الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان - ١٤ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان - ١٤ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۲

مکافحة الاغتیال الفكري للنخب

متطلبات عودة ظهور إيران كـ«قوة عظمى» في العالم الثقافي

ازدواجية الانبطاحية و النهضوية
إن الاستسلام / الانبطاحية (أو التيار الغربي) والنهضوية (أو التفكير السليم)، اليوم، باعتبارهما قطبين ثقافيين متعارضين، لهما سجل واضح في المجتمع الإيراني.
وعلى الرغم من أن أتباع نظرية "الاستسلام الثقافي" يتظاهرون بأنهم منخرطون في أعمال التفكير الجديد والنخبوية وخلق الثقافة، إلا أنهم ليس لديهم أفكار تقدمية وخطط عملية للتحول وصنع السياسات وما إلى ذلك، باستثناء نظريات التوصية والتجويز وهي نظريات عفا عليها الزمن منذ نصف قرن. نظريات تقوم على "التحديث" و"التغريب" في كافة المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية، والتي حتى الأوروبيون فهموا عيوبها منذ زمن طويل ويبحثون عن مخرج من هذه العملية المدمرة.
لكن في إيران، لا تزال بعض المجموعات والتيارات ترغب في غرس هذا "التدمير الثقافي الذاتي" كفكرة جديدة وتسويقها بين الجمهور! وبالطبع هذه أبسط وأسوأ فكرة يمكن أن يزرعها المفكر أو الناشط الثقافي في المجتمع، لأنها ذات مظهر جذاب مثل "الباقة الجاهزة"، لكنها في الداخل تحمل الكثير من الجهل والتخلف والمعاناة الثقافية والتاريخية.
وعلى خلاف الانبطاحيين الذين ليس لديهم هوية ولا تاريخ، فإن النهضويين لديهم تاريخ طويل وهوية تاريخية ونظام معرفي وأدب مرن ونظرية منسجمة. لقد طرحت منذ فترة هذه النظرية الكبرى بعنوان «الإحياء جذر الأصالة الثقافية» من خلال صياغة آراء الإمام الخميني والإمام الخامنئي وآراء الشهيد مطهري؛ ولا تقع تلك الثقافة ضمن أنظمة أخرى، كالسياسة والاقتصاد، بل تصنف معها وفي قمة الهرم، لأنها تشكل "النظام الاجتماعي" باعتباره روح المجتمع وهويته.
التيار الغربي واغتيال النخب: حدان لنصل واحد
يستند النهضويون على "الفكر الثقافي" ومفكريه أكثر من أي شيء آخر، ويعلمون في الوقت نفسه أنه لم ينشأ عصر مزدهر دون تحديات، ولم يتم أي تطور حضاري دون مقاومة؛ ولذلك ومن دون الوقوع في معضلة "التخلف التاريخي" أو "الركود الحديث" كما فعل الانبطاحيون، فإنهم يتقدمون نحو تجديد الحضارة.
في تحليل هذا الترتيب الثقافي، يجب علينا أن ندرك أن "اغتيال النخب" ليس سوى من فعل ذوي العقلية الانبطاحية (الانبطاحيين) والتيار الغربي، لأن أنصار التغريب في مجال الثقافة العامة لا يؤمنون إلا بالترجمة والاقتباس والنسخ. وفي الأساس لا يكلفون أنفسهم عناء التشكيك في الأشياء المشهورة في الثقافة الغربية والتفكير فيها، ويفترضون أن تلك المعايير والمقاييس بمثابة الوحي المنزّل.
وتعتبر غلبة هذه الروح التي هي إعادة إنتاج نوع من "الاخبارية الجديدة" و"الأشعرية الجديدة"، أكبر عدو لبناء الثقافة وأسوأ آفة لقوة الفكر والثقافة. ولهذا السبب، أصبح التفكير الانبطاحي و اغتيال النخب ليس مجرد مفهومين مترادفين، بل أصبحا حدين لنفس النصل ضد الثقافة والفكر. واليوم، فإن الذين يمثلون هذا التوجه هم المتهمون الرئيسيون باغتيال النخب في إيران، لأنهم يخافون من الأفكار الجديدة والتطورات الجديدة، ويكون انغلاق الفكر والركود الثقافي في صالحهم.
يمكننا اليوم أن نرى بوضوح أن التيار الغربي والانبطاحيين يتمردون على أي ازدهار ثقافي وديناميكية تتعارض مع توقعاتهم الفاشلة وأنماط تفكيرهم التي اصبحت بالية، ويستخدمون أي وصف لإذلال النخب الملتزمة؛ لأنهم على استعداد للسخرية من كل شيء بما في ذلك أعظم إنجازات الثورة والنظام، من أجل إحباط الجمهور والشعب ازاء اليوم والمستقبل.
كان هذا "الركود الحديث" هو النتيجة الوحيدة لتغريب الثقافة في إيران ودول أخرى، وهو ما يوفر الوقود لآلة اغتيال النخب، لكن النهضويين يدركون جيداً أن القوة التي تسببت في نمو حضارتنا عبر التاريخ كانت صعود "النخبة الثقافية" في جميع الفترات. وهي الظاهرة التي استخدم أعداء إيران كل الطرق لتثبيطها ولكن لا تزال "قوة الثقافة" هي الرائدة في بلادنا.
 متطلبات ظهور قوّة ثقافية عظمى
"الحكومة الشعبية" كانت واعية منذ البداية بعواقب محاربة "نظرية الاستسلام الثقافية" (وهي أخطر بكثير من الأشكال السياسية والاقتصادية و... على بلدنا)
ولذلك، فقد قدمت خطتها الكبرى ونظريتها على أساس تقييم كل هذه التكاليف والفوائد. ونحن نعتقد اعتقادا راسخا أنه على الرغم من التكاليف الهائلة التي يفرضها الكفاح ضد الانبطاحيين والتيار الغربي على الممثلين الثقافيين للحكومة، فإن إنجازاتها التي لا تعد ولا تحصى ومنظورها الذي لا يمكن استبداله واعدة ومثمرة للغاية، وعلى رأسها عودة ظهور إيران كدولة ذات "قوة عظمى" في عالم الثقافة. وهذا هدف وطني وثوري وسامي يجمعنا جميعا.
ولتحقيق هذه الرؤية، عرفنا منذ بداية مسؤوليتنا في الحكومة أنه علينا، من ناحية، الإسراع باستعادة وتطوير البنية التحتية الداخلية للثقافة ونظام الحوكمة الثقافية. ومن ناحية أخرى، من خلال تحديث نظام الدبلوماسية الثقافية، ينبغي علينا اتخاذ خطوات مهمة لاستعادة العلاقات مع الدول الإقليمية وخارج المنطقة حتى لا تمتد العزلة الثقافية إلى إيران، لأنه يجب على كل دولة تحديث قوتها الناعمة وفقاً لمتطلبات العصر، وإيران هي إحدى الحضارات الحية القليلة التي لا تزال، على الرغم من التطورات التاريخية العديدة، لديها القدرة على زيادة قوتها في العالم الثقافي. منذ بداية مسؤولية الحكومة الشعبية، كانت جهودنا ليلا ونهارا تهدف إلى تعزيز النواة الداخلية للثقافة من أجل توسيع القوة الناعمة الخارجية.
 النخب والحقوق الثقافية والقوة الإيرانية
إن هذه الخطوات التي تم اتخاذها خلال الثلاثين شهراً الماضية تقترب الآن من نقطة التحول: فالشرايين الثقافية للمجتمع الإيراني أصبحت اليوم أكثر حيوية من أي وقت مضى، والرؤية التي بدت مستحيلة أصبحت الآن أكثر سهولة من أي وقت مضى. وفي الجزء الثاني من مسؤولية الحكومة الشعبية، ستتوسع مساهمة إيران في تطورات العالم الثقافي بشكل أكبر وسيزداد ظهور القوة العالمية لثقافتنا، ولكن في الوقت نفسه، ينبغي أن نعرف أن التطورات الحضارية كانت دائما تمثل تحديا لنا.
ومع ذلك، يواصل الانبطاحيون والتاير الغربي مقاومة النهضويين ولن يتوقفوا عن إحباط النخب. تمر إيران الإسلامية بعصرها الحضاري الجديد ومن الطبيعي أن تتشكل ردود أفعال متكررة ضد أي عمل ضخم يحمل تاريخا جديدا.
"الائتلاف من أجل الثقافة" هو استراتيجيتنا الأساسية في الحكومة الثقافية الموحدة لهذه النهضة التاريخية، ونؤمن بأن التغيرات الحضارية الكبرى لن تتقدم إلا بعودة "النخب الثقافية" إلى الساحة العامة؛ وهذه الامر يشكل ضرراً تاماً على التيار الغربي. رأس المال الفكري لإيران اليوم هو النخب الثقافية التي لم تخف من التحول، ورفضت الاستسلام، ودفعت تكاليف هذا الطريق الصعب، وبجهد كبير، جعلت سوق الأفكار مزدهراً. وقد فهموا جيداً أن الحكومة تعتبر نفسها مسؤولة عنهم جميعاً، لأن دعم النخب بالنسبة لنا هو أحد "الحقوق الثقافية" للشعب، ونعتبر هذا الدعم ضماناً لزيادة قوة إيران في العالم الثقافي.

البحث
الأرشيف التاريخي