محامي سوري ومستشار منظمات دولية للوفاق:

ما يجري في غزة يفوق الإبادة الجماعية ليتعداه إلى إلغاء الوجود

تكشف الحرب الحالية التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزة منذ أكثر من سبعة أشهر عن حالة غير مسبوقة فيما يتعلّق بوضع حقوق الإنسان. ولا تستطيع العبارات القانونية التقليدية مثل الانتهاكات والاعتداءات أن تصف درجة هذا الاعتداء. لقد وصلت الجرائم والمجازر اليومية إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية والتي تُعد أكبر وأبشع جريمة على مر التاريخ من حيث درجة الإهدار الكامل للحقوق الإنسانية. وفي سياق التعرف على الخطوات المتخذة لملاحقة الكيان الصهيوني على جرائمه، التقت صحيفة الوفاق وعلى هامش المؤتمر الدولي لدراسة الأبعاد القانونية لجرائم الكيان الصهيوني وحماته في غزة، والذي أقامه في العاصمة الايرانية طهران المجمع العالمي للصحوة الاسلامية بالتعاون مع رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية، المحامي السوري ومستشار منظمات دولية محمد زكي النوري، وكان الحوار التالي:

الوفاق/ خاص

عبير شمص

صمتٌ دوليٌ مطبق
في ظل الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق أهالي قطاع غزة، نجد صمتاً دولياً تجاه حرب الإبادة بحقهم، فنحن لا نرى أي مواقف حقيقية ساعية لإيقاف هذه الانتهاكات، يعني ما نراه واقعاً وفعلياً هو فقط محاباة ولكن لو كان هناك موقف لكان هنالك قرار ونحن لا نرى أي قرار، يقول المحامي النوري.
في غزة الانتهاكات قائمة ومستمرة منذ قيام الكيان الصهيوني وإلى اليوم وما نشهده الآن من انتهاكات قد فاقت ما سبقها، ونحن اليوم في غزة " إذا أردنا  توصيف ما يجري هناك فنُسميه إلغاء للوجود وربما هذا يحتاج إلى توصيف قانوني فوق جريمة الإبادة الجماعية أو جريمة ضد الانسانية".
نصر المقاومة حتمي
أنا أعتقد أنه هناك مسؤولية على الجميع تجاه ما يحدث في غزة ولا يمكننا القول  بأن العدو الصهيوني هو الأقوى أبداً فما نراه اليوم وما نشهده من مواقف للمقاومة تقف في مواجهة هذا الكيان هو دليل على أن هنالك نصراً قادماً بغض النظر عمن يعارض هذه القضية، لذلك برأيي أن القضية متجهة إلى النصر بإذن الله (سبحانه وتعالى)، يؤكد المحامي النوري.
دور رجال القانون في معاقبة الكيان الصهيوني
لا شك ابتداءً وجوب رفع الدعوى وتقديم الأدلة للمحكمة الجنائية الدولية والسير فيها وفق الاجراءات القانونية والسعي في موضوع المحاكمة وفق الآليات المتبعة على الرغم من سيطرة مناخ وجو دولي يسعى بكل جهوده  لتحييد هذه القضية أو للوقوف في وجه وصولها إلى نتيجة  وعقوبة حقيقية ولكن لا بد من السعي لتحقيق ذلك بالرغم من هذه الأجواء والضغوطات ولا بد لرجال القانون من مختلف البلدان الاضطلاع بأدوراهم للمساعدة في هذه المحاكمة بكل ما أوتوا من قوة، يؤكد المحامي النوري.
وعند صدور قرارات الإدانة ومذكرات التوقيف لقادة الكيان الصهيوني المجرم أو لأي جندي من جنود الجيش الصهيوني يتوجب وفق رأي المحامي النوري تنفيذ هذه الأحكام بواسطة ميثاق الأمم المتحدة فيما لو تعنت هذا الكيان في عدم تنفيذها، وهذا هو الموقف الذي افتقدناه في البداية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن في ردع العدو عن تنفيذ الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وهو ما نحتاجه الآن لتنفيذ هذه المحاكمة، ونحن ننتظر صدور مذكرات الاعتقال لهؤلاء المجرمين وفق الوصف القانوني الدولي الذي يترتب عقوبة لهذه الأفعال الجرمية".
من التنظير إلى التنفيذ
تقع مسألة التنفيذ القانوني لمذكرات الاعتقال الصادرة عن  المحكمة في سياقين، الأولى النظرية والتي تتوقف عند الإعلان عنها، والثانية تتعلق بتنفيذها وهنا القول الفصل، ويكمل المحامي النوري حديثه موضحاً :" قد يُطارد انسان ما بموجب مذكرت اعتقال صادرة بحقه وتُعمم مذكرة الاعتقال على الصعيد العالمي، ولكن هناك من يؤويه ويحميه ويمنع اعتقاله فتبقى مذكرات الاعتقال في الإطار النظري وغير قابلة للتطبيق. مع العلم أنه يخضع لاعتقال واحتجاز لأحد شخصيات الكيان الصهيوني من قادة أو جنود أو أي فرد فيه آلية ملزمة عند صدور مذكرات التوقيف توجب وتلزم الجهات الدولية أي الشرطة الدولية على تنفيذ الاعتقال في أي مكان تواجد فيه المتهم، وفي كل الدول، وهنا المسألة الرئيسية المختلف عليها فهنا يجب التفريق بين من يتعاون ومن لا يتعامل مع هذه الآلية".
لا تسقط الجرائم بالتقادم لأنها مستمرة
تقدمت دولة جنوب أفريقيا بدعواها المقدمة ضد قادة الكيان وجنوده وكل من يشارك بالإبادة الجماعية بحق شعب بملفٍ كامل يتضمن الأدلة بشكل موثق وواضح ومتين، ونحن لدينا أدلة على جرائم الكيان الصهيوني موثقة  ليس في غزة بل عبر التاريخ وبالتالي لا تسقط هذه الجرائم بالتقادم لأنها جرائم ما زالت مستمرة ، يشرح المحامي النوري .
والجدير ذكره أنه يمكننا  الاستفادة من بعض النقاط في تنفيذ هذه المذكرات، فهناك ما يسمى قانوناً  بشخصية الجريمة ، يتابع المحامي النوري بتوضيحاته، فيقول:"  يمكن القاء القبض وتوقيف أي شخص يحاكم بجريمة ارتكبت خارج دولته طالما يحمل جنسية هذه الدولة، يعني لو افترضنا أي شخص الآن  يحمل مثلاً الجنسية الفرنسية وجنسية الكيان الصهيوني  في آنٍ معاً، فيمكن أن يحاكم  في فرنسا وإن كان ارتكب جريمته في غزة، وليس في فرنسا بلد المحاكمة".
لا حصانة دولية للمجرمين القتلة
عندما تصدر المحكمة الدولية قراراً، يصبح هذا القرار ملزماً ولا تمنعه الحصانة الدولية ويوجد سوابق في هذا المجال، فقد شهد التاريخ والعالم محاكمات لشخصيات وقادة دول لم يستفيدوا من حصانتهم الدولية وخضعوا للمحاكمة. المهم  هنا وفق المحامي النوري البدء بإصدار الأحكام والمذكرات التوقيف كتدابير احترازية مما يُشكل خطوة مهمة في إحقاق الحق.
ويلفت المحامي النوري:" أننا نرى اليوم أن الدول التي تتحرك نصرةً لغزة معروفة للجميع وخاصةً للشعب الفلسطيني، فنجد مواقف سوريا والجمهورية الاسلامية الإيرانية ولبنان واليمن واضحة في دعم غزة بكل الإمكانات المتوفرة وعلى كافة الصعد العسكرية والسياسية والقانونية والدبلوماسية و.. وما هذا المؤتمر إلاّ صورة من صور الدعم لفلسطين".
والجدير ذكره أنه هناك تغييب إعلامي للحضور والمشاركة الجماهيرية العربية بكافة أطيافها، هناك تفاعل للمواطنين العرب وهنالك من يطالب ويناصر ويُقيم المؤتمرات ويتقدم بالدعم ولكن الإعلام يغيب ذلك أحياناً، ويثعد وجودنا اليوم في هذا المؤتمر في الجمهورية الاسلامية الإيرانية أبرز تفاعل ومساندة للشعب الفلسطيني، وسينقل الإعلام مجرياته وكلماته ومواقف المشاركين من القضية الفلسطينية ونصرتها"، وفق المحامي النوري.
دور الحقوقيين العرب
يلفت المحامي النوري أنه هناك تحركات حقوقية في العديد من الدول العربية فهناك تجمعات حقوقية للمحامين العرب في سوريا ولبنان ومصر والجزائر مساندة للقضية الفلسطينية ومحاولة لتوثيق الجرائم وإدانتها ونشرها إعلامياً".
 ويختم المحامي النوري حديثه بالتمني بأن تنال هذه القضية المحقة حقها في النصرة على المستوى الإعلامي لأنها تتغير يوماً بعد يوم ويتمنى أن يتحول الكلام النظري إلى كلام عملي".

 

البحث
الأرشيف التاريخي