عكا... أقدم مدن فلسطين
على مساحة تقارب الأربعة عشر كيلومتراً مربعاً، تمتدّ مدينة عكا في الشمال الفلسطيني، شاهدةً على العديد من اللحظات التاريخيّة المهمّة في الذاكرة الإسلاميّة. عكا واحدة من أقدم المدن التاريخيّة الفلسطينيّة على الإطلاق، وقد حظيت بمكانة مهمة ومعتبرة طوال تاريخها، نظراً لموقعها الاستراتيجي الممتاز وأسوارها ، ولارتباطها ببعض من المحطات التاريخيّة التي لا تُنسى. كانت المدينة مرفأ استراتيجياً لكل الغُزاة الذين مرّوا على بلاد الشام، آخر قِلاع الصليبيين ومركز صناعة السفن الحربية عند المسلمين. قاومت كل غُزاة الأرض وبقيت شامِخة.
عكا في فخ الاستيطان الصهيوني
عكا التي صمدت أمام قرار التقسيم لفلسطين عام 1947 الذي أقرّته الأمم المتحدة، لم تكن ضمن المساحة "المُعطاة" للإسرائيليين. الأمر الذي فتح الباب لهجرة داخلية من القرى والمدن القريبة التي وقعت ضمن مناطق الاحتلال.
لكن الاستعمار المبني على التوسّع والتدمير الشامل ظلّ يُسهِّل اعتداءات العصابات الصهيونية لما تبقّى من مدن فلسطينية، حتى سقطت عكا بعد معارك ومجازر عنيفة. هنا بدأت مرحلة جديدة من الصراع لدى أهل عكا. صراع الوجود والبقاء من أجل المحافظة على التواجد العربي والتمسّك بالأرض رافضين الرحيل رغم كل محاولات التضييق عليهم. فوفق الإحصائيات سيطرت ما تسمّى بدائرة أراضي إسرائيل على ما يقرب من 80% من منازلها ( 1125 منزلاً) وحاولت جاهدة أن تقوم بترحيل السكان منها بكافة السُبل، سواء عبر منع بناء البيوت والترميم وإهمال الخدمات الموجودة في البلدة القديمة مقابل عمليات استجلاب عوائل كاملة من الإسرائيليين ومنحهم امتيازات مثل خفض ضرائب الدخل والتعليم.
عملت السلطات الصهيونية بعد النكبة على تنفيذ خطة أطلقت عليها "تطوير عكا"، لكن الخطة كانت لتهجير السكان الفلسطينيين، وتفريغ المدينة وتهويدها وطمْس معالمها وتشويه تاريخها، حيث أحيطت المدينة القديمة، بالبنايات الكبيرة والعمارات الضخمة، بهدف التغطية على مدينة عكا الأصلية.
تهويد عكا ما زال مستمراً إلى الآن
ما زالت مدينة عكا مُستهدفة بالدرجة الأولى عبر الهجمات العنصرية، لأنها مدينة حضارية وتاريخية، وتشهد على عروبة هذه البلاد، كما أن محاولات التهويد، لم تتوقّف ولو لحظة، إلا أن صمود فلسطينيي عكا، وتمسّكهم بمدينتهم وبتاريخها، أفشل وسيفشل كل مخطّطات التهويد، وبقيت البلدة القديمة، وهي مدينة عكا الأصلية، عربية مائة بالمائة، بتاريخها ووجهها ومعالمها التاريخية.