السيد الشهيد نصر الله مدرسة ثقافية للأجيال
الوفاق / خاص
د. محمد العبادي
أقدّم التعازي القلبية للمسلمين جميعاً لشهادة سيد شهداء المقاومة السيد نصرالله...
إنّ فقدان هذا القائد العزيز والمؤمن الشجاع والصبور قد ثلم في الإسلام ثلمة لايسدها شيء، لكن عزاءنا إن الله معنا، وان الطريق الذي سلكه هو طريق الشهداء والصالحين، ولاتفقد الأمة في طريق ذات الشوكة قائداً، إلا وقام مقامه قائد آخر يواصل المسير، ويستأنف العمل بقوة.
إن السيد الشهيد نصر الله يمثل نهجاً جهادياً وثقافياً للمقاومين الأحرار، فقد كان يخفض جناحه للمؤمنين والمسلمين، ويتعامل باعتدال مع أحرار الإنسانية، لكنه كان خصماً عنيداً للصهاينة والمستعمرين والظالمين.
كان دقيقاً في اختيار كلماته وتقسيم خطابه فهو يتحدث في عناوين مختلفة لمناسبات عديدة، ويقسم خطابه إلى عناوين دينية وثقافية، واجتماعية، وسياسية تتناول الحدث الأبرز، ثم يعطف حديثه على الشأن اللبناني، ويقدم رؤيته الواضحة فيها ثم ينتهي إلى النتائج والمواقف والحلول .
لقد كانت الآيات الكريمة أو الأحاديث الشريفة لا تفارق كلماته التنويرية، وكان يترك بصمته الثقافية والتربوية الواضحة في المناسبات الدينية مثل شهر رمضان الكريم، وشهر محرم الحرام وولادة الرسول الأكرم(ص) وغيره .
لقد كانت فلسطين تعيش في دمه ولحمه ونبضه، وكان ليثاً غيوراً على مصالح المسلمين والدفاع عن أرضهم وعرضهم ومالهم ومقدساتهم، وقد دفعه حبه لفلسطين أن يحب كل من يحبها، وأسس علاقات وطيدة مع ابنائها وقادتها، وكان يتمنى أن يصلي في القدس محرراً، وأيضاً كان يتمنى أن يستشهد وهي غاية سؤله ومناه .
لو كان سيد شهداء المقاومة السيد نصر الله قد مات وانخرم عمره عن مرض أو كهولة سن لتعجبت من ذلك، لكنه مات شهيداً على درب الحسين عليه السلام، وقد ذاق قبل شهادته مذاقاً مرّاً باستشهاد أهله وأصحابه البررة، وقد فقدهم واحداً تلو الآخر وكان يعزي نفسه بفقدهم كأنّها سنة من الحسين الشهيد قد أصابته، لكنه كان في تلك المصائب كالطود الشامخ في رباطة جأشه وتجلده على رزايا الزمن .
فسلام على السيد نصر الله يوم ولد، ويوم سار بنهجه الثقافي على نهج مدرسة الاسلام المحمدي، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.