باحث سياسي لبناني للوفاق:

سقوط الرهانات على قطع الصلة بين المقاومة وإيران

تأتي زيارات عدد من المسؤولين الإيرانيين إلى لبنان للبحث في التطورات المتسارعة، خصوصًا بعد اغتيال سيد شهداء الأمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في وقتٍ تشهد فيه الجبهة تصاعدًا عنيفًا في وتيرة القصف الصهيوني على مناطق مختلفة من لبنان، أشدّها على الجنوب والبقاع وبعلبك الهرمل والضاحية الجنوبية لبيروت، في ظلّ محاولات صهيونية للتوغل برًا عبر الحدود، والتي تواجَه بتصدٍّ كبير من المقاومة. وحول دلالات هذه الزيارات ورسائلها إلى المجتمع اللبناني والعدو الصهوني وداعميه، حاورت صحيفة الوفاق الباحث السياسي والأستاذ الجامعي اللبناني الدكتور نسيب حطيط، وفيما يلي نص الحوار:

الوفاق /  خاص

عبير شمص

إيران بسلاحها ومالها ودبلوماسييها داعمة للمقاومة
يؤكد الدكتور حطيط أن زيارة المسؤولين الإيرانيين الى لبنان في زمن الحرب وبعد اغتيال سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله كان لها عدة أهداف على المستوی الإيراني واللبناني و الإقليمي والعالمي، بالنسبة للمستوى الداخلي الإيراني فقد أكد آية الله السيد علي الخامنئى(حفظه الله) على أن إيران لها كلمة واحدة وأنها مع المقاومة في لبنان، أما على الصعيد اللبناني فشكلت الزيارات لبعض الأطراف التي اعتبرت أن حزب الله والمقاومة قد انهزموا وأن هذه المقاومة يتيمة ويمكن التطاول عليها ومحاولة حصارها أو التعامل معها بطريقة غير واقعية، لتؤكد على أن إيران مع المقاومة بشكلٍ مباشر وليس فقط عبر  التصريحات الإعلامية، أما بالنسبة للعدو الصهيوني والواقع الإقليمي والدولي فإن إيران حاضرة في الساحة وإذا لم تستطع إيران أن تصل إلى غزة في وسط الحرب فإن إيران جاهزة لأن تكون بسلاحها ومالها ودبلوماسييها وقادتها ومسؤوليها في ساحة الحرب في لبنان وهذا كان مطلوباً في هذه اللحظة بعد تعرض المقاومة لضربات قاسية وكان في مقدمتها اغتيال السيد الشهيد الأمين العام لحزب الله».
كسر الحصار الصهيوني على الأجواء اللبنانية
يعتبر الدكتور حطيط أن توقيت الزيارات للمسؤولين الإيرانيين إلى لبنان والتي كانت بطبيعة الحال متلاحقة وليس من مسافة زمنية بين زيارة وزير الخارجية وبين زيارة رئيس مجلس الشورى هي ليست ذات طابع رمزي بل أتت لتؤكد أن إيران حاضرة في الساحة وأن المقاومة ليست يتيمة وأن إيران حاضرة بالمعطى العملي والدبلوماسي وأنها لا تأتمر بأوامر أمريكا أو العدو الصهيوني الذي يسيطر على الأجواء اللبنانية وأنها تستطيع كسر الحصار ومن يقود الطائرة المدنية بنفسه فإنه يعطي إشارة أنه اذا اضطرت إيران لقيادة طائراتها العسكرية للدفاع عن المقاومة وعن محور المقاومة فإنها في اللحظة المناسبة ستقوم بذلك سواء رضيت أمريكا أو لم ترض ولن تعترف بما يسمى القيود والحدود التي يضعها الإحتلال الصهيوني أو المحور الأمريكي».
إيران شريكة المقاومة
يُشير الدكتور حطيط الى أن الجمهورية الإسلامية أعلنت مطالبها وماذا تريده وماذا تؤيده وترفضه بشكلٍ علني ولم يكن هناك خفايا في مقابلاتها لأنها اجتمعت مع أكثر من مسؤول لبناني وفي لبنان ليس هنالك من خفايا وأسرار وإذا كان هنالك من أسرار فستكون بعد لحظات في متناول الصحافة، وبالتالي فإن هذه الزيارات لها دلالة تؤكد أن إيران على تماس تفصيلي مع الواقع اللبناني وأنها تمارس دعمها للمقاومة وللبنان كشريك وليس كصديق أو حليف وأنها تعرف التفاصيل اللبنانية وتعقيداتها ومن هذا المنطلق حتى لا تبقى ساحة لبنان ساحة للدبلوماسيين والمبعوثين الدوليين والأمريكيين والفرنسيين والعرب بل أن إيران هي شريكة أيضاً في الوصول إلى هذه الساحة ولن تتركها فقط لهؤلاء المبعوثين وأنها ليست غريبة وليست بعيدة عن هذه الساحة وذلك لإحداث التوازن الدبلوماسي والسياسي بين الحضور الإيراني والحضور الأمريكي وحلفائه في المنطقة وفي العالم».
إيران تؤكد دعم المقاومة والحكومة اللبنانية
يرى الدكتور حطيط أن مضمون هذه اللقاءات كانت تؤكد على دعم المقاومة ودعم الحكومة اللبنانية والسعي على تأمين كل الدعم الممكن والذي تستطيع إيران إيصاله إلى لبنان وأن القرارات التي تتخذها المقاومة أو تتوافق قوى المقاومة عليها مع الحكومة اللبنانية فإن إيران ستكون داعماً لها ولن تكون من الذين يعرقلون أو يملون الشروط فإذا ارتضت المقاومة والحكومة اللبنانية التزام أي قرار دولي بما فيه 1701 أو أي ترتيبات تستوجب حماية لبنان وحماية المقاومة فإن إيران ستدعم هذه القرارات وتشجع عليها وستكون حاضرة لدعمها سواء على المستوى الدولي أو على مستوى منظمة التعاون الإسلامي».
دحض الشائعات الهادفة للإخلال بالعلاقات الإيرانية اللبنانية  
تُساعد هذه الزيارات على كسر ما عملت عليه المنظومة المضادة التي عملت بشكل كبير ومحترف على إطلاق الشائعات لتوسيع الشرخ بين المقاومة وأهلها في لبنان وايران، ويعتبر الدكتور حطيط أن كل هذه الشائعات تندرج ضمن الإستراتيجية الصهيونية الأمريكية وهدفها  التفتيت عملياً لقوى المقاومة ومحاولة فصل المقاومة في لبنان عن الجمهورية الإسلامية الداعم الرئيسي لهذه المقاومة في كل المستويات، فهي تسعى لحصار المقاومة واستفرادها بدون قوة إيران وتقع مسأل التشكيك ضمن الحرب النفسية والحرب الناعمة وتعميم عدم الثقة المتبادلة بين المقاومة وأهلها في إيران ولبنان، هذا جزء من المعركة والتي يمكن أن تكون أكثر حتى من الحرب العسكرية لأن الحرب العسكرية تطال مقاوماً في الميدان أو بيتاً أو منشأةً أو طريقاً لكن هذه الحرب الإعلامية تطال كل فرد يسمع وكل إنسان يقرأ أو يشاهد التلفزيون أو يسمع الإذاعة ويتطلع على وسائل التواصل الاجتماعي وبالتالي كانت هذه حملة خبيثة، ساهمت هذه الزيارات بتلطيف أو بدحض هذه الشائعات، ولكن يجب العمل بشكل أوسع ومنظم لمواجهة أكاذيب كل هذه المنظومة الإعلامية الواسعة والناطقة بكل اللغات لقطع صلة الرحم بين المقاومة والجمهورية أو بتعبير أدق قطع حبل السرة بين المقاومة وحاضنتها في إيران».
زيارة الضاحية رسالة تحدٍ للعدو
تأخذ جولة رئيس مجلس الشورى الإسلامي السيد قاليباف في المناطق المستهدفة والمدمرة بالقصف بُعداً رمزياً وفق الدكتور حطيط الذي يعتبر أنها تبعث برسائل القوة والصلابة للعدو الصهيوني وأن السيد قاليباف لا يخاف أن يكون في البقعة التي يمكن أن يستهدفها العدو الصهيوني بالقصف وأنه حاضر لأن يكون شريكاً في التضحية وداعماً معنوياً لتأكيد عودة الأهالي إلى بيوتهم بعد توقف إطلاق النار وبعد إعادة إعمارها وبالتالي هي رسالة تحدٍ إلى أن إيران ليست مع لبنان والمقاومة بالإطار السياسي والدبلوماسي وإنما  هي أيضاً داعمة حتى في الميدان وعلى أحجار البيوت المدمرة والطرق المكشوفة».
الحرب الإعلامية هي الذراع الآخر للحرب العسكرية
يشدد الدكتور حطيط أنه بالرغم من العلاقة المتينة بين البلدين وخاصةً بين مجتمع المقاومة وبين إيران لكن يجب علينا الالتفات أن الساحة اللبنانية هي ساحة استخبارات عالمية وساحة إعلامية حرة لا رقيب ولا حسيب ولا أي قوانين ولا قيود، وبالتالي كانت هذه الحرب العالمية هي الذراع الآخر للحرب العسكرية لتفتيت محور المقاومة، حاول العدو الصهيوني وضع لبنان بين فكي كماشة الأولى الحرب العسكرية والثانية الحرب الإعلامية التي تعمل على غزو العقل فإذا كان العدو الصهيوني يغزو البر والأرض والسماء فإن الحرب الإعلامية تغزو العقول وتشكك النفوس وبالتالي تزعزع الثقة بل تدمرها وتوسع دائرة التشكيك بين إخوة الخندق الواحد والمصير الواحد، لذا يجب على بلدان محور المقاومة تفعيل عملهم الإعلامي بالرغم من الحصار الأمريكي والأوروبي على الأقمار الصناعية، ولكن نستطيع تجاوز العديد من المعوقات وإدارة حرب إعلامية موحدة تجمع وسائل الإعلام في كل دول محور المقاومة وأن لا نترك الساحة الإعلامية ليعبث بها الإعلام المناوئ للمقاومة، فلابد من إعادة مراجعة خطتنا واستراتجيتنا الإعلامية لأنه في بعض الأوقات ما ننجزه في الميدان يخسره الإعلام، ويجب أن نكون صادقين في إعلامنا بعيداً عن المغالاة والمديح ونقدم الصورة الحقيقة للواقع وهو واقع مضيء وخاصةً بطولات المقاومة في الميدان، وختاماً أوجه ندائي لإعاده دراسة استراتيجيتنا الإعلامية وتوحيدها ومحاولة عدم إبقائها استراتيجية ولدت قبل 30 عاماً».

البحث
الأرشيف التاريخي