين والمجادلة بالتي هي أحسن، ويعد من أرقى الوسائل إلى إقرار الحق والعدل والمساواة في دنيا البشر.
فاعتمد القرآن في خطابه إلى المشركين والكفار وأهل الكتاب منهج الحوار، وذلك صيانة لمؤسسات التوحيد من الصد والشرك والكفر والإلحاد، ولذا نجد أن الكتاب الكريم قد ميز خطابه ومعاملته لأهل الكتاب عن الكفار والمشركين، باعتبار أنهم أصحاب رسالات سماوية وأهل نبوات وهم كذلك من حيث المسؤولية بأنهم معنيون بتأمين عقيدة التوحيد في أرض الله، حيث قال تعالى معاتبا أهل الكتاب في خطابه: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ».
يُتبع...