الأديب المصري ”حاتم عبدالهادي السيد” والأديبة اللبنانية ”نجوى الموسوي” للوفاق:

شخصية السيد نصرالله تمثّل المقاومة؛ وإغتياله لن يُحدث نكسة في الإرادات القوية

تتواصل جرائم الكيان الصهيوني التي يندى لها جبين البشرية، وكان آخرها إغتيال سيد المقاومة السيد حسن نصرالله، الجريمة التي أبكت العيون وانعصرت القلوب لها، ولكن الإرادة الصامدة باقية، والشهيد حي كما يقول الله تعالى في محكم كتابه: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» و«مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ»، ففي أجواء فاجعة استشهاد سيد المقاومة الأليمة أجرينا حواراً مع‌السيد «حاتم عبدالهادي السيد» عضو اتحاد كتّاب مصر، الذي يدعم المقاومة بقلمه وكتاباته دائماً، وكذلك مع الكاتبة اللبنانية المقاومة «نجوى الموسوي» وسألناهما عن جريمة إغتيال السيد حسن نصرالله، والمقاومة والقضية الفلسطينية، وفيما يلي نص الحوار:

الوفاق /  خاص

موناسادات خواسته

الشهيد سماحة السيد حسن نصر الله أحد رموز المقاومة الكبرى
بداية سألنا  كيف تقيّمون شخصية ومكانة الشهيد السيد حسن نصر الله؟، حيث قال السيد "حاتم عبدالهادي السيد": السيد الشهيد حسن نصر الله هو أحد رموز المقاومة الكبرى، بل أن شخصيته كانت تمثل المقاومة في أبهى صورها، وأنبلها، ولعل شخصه قد مثّل مكانة كبيرة لإستلهام معنى المقاومة ومحاربة الصهاينة، والوقوف أمامهم للدفاع عن غزة في وقت شديد الصعوبة من عمر الأمة العربية والإسلامية. من جهتها قالت الأديبة اللبنانية "نجوى الموسوي": شخصية السيد نصر الله من الشخصيات الإستثنائية التاريخية التي يحتاج طلاب العلم والشباب والثوار إلى دراستها مطولاً لكي يخرجوا بنتائج مبنية على أسس دينية وفلسفية تضيء على جوانب تلك المكانة التي بلغها ليس في قلوب الناس والمفكرين والثائرين بل في تأثيره بحركة تطور الجيل والعصر الذي شهد وجوده خصوصا من ناحية ارتباطه بالفكر الإسلامي الأصيل وتجليات هذا الفكر.
إغتيال الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله وإرادة المقاومة
وعندما سألناهما عن رأيهما حول، هل سيؤثر إغتيال السيد حسن نصر الله على إرادة المقاومة في القضاء على العدو الصهيوني؟، قالت السيدة "نجوى الموسوي": إن إرادة المقاومة هي عقيدة فكرية وفلسفية والأفكار لها أجنحة فإن أذن الله أن ترتقي وتحلق وتنشر صفاءها في الكون  وعلى مدى أجيال فلا شيء يمكن أن يوقف انطلاقها وسيرها نحو الهدف قبل تحقيقه كاملا.
إن فكرة المقاومة والتصدي أساسها الحكم الإلهي برفض الظلم وهو مفهوم ينمو ولا يضعف وهو مبدأ كلما زادت موارد نموه كلما أثمر، فكيف إذا كانت الموارد مصداقية مخلصة لله ودماء وتضحيات وبذل النفس وكل الممتلكات حينها تصبح كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. إرادة المقاومة تتغذى بالعطاء وكلما كان العطاء أعمق وأفجع وأكبر كلما جاء الثمر أزكى.. ففي الحديث الشريف "فوق كل ذي بر بر حتى يقتل المرء في سبيل الله فليس فوق ذلك بر".
خلاصة ستكون هناك تأثيرات وترددات كترددات الزلزال بعد استشهاد السيد نصر الله وهي على اتجاهين:
الأول تأثيرات في المحبين الواعين حيث ستزدهر إرادة المقاومة أكثر وتثبت صدقها ووفاءها؛ سوف يتبدى ذلك مع الأجيال الجديدة المتلاحقة..
والثاني تأثيرات في المبغضين حيث سيزدادون خوفاً وكرهاً وخنوعاً من المقاومة وخشية من المحتل وتشكيكاً في صوابية الخيار الذي لا بديل عنه في حتمية ردع الظلم وفي وعد انكفاء الباطل مهما علا وتجبر.
والسيد "حاتم عبدالهادي السيد" هكذا أبدى عن رأيه: بالطبع إن استشهاد حسن نصر الله واغتياله من قبل جيش الإحتلال وطائراته قد مثّل صدمة كبرى لمحور المقاومة، بل والشعوب العربية وأجيال من الشباب كانت تنظر له كبطل مقاوم في وقت عزّت فيه البطولة، وغابت الرموز الكبرى، والشخصيات الملهمة. لكن اغتياله لن يؤثر كثيراً فالمقاومة فكرة نابعة من عقيدة مقاتل يحارب المحتل الذي يسعى لمحو كل ما هو عربي وإسلامي، ولكن المقاومة الآن تحتاج إلى الدعم الكبير لإعادة ترميم ما أتلفه العدو، وامتصاص الصدمة لبدء مرحلة جديدة للمقاومة.
إنجازات وتضحيات حزب الله لبنان
بعد ذلك دار الحديث عن إنجازات وتضحيات حزب الله لبنان والسيد حسن نصر الله إزاء القضية الفلسطينية ودعم غزة، فعندما سألناهما عن تقييمهما لهذا الموضوع، قال السيد "حاتم عبدالهادي السيد": على مدى ٣٢ عاماً من قيادة الشهيد حسن نصرالله، فإنه للحقيقة لقد استطاع أن يوجع قلب الكيان الصهيوني كثيراً وذلك بإعتراف الصهاينة أنفسهم وتصريح نتنياهو الذي قال: لقد أقفلنا الحساب مع رجل قتل الآلاف من الصهاينة.
وحسن نصر الله كقائد لحزب الله في لبنان كان يمثّل ميزان التوازن في المنطقة العربية، وأحد ارتكازات القوة العربية الإسلامية التي ظل العدو الصهيوني يحسب لها ألف حساب طوال الوقت.
 وقد قاوم حزب الله الصهاينة دوماً، خاصة للدفاع عن القضية الفلسطينية في كل وقت وعلى مدار عقود طويلة لدعم القضية الفلسطينية. وتحملت لبنان من قبل الكثير من الويلات من أجل نصرة غزة والقضية الفلسطينية والقدس الشريف. وقالت السيدة "نجوى الموسوي" من جهتها: أحب الإجابة هنا بكلمة للشيخ "راغب حرب" حين أشار إلى أن الدم الذي يبذل في سبيل الله يسقط بيد الله "كالصدقات" وإذا سقط بيد الله فإنه ينمو ويزّخر.. وهكذا هي تضحيات وإنجازات محور حزب الله وإنجازات الشهيد الثاني من أمنائه العامين المختومة ببذل الدم، فإنها سوف تنمو وتزكو وتكبر وتزداد عطاءً لقوة الفكرة بالتعاضد ومؤازرة المظلومين في فلسطين ومنها غزة، حتى تحقق هذه التضحيات والإنجازات نتيجة التحرير والصلاة الحُرة في القدس وما بعد الصلاة في القدس من إجراءات مكينة قوية بثبات الاتجاه نحو الله رب العالمين فهو المنطلق وإليه المصير.
ردّ محور المقاومة على جريمة الإغتيال
وفيما يتعلق بكيفية ردّ محور المقاومة على جريمة إغتيال السيد حسن نصر الله، قالت السيدة "نجوى الموسوي": لا أتكلم عن الردود العسكرية فهي ليست من اختصاصي. ولكن على الصعيد الفكري والاجتماعي والأدبي؛ فلا يتوقع الرد إلا كما تعودنا كلما استشهد شهيد وزفته الأمة من القادة والمجاهدين فسيكون الرد صبرا واحتسابا لله رب العالمين،  وسيهنئ المحور السيد القائد المجاهد المضحي الذي استحق هذه الشهادة، وسوف يكون الرد غليانا في النفوس المحبة ونشاطا في التعريف الكوني عن هذه المقاومة إذ سينطلق التعريف بأبعاد مظلومية هذا المحور وأبعاد صدقه بدليل استشهاد القادة واستشهاد أبنائهم قبلهم وبأبعاد القضية الحق غير الملتبسة بالشبهات والشكوك لدى السطحيين والمعادين والجاهلين والقاصدين للحرب على الفكرة.
ومن جهته قال السيد "حاتم عبدالهادي السيد": رحم الله رمز المقاومة  السيد حسن نصرالله، ويكتبه ضمن شهداء المقاومة لمعرفة طوفان الأقصى، أما هذه الجريمة فهي تمثل أبشع صورة للإحتلال الصهيوني الذي يقدم على الإغتيالات للقادة، كما إغتال من قبل رمز المقاومة الفلسطينية اسماعيل هنية، والشيخ أحمد ياسين، بل وياسر عرفات رحمه الله.
لن تحدث نكسة في الإرادات القوية
وكسؤال أخير سألناهما هل لديكم ما تودّون قوله إزاء هذه الجريمة الهمجية وشخص السيد حسن نصر الله؟
 قال السيد "حاتم عبدالهادي السيد": كل التحية لفلسطين ولبنان واليمن والعراق وكل من يدافع عن الكرامة العربية الإسلامية المهدورة في الشرق الأوسط، ويبدو أن إيران تمثل آخر نقطة ضوء لكسر شوكة الصهاينة في ظل الصمت العربي، ويظل حسن نصر الله وكل من استشهدوا للدفاع عن الإسلام والكرامة رموزاً  لإستلهام صورة البطل العربي الإسلامي الذي يحارب من أجل رفع لواء الإسلام وحماية المقدسات، وأظن أن هؤلاء سيخلدوا في التاريخ لمواقفهم البطولية الرائعة ضد الصهاينة المحتلين لفلسطين، ويظل النداء يتعالى: انقذوا فلسطين، القدس يصرخ، لقد أحرقوا أشجار الزيتون، وقتلوا حَمامات السلام، وباتت شلالات الدم تهدر من النيل إلى الفرات، ومن الأرز للنخيل. وردت الأديبة اللبنانية علينا بالجواب: إنها فاجعة القلوب المـُحبة والواثقة، ولا ننكر أنها أحدثت ثلمة في المشاعر على مستوى جماهيري واسع ولكنها في الوقت نفسه وعلى قدر عظمة المصاب وعلى قدر وقع الحدث العميق ودويّه العظيم فحتماً سوف تتردد أصداؤه بشكل قل نظيره في التاريخ. لن تحدُث نكسة في الإرادات القوية، لن يحدث ارتداد عن النهج إلا عن ضعاف العقيدة والنفوس.. وستكون هذه شاهداً أكبر وإضافياً على قبح العدو وعلى انكشاف النزعة الإرهابية لديه، وعلى بشاعة مبادئه وخبث مقاصده ومآربه وما تريده من إفشاء السادية والأنانية والفكر المادي المظلم المقنّع في العالم.

البحث
الأرشيف التاريخي