يحيى السنوار.. قائد عاش للمقاومة واستشهد رمزاً للحرية
الوفاق / خاص
سمير السعد
في عالم السياسة والصراعات، قد تكون حياة الأشخاص محكومة بأهداف تتجاوز بقاءهم الشخصي. يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي في حركة حماس، هو شخصية تعكس هذه الفكرة بشكل واضح. عاش حياته وسط نيران الاحتلال الصهيوني وحمل على عاتقه قضايا المقاومة الفلسطينية، مؤمناً بأن الإستشهاد هو الوسيلة الأسمى لتحقيق الحرية والكرامة لشعبه.
السنوار، الذي قاد المقاومة في غزة بصلابة وشجاعة، كان يعتبر الإستشهاد ليس مجرد مصير محتوم، بل اختيار وهدف. تماماً كما قال الإمام علي (عليه السلام): إنكم إن لا تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لألف ضربة على الرأس أيسر من موت على فراش. هذه الكلمات تلخص فلسفة الحياة والموت التي يعيشها السنوار وأمثاله ممن يعتبرون أن الموت في سبيل القضية أشرف بكثير من الموت العادي.
استشهاد السنوار جاء ليعزز فكرة الاستمرارية في النضال والمقاومة حتى النهاية. من عاش حياته كما يحب، رافضاً الخضوع، ومات كما يتمنى، شهيداً في ساحة المعركة، يجسد مثالاً للأجيال القادمة بأن النضال من أجل الحرية يتطلب تضحيات كبيرة، قد تصل إلى النفس.
تظل حياة يحيى السنوار وموته رسالة للعالم بأن المقاومة هي وسيلة للدفاع عن الكرامة والحقوق، وأن الأبطال يرحلون أجساداً، لكن أرواحهم تبقى حية في قلوب من يحملون مشاعل الحرية من بعدهم.
يحيى السنوار، رغم الظروف الصعبة التي عاشتها غزة تحت الحصار والهجمات المتواصلة، تمكن من تشكيل حالة استثنائية في القيادة الفلسطينية. لقد استطاع الجمع بين الاستراتيجية السياسية والقتالية، حيث عمل على تعزيز بنية المقاومة العسكرية مع الحفاظ على الخطاب السياسي الهادف إلى الوحدة الوطنية. لقد كان يؤمن بأن القوة العسكرية ليست نهاية بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق توازن استراتيجي يمكن من خلاله فرض واقع جديد على الأرض، حيث تبقى القضية الفلسطينية حية في الساحة الدولية.
استشهاد السنوار جاء ليؤكد أن قادة المقاومة ليسوا بمنأى عن الأخطار، وأنهم في الخطوط الأمامية إلى جانب شعبهم. فاستشهاده لم يكن مجرد نهاية لحياته الشخصية، بل كان لحظة رمزية تمثل قوة الإرادة الفلسطينية التي لا تنكسر أمام القمع والاضطهاد. هذا المفهوم يتردد في الكثير من الأدبيات الإسلامية والعربية التي تؤكد على أن الموت في سبيل الحق هو شكل من أشكال الحياة الخالدة.
على المستوى الشعبي، يمثل استشهاد السنوار نموذجاً للإصرار على مقاومة الاحتلال رغم الفارق الكبير في القوة العسكرية. يُنظر إليه كبطل قومي جسد بموته معاني التضحية والفداء. وكما أشار الإمام علي (عليه السلام)، فإن الموت ليس نهاية، بل بداية لحياة جديدة في قلوب المؤمنين بالحق. فالضربة على الرأس، مهما كانت مؤلمة، تصبح أقل وطأة من موت على فراش الخنوع والاستسلام.
يحيى السنوار لم يمت وحيداً، بل ترك خلفه إرثاً نضالياً يعزز من مفهوم المقاومة المستمرة. إنه درس للأجيال القادمة بأن القادة الحقيقيين لا يعيشون فقط من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية، بل يقدمون أرواحهم في سبيل قضايا أكبر.
“خلاصة القول» هذه الرحلة التي خطها يحيى السنوار بحياته واستشهاده، نرى تجسيداً حياً لمعاني القيادة الحقيقية، حيث يصبح القائد رمزًا للأمل والإصرار على التحرر. لم يكن السنوار مجرد قائد عسكري أو سياسي، بل كان روحًا تمثل الإرادة الشعبية في مقاومة الظلم والاحتلال. استشهاده، وإن كان خسارة على المستوى الفردي، إلا أنه شكل علامة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، ورسالة للعالم بأن النضال من أجل الحرية لا يتوقف برحيل الأبطال، بل يتجدد مع كل شهيد يسقط.
كما قال الإمام علي (عليه السلام)، فإن الموت في سبيل قضية سامية أفضل وأشرف من حياة خاوية. ومن هذا المنطلق، ستبقى ذكرى يحيى السنوار خالدة في ذاكرة شعبه، ملهمةً للأجيال القادمة لمواصلة المسيرة نحو تحقيق العدالة والكرامة.