كتاب: «غزة... بحثٌ في استشهادها»
الوفاق / وكالات - في هذا الكتاب يسرد "نورمان فينكلشتاين" الكاتب والمؤرخ اليهودي المناهض لسياسة الكيان الصهيوني، وقائع متداخلة لكفاح الشعب الفلسطيني عموماً، مع التركيز على غزّة وما حلّ بها من مذابح متتالية وحصار خانق. يصف كيف ظل الإسرائيليون ينبذون عروض السلام، ويمارسون الضغوط بمعونة الراعي الأميركي على مختلف المحافل الدولية لإسكات الشهود، والنجاة من المساءلة، والإفلات من أي عقاب.
في أحد فصول الكتاب، يهتم الكاتب بتحليل تقرير غولدستون، الذي تراجع صاحب التقرير لاحقاً عن النتائج التي توصلت إليها اللجنة التي ترأّسها... وكذلك حادثة الهجوم على قافلة سفن المساعدات الإنسانية وتبعاتها السياسية والقانونية.
"إسرائيل" ونظام جنوب أفريقيا وجهان لنظامٍ عنصريٍ واحد
ويورد الكاتب مقارنةً فريدة في نوعها بين الوضع القانوني لاحتلال نظام جنوب أفريقيا العنصري لدولة ناميبيا، و"الوضع القانوني" للاحتلال الإسرائيلي. وينتهي إلى طرح سؤالٍ في غاية الأهمية، تحت عنوان: "هل الاحتلال قانوني؟!"، بحيث تحدث بشأن "قانونية" الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. وفي معرض آخر يقول: "عندما أصدر "ريتشارد غولدستون" تقريره المدمّر والصادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" في عام 2009، بدا كأن يوم الحساب حلّ أخيراً على "إسرائيل". وبما أن "غولدستون" كان يهودياً وصهيونياً على السواء، لم تستطع "إسرائيل" أن تُلصق به وبتقريره صبغة العداء لـ"إسرائيل" أو العداء للسامية. وانتاب المسؤولين الإسرائيليين خوفٌ من السفر إلى الخارج في تلك الفترة، لأن مذكرات توقيف كانت تنتظرهم في المطارات الأجنبية. ثم حشدت "إسرائيل" مواردها الهائلة في الداخل والشتات (والتي تضم كما يُفترَض أجهزتها الاستخبارية) من أجل كسر إرادة "غولدستون"، ونجحت هذه القوة الماحقة في تحقيق ذلك. فعمدَ "غولدستون" إلى سحب التقرير في ظروف لا يزال يكتنفها الغموض، وكانت بمثابة رسالة واضحة موجَّهة إلى الناشطين في مجال حقوق الإنسان، ومفادها: إذا تخطّيتم "إسرائيل"، فسوف تلقون مصير غولدستون".
يستمد الكتاب أهميته القصوى من كونه تاريخاً لصيقاً بالحدث، يبيّن مدى النقص في عملية استخلاص العِبَر. فهو يراوح بين الموضوعي التحليلي والشخصي ليبحث عن معنى ما يحدث في غزّة، ومعنى النصر، ومعنى الهزيمة. وعليه، يسعى للوقوف لحظة تأمل عن قرب شديد من المعركة، تاريخياً ومكانياً وروحياً...
يقول الكاتب "الحقيقة أن غزّة غدت رمزاً لمأساة الشعب الفلسطيني ونكبته وكارثته، كما تُشكل رمزاً للبطولة والفداء والصمود، على مدار سبعة عقود، مضت تلاحم أهلها خلالها مع المقاومة بمقدار تلاحم المقاومة وفصائلها، ليشكلوا معاً المعبّر الحقيقي عن الهوية الوطنية، والتي جسدتها وحدة الدم في الميدان، وضرورة وطنية وشرطاً لتحقيق الانتصار.