بإستشهاد السيد هاشم صفي الدين... سنبقى الأسياد
جهاد أيوب
ناقد و كاتب
/ هذا نحن، ونحن نحن، وحقيقتنا سيد يسلم السيد، وسيد يستشهد ليستشهد السيد...
هذا هو كتابنا في جبل عامل ومنه، راية تسلم إلى قائد ليزرعها في جيل قادم، والقادم يفاخر بمن سلمه الراية...
وهذا عنفوان أرضنا وإيماننا وعنفوان الروح فينا، والنفس الطاهرة التي لا تعرف الخنوع، والتي جُمعت في السيد هاشم صفي الدين حتى كان وسيبقى منارتنا التي نغرف منها كلما احتجنا إلى مواقف الكبار...
لقد حمل السيد الشهيد المهام من قريب الروح والدرب والموقف، ولم يتحمل فراق من أحب وعشق فكانت شهادته التي تمناها، كانت شهادة على يد شياطين الأرض واحقر الناس، وأكثر المجرمين في تاريخ الأمم، إنهم صهاينة إبليس والأعور الدجال...
تلك الأرض التي سقطت فيها روحه صعدت طاهرة إلى السماء دون أن تلتفت إلى حقارة أبناء العم، وغدر أولاد الخال، وجحود من يدعون الدين...
لقد نظر السيد هاشم إلى مَن حوله لحظة استشهاده وتنفس بركات اللحظة، وأسلم الروح مطمئناً فمن هم من حوله قادة وأبطال المواقف، ويعملون على تطهير الأرض من شوائب كل المراحل...
رحل السيد هاشم والابتسامة تغمر كيانه، وهو يعرف مَن عاشوا في كنفه وكنف السيد الشهيد حسن نصرالله أنهم من الأخيار وأشرف المقاومين، والأعز، والأوفياء، وأصحاب الرايات...
الشهيد السيد هاشم صفي الدين نعرفه جيداً وبفخر، ولا نخجل من أن نقول بأنه هو الصابر التقي، والواثق الواقعي، والمؤمن العملي، والحاسم العطوف، وكياسته بأخلاقه، وتواضعه بتصرفاته، وتميزه بوضع النقاط في مكانها الصحيح...
لا يكثر من الكلام إلا بما هو قيمة وموضوعية، ولا يحب أهل الثرثرة، هو يستمع، ويناقش، ويرد بتهذيب، ويستوعب مَن هم حوله ومعه وحتى مَن هو ليس معه...
هو باختزال قيمة روحية وفكرية وعاطفية ورجولية جبلت بشخص السيد هاشم، وبدوره جُبل من تراب الوطن، وكشف معنى حبات كل شبر من أرض الوطن، وكم كان وفياً لكل فرد في هذا الكيان العجائبي...
الشهيد السيد هاشم استشهد ثابتاً وراسماً آفاق المرحلة وما بعدها، هو ذاك طائر الفينيق الذي يعرف السر، وهو ماء المطر الذي يروي الكون، ولا نبالغ إذا قلنا هو حكاية مشرفة ومناضلة سنرويها لأولادنا ولكل الأجيال المقبلة...
هو قامة مقاومة فيها عنفوان الموقف والنظر الثاقب وبُعد المواقف...
الشهيد السيد هاشم صفي الدين أنيق الكلام والعنفوان، جبار على العدو، ورحيم علينا، عاش خارج وهج الضوء؛ ولكنه كان الضوء، لم يبخل علينا بسؤال وباستشارة وبالرأي، هو جاهز ليسمع وليعلمنا، وليبقى في المقدمة مناضلاً شريفاً، واستشهد في الميدان ولم يهرب إلى قصور يتمناها عبيد المراحل؛ ولكنه استمر بين جدران الضاحية الجنوبية الصابرة، وعاش حرّاً وقائداً ورفيقاً وأخاً وينتظر الشهادة التي وعد بها، واستشهد عفيفاً وشامخاً ومتفوقاً ومقاوماً، وصاحب السمعة النظيفة، ولم يكن دون الراية، والراية بوجوده أثمرت الكثير من الرايات المثمرة!
الشهيد السيد هاشم صفي الدين منارة لا تعرف الأفول، وسيرة من ذهب الرجال، ومفخرة من وفي وطن التاريخ، وشجرة زيتون زرعت في أرض عامل من آلاف السنين، لذلك لن نُهزم إن استشهد قائدنا، ولن ننكسر إذا وقع مربينا، ولن نُصدم في خسارة صفحة ذهبية من السيرة المجابهة، فنحن أمّة تعشق الشهادة، وتتعلم من صبر الانكسار إن وقع، وندرس في كتب الكبار من المجاهدين مع حليب أمهاتنا، والسيد هاشم من خيرة المجاهدين...
نعم، فاضت بنا الشهادة، والخسارة كبيرة؛ ولكننا من أتباع الإمام الحسين(ع)، والسيد هاشم من الذين درّسونا فكر كربلاء التي هي في كل عصر...
نعم، في حربنا مع الصهاينة نفتقد الشهامة، والسيد الشهيد هاشم من نشامى الأرض الشرفاء، وعلمنا أن نعرف الإختيار والكرامة في الإختيار...
نعم، في هذه المعركة توجعنا ولم نسلم الراية، انكسرنا ولم تكسر القضية، وشعرنا بالاختناق، ولم نسلم الروح إلا واقفين، ومع كل ما أصابنا لازلنا نصلي، نقرأ القرآن بإيمان، ونخوض في دعاء كميل حتى البكاء، وننتظر وعد الله...
هذا ما تعلّمناه من رسولنا(ص) وأهل بيته(ع)، ومن معاركنا في التاريخ، ومن سيرة الشهداء، وفي كتاب الكرامات...
هذا ما تعلّمناه من السيد حسن نصرالله حسين العصر، ومن السيد هاشم صفي الدين أبو فضل العصر...
إنهما مدرستنا، وكتابنا، وصفحاتنا الذهبية، وبالتأكيد، ويقيناً في استشهاد أسيادنا سنبقى الأسياد...