إغتيال قادة المقاومة.. بين الأهداف التكتيكية والتأثير الاستراتيجي
هاني رمضان المغاري
إعلامي ومحلل سياسي من غزة
/ لابدّ في البداية أن نقف أمام حقيقة أن طريق المقاومة محفوف بالمخاطر وأي قائد يتصدر ويتقدم الصفوف يعلم جيداً أن النهاية لن تخرج عن نتيجتين إثنتين لا ثالث لهما، إمّا النصر أو الشهادة، فاغتياله ليس نجاحاً للعدو بقدر ما هو تحقيق لأمنيته، لذلك نجد أن خلاصة تجربة حركات المقاومة بشكل عام وفي فلسطين ولبنان على وجه الخصوص تقول أن إرتقاء القادة هو إعلاء لشأن مشروع المقاومة والتحرير الذي رفعوه وارتقوا لأجله، كما أنه دليلٌ على صدق وصوابية النهج والطريق، والإصطفاء لا يكون إلا للصادقين.
لا شك أن الصراع الدائر بين محور المقاومة والعدو الصهيوني لا يُحسم بالضربة القاضية، وكذلك اغتيال القادة لن يقود العدو لتحقيق تحولات استراتيجية في بنية حركات المقاومة يضمن له إنهاء تهديدها الوجودي لكيانه الغاصب، عقدة هذا الكيان أنه اصطدم بحركات مقاومة عقائدية وذات بُعد أيديولوجي متماسك، وبالتالي فإن إغتيالات قادتها هي اغتيالات سياسية ذات بُعد تكتيكي وتأثير محدود، وخير دليل على ذلك ما جرى مع حزب الله عقب اغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله، فسرعان ما استعاد الحزب زمام الأمور وأظهر تماسكاً في بنيتيه العسكرية والسياسية ضمن له تصعيد المواجهة مع العدو والإنتقال من مرحلة المساندة لغزة إلى مرحلة المشاركة في صدّ العدوان عنها.
تعلم حركات المقاومة أن استشهاد القادة هو جزء من الثمن المدفوع على طريق التحرر والخلاص، لذلك تعمَد إلى تجهيز الخطط البديلة في حال غياب قائد أو أكثر، فحركة حماس لم يُذكر أن اغتيال قادتها أحدث فراغًا استراتيجيًا منذ استشهاد المؤسس الشيخ أحمد ياسين قبل عقدين من الزمن وحتى ارتقاء القائد المشتبك يحيى السنوار قبل أسابيع، بل حوّلت الحركة أسماء قادتها الشهداء إلى صواريخ وقذائف تدكّ بها مدن الكيان الصهيوني وتصهر بها دباباته وآلياته.
وعلى جبهة لبنان كذلك، فالسيد حسن نصر الله لم يكن الأول والسيد هاشم صفي الدين لم يكن الأخير، فهذه الاغتيالات ستعزز الإصرار لدى هذه الحركات لمواصلة طريق قادتهم، لأن الإنتماء داخل الهياكل التنظيمية لحركات المقاومة المؤدلجة يكون للفكرة لا للأشخاص على أهمية هؤلاء الأشخاص؛ لكن استشهادهم في حد ذاته ملهم للصفوف الأخرى باستكمال الطريق وأن موتوا على ما مات عليه القادة، فإن غاب سيد قام سيد.