في ذكرى تأسيسه الرابعة والأربعين...

مجلس الشورى الاسلامي.. 44 عاماً من العطاء المستمر

مما لا شك فيه أن عملية صنع القرار في السياسة الخارجية لأية دولة مهما كانت صغيرة أو كبيرة ذات تفاعلات إقليمية أو دولية مؤثرة هي عملية معقدة ومتشابكة تتداخل فيها العوامل الداخلية والخارجية، فالسياسة الخارجية هي عبارة عن سلوك عمل مؤسسات قائمة لتلك الدولة، ولا تخرج إيران كدولة عن هذا التصنيف، وهي تضم مجموعة من الهياكل الأساسية للدولة ومن أهمها مجلس الشورى الإسلامي الذي يكون له دور رئيس ومحوري وفاعل في رسم السياسة الخارجية وتوجيهها الوجهة المثالية بما يتلاءم مع المصالح والأهداف العليا للدولة .
والجدير ذكره أنه مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أُعيد تشكيل نظام الحكم في البلاد، لينتقل من الملكية الدستورية التي يرأسها الشاه، إلى نظام الحكم الإسلامي الجمهوري. هذا النظام الجديد يتمثل بثلاث سلطات مستقلة، تجسّد السلطة في هذا البلد، وهي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية (الإجرائية)، والسلطة القضائية، وتكون جميعها تحت إشراف آية الله السيد علي الخامنئي (حفظه الله)، وذلك وفق المادتين 57 و60 من الدستور. وتنقسم السلطة التشريعية إلى 3 مجالس، تسنّ القوانين وتراقب عمل الحكومة في البلاد، وهي: مجلس تشخيص مصلحة النظام، مجلس صيانة الدستور، ومجلس الشورى أو البرلمان ، وفي مثل هذا اليوم (27 مايو/ آيار من العام 1980م) يُصادف تاريخ أول دورة انتخابية لمجلس الشورى الاسلامي والذي كان إسمه قبل انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، "مجلس الشورى الوطني" في فترة النظام البهلوي البائد".
أمّا أهم صلاحيات المجلس التي تساهم وتؤثر في السياسة الخارجية الايرانية فهي المصادقة على المواثيق والعقود والمعاهدات والاتفاقيات الدولية الخارجية، وكذلك المصادقة على عمليات الاقتراض والإقراض أو منح المساعدات داخل البلاد وخارجها التي تجريها الحكومة. وعدم الموافقة على منح الحق للأجانب في تأسيس الشركات والمؤسسات. وكذلك المصادقة على توظيف الخبراء الأجانب الذين تطلبهم الحكومة في الحالات الاستثنائية والضرورة، كما لا يحق لمجلس الشورى أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للبلاد أو المغايرة للدستور، وهو   يحظر فرض الأحكام العرفية وفي حالات الحرب والظروف الاضطرارية المشابهة ويحق للحكومة بعد مصادقة مجلس الشورى الإسلامي أن تفرض مؤقتا بعض القيود على أن لا تستمر مطلقاً أكثر من ثلاثين يوماً.
وانطلاقاً من ذلك يتمتع مجلس الشورى الإسلامي بمكانة بالغة الأهمية في النظام الإسلامي بوصفه سلطة تشريعية له، فقد اعتبر آية الله السيد علي خامنئي (حفظه الله) مجلس الشورى مُمثلاً للشعب فأصوات الشعب هي التي تعطي المشروعية لأي موقع في السلطة وهي التي تُحصن الخيار الفكري والسياسي للدولة وهي التي تحمي قيام واستمرارية الجمهورية الإسلامية فأنظمتها ونتائج حكمه تعنيه.
وفي الختام فإنّ مجلس الشورى الإسلامي من حيث القوة يمثل الضلع الثالث في مثلث السلطة والنظام في إيران، ومن خلال ما تقدم يظهر الدور الكبير الذي يمارسه هذا المجلس في تحديد السياسات العامة للبلاد ومن ضمنها السياسة الخارجية لإيران، ويلعب دوراً بارزاً في السياسة الخارجية لإيران عبر اتخاذ القرارات المتعلقة بمناهضة قوى الاستكبار ومناوأتها ودعم جبهة المستضعفين وخصوصاً القضايا المتعلقة بفلسطين، الأمر الذي أبرز الدور الكبير الذي مارسه المجلس في السياسة الخارجية الإيرانية.
البحث
الأرشيف التاريخي