كتاب «كي لا ننسى».. قصة 418 قرية فلسطينية دمرها الكيان الصهيوني
في الخامس عشر من أيار/ مايو من كل عام، تمر ذكرى النكبة الفلسطينية التي اعتاد الفلسطينيون إحياؤها عبر وسائل مختلفة، لتسلط الضوء على حقيقة ما جرى في حرب عام 1948، التي انتهت باحتلال العصابات الصهيونية للأراضي الفلسطينية وتهجير سكانها.
تأخذ عملية إحياء ذكرى النكبة اليوم أبعادًا أكثر أهمية لاعتبارات عديدة، أهمها أنها تأتي بعد موجة تطبيع عربية غير مسبوقة، إذ لم تقتصر على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني فقط، بل تجاوزت ذلك إلى تبنّي روايته الرسمية حول ما جرى في فلسطين سنة 1948، وصولًا إلى اللحظة الراهنة، وذلك مقابل إنكار رواية الشعب الفلسطيني وشيطنة قضيته.
الضوء هنا على مؤلَّف فارق في نشر حقيقة ما تعرض له الفلسطينيون خلال عام 1948 على يد العصابات الصهيونية. نتحدث عن كتاب "كي لا ننسى: قرى فلسطين التي دمرتها "إسرائيل" سنة 1948 وأسماء شهدائها"، الذي صدر باللغة الإنجليزية عام 1992، ثم صدرت طبعته العربية عام 1997، عشية الذكرى الخمسين للنكبة، عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، تحرير المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي.
"كي لا ننسى" مؤلَّف كبير ينطوي على جهد توثيقي وبحثي ضخم، ساهمت في إنجازه ثلاث مؤسسات بحثية وأكاديمية فلسطينية، هي "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" و"مركز الجليل للأبحاث" و"جامعة بيرزيت". ناهيك عن أكثر من 30 باحثًا عربيًا وأجنبيًا تتضمن أبحاثهم الموزعة على 846 صفحة، وصفًا تفصيليًا دقيقًا، ومدعومًا بمجموعة ضخمة من الصور والملاحق والخرائط التوضيحية، لـ 814 قرية فلسطينية دمرتها العصابات الصهيونية وهجرت سكانها خلال حرب 1948.
يُعتبر الكتاب مرجعًا شاملًا وفريدًا من نوعه في مجاله. فبالإضافة إلى رصده وتوثيقه لأسماء القرى الفلسطينية المدمرة، ووقوفه على خلفيات سقوطها بيد العصابات الصهيونية، وظروف تدميرها وتهجير سكانها؛ يقدّم الكتاب أيضًا بيانات إحصائية مهمة تفند أعداد سكانها ومنازلها، وتسلط الضوء على طبيعتها الديموغرافية عشية النكبة.
ويتضمن المؤلَّف تفاصيل وسرديات وافية تحيط بأوضاع هذه القرى، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية، قبل حرب 1948. وهي تفاصيل تستند إلى مراجع عربية وأجنبية موثوقة، ودراسات ميدانية وتحليلية أجراها باحثون على مدار أكثر من 5 سنوات. كما ويتتبع الكتاب أيضًا مصير هذه القرى وما آلت إليه أحوالها بعد النكبة وقيام دولة الكيان الصهيوني، فيستعرض أوضاعها الراهنة بعد أن تقاسمها المهاجرون اليهود، وأقاموا على أراضيها مستوطناتهم ومنشآتهم الاستعمارية، ناهيك عن رصده لأسماء أكثر من 900 شهيد فلسطيني سقط دفاعًا عنها في حرب 1948.