تقرير خاص للوفاق عن شبكات تواصل الاجتماعي مابعد طوفان الأقصي
معركة التغريدات..عندما حرّفوا الأنظار عن«إسرائيل» إلى إيران
الوفاق/ خاص
کسري امام جمعه
منذ يوم السبت 7 أكتوبر، وهو اليوم الذي فوجئ فيه العالم بخبر عملية "طوفان الأقصى"، اجتاحت موجات كبيرة من تعليقات المستخدمين، شبكات التواصل الاجتماعي. التعليقات التي انتقلت تدريجياً من جانب المفاجأة، ونقل الأخبار إلى تحليل العمليات والتعليق على الأطراف المعنية وداعميها.
وكانت ردة فعل المستخدمين باللغة العربية واسعة ومتناقضة في بعض الأحيان، من تشجيع ودعم جماعات المقاومة ومناصريها إلى نظريات المؤامرة والتشكيك بالعمليات. ونظراً للوقت الزائد الذي يقضيه المواطنون على شبكات التواصل الاجتماعي، فإن هذه المنصات هي إحدى الأماكن التي يمكن عبرها الاطلاع على آراء الناس بعيداً عن القيود التي قد تكون لديهم في العالم الحقيقي.
وعند المرور على التغريدات المرسلة حول العملية وفي الأيام الأولى، يبدو واضحاً إندهاش واستغراب المستخدمين. كما أعرب العديد من المستخدمين عن اعجابهم بعملية طوفان الأقصى، وأعادوا بانتظام نشر الضربات العنيفة وغير المسبوقة التي يتلقاها العدو الإسرائيلي.
تغريدات داعمة للمقاومة
ومن بين هذه التغريدات، ترددت العديد من
عن امتنانها وسعادتها بالمساعدات والإجراءات التي يقدمها محور المقاومة وخاصةً إيران، واعتبرت أن التحسينات الكبيرة التي شهدتها هذه العملية مقارنةً بالعمليات السابقة تعود إلى تضامن وتعاون دول محور المقاومة كافة.
وحتى من بين التغريدات الداعمة، كانت هناك تغريدات من مستخدمين معارضين لإيران بالحالة العادية، ولكن من خلال الإعتراف بدور إيران في تحسن أداء المقاومة، فإنهم اعتبروا عمل المقاومة يستحق التقدير. فعلى سبيل المثال، نشر مستخدم يُدعى "محمد البوفلاسة" @alboflasa أحد مقاطع الفيديو كان الأكثر مشاهدة بينها، قائلًا: "نحن لا نتفق مع كل مواقف إيران، لكن دعم إيران الشامل وموقفها الصريح من المقاومة الفلسطينية هو أمرٌ فريد من نوعه وهو يدل على شجاعة إيران".
كما أبدى العديد من المستخدمين موافقتهم له في الردود، فمثلاً كان رد المستخدم "Abdurzaq alenizy" كالتالي: "لنا مآخذ كبيرة على ايران لكن بدعمها للمقاومة نحن معها فقد تخلى الكل عن دعم المقاومة لا تُهبط من عزيمة أخوك المسلم في مقاومته العدو الصهيوني ولا تقف مع العدو ضده إن لم يعجبك موقفه أُصمت فصمتك يساعده"
تغريدات معادية للدور الإيراني
ومن جهةٍ أخرى، نشرت بعض الصفحات تغريدات عديدة وجّهت فيها اللوم للمجموعات المنفذة للعملية. فالسياسة العامة لهذه الصفحات تعتبر مثل هذه العمليات بلا فائدة بل ولها تبعات وخيمة على الشعب الفلسطيني، وتعتبر أن الهدف من وراء العمليات هي مصالح إيران لا الأهداف المعلنة.
وبعد ساعاتٍ قليلة، بدأت نظريات المؤامرة المبنية على نتائج هذه العملية حول عدم اهتمام الجمهور بالأخبار الأخرى في المنطقة، وخلصت الصفحات التي تنشر هذه الآراء إلى أن العملية كانت تهدف إلى تقليل تركيز وسائل الإعلام والناس على التيارات الأخرى في المنطقة.
فقد نشرت صفحة @MousaObe التغريدة التالية: " والله لحد الآن ما فهمت بالضبط شو الوضع عم نشوف شو هالأخبار...بس أغلب الظن فتح معركة بهالحجم غير المسبوق هو بتوجيهات إيرانية لإشعال المنطقة داخل سوريا وداخل الأراضي المحتلة لغاية في نفسهم... لما كان حزب الله ينضرب بلبنان كانت إيران توعز لحماس والجهاد بفتح جبهة للضغط على "اسرائيل".
وأيد المستخدم @LaythDrk كلامه بهذا الرد: " معناها يا موسى ان الفصائل الفلسطينية لا تمارس المقاومة بل تمارس دوراً إيرانياً لأهداف إيرانية .أنا متاكد ١٠٠٪ انو ايران هي من دفعتهم والسبب يتعلق بسوريا لأبعاد الانظار عن شيء سيحصل بسوريا بسبب المستجدات، لا يستحقون التأييد."
هجمة تغريدات مُوجّهة ضد محور المقاومة
وعبر التقليل من حجم العملية وتضخيم الأحداث الجارية، حاولت هذه التعليقات تجاهل الضربة غير المسبوقة التي تلقاها جيش ومخابرات الكيان الصهيوني. وقد طرحت بعض الصفحات قضايا أخرى غير الأحداث الحالية عبر نشر تغريدات تحتوي على ادعاءات تتعلق بإيران. على سبيل المثال نشرت صفحة بعنوان @Juljula_Revo_Sy التغريدة التالية: " قاوم ما شئت...لكن تذكر أن "إسرائيل" تحتل عاصمة عربية واحدة بينما إيران تحتل 4 عواصم عربية"
وبشكلٍ عام، فإن متلقّي هذه التغريدات، بعد قراءتها، ينصرف ذهنه عن موضوع عملية "إسرائيل" وهزيمتها أمام إيران. وفي بعض الأحيان تصل هذه المواقف إلى درجة أنه حتى دعم شعوب الدول الإسلامية الأخرى للعملية يصبح موضع سخرية.
إذ قامت صفحة تحمل اسم @TheBaghdadPostA بنشر هذه التغريدة: " الجماهير المليونية في العراق تريد تحرير غزة بعد أن استنفرها الصدر الذي قتل جيشه عشرات الألاف من الفلسطينين وعلق جثثهم على أعمدة شوارع منطقة البلديات بعد سقوط العراق...يريدون تحرير فلسطين وهم لايستطيعون رفع بسطار الإيراني من على رأس الحكم العميل في بغداد" .
وقد ردت حسابات المستخدمين هذه على التغريدات التي تُهنئ وتبارك للمجاهدين بالتهديد والتخويف من جرائم "إسرائيل" رداً على العملية، وعلى التغريدات التي تدعم مواقف إيران بآرائها حول إيران والأحداث الإقليمية. وفي بعض الأحيان كانت هذه المعركة أكثر توتراً من المعارك الميدانية، وبدلاً من الحديث عن جرائم "إسرائيل" واستهدافها للمدنيين والجامعات والمستشفيات، ركز المستخدمون على دعم إيران للمقاومة الفلسطينية.
وأخيراً، يجب القول: أن هناك ملاحظات موجودة في العالم الافتراضي وغير بارزة في العالم الحقيقي. جميع الحسابات ليس لها هوية محددة، ولا يُعرف ما إذا كان شخص حقيقي يقف وراء الحساب أم أن مجموعة ذات أهداف محددة قامت بإنشاء مجموعة حسابات واستخدامها لتوجيه القضايا المطروحة عند الضرورة. والواضح أنه في بعض الأحيان يكون تركيز المناقشات في اتجاه يختلف عن الأحداث الحقيقية ووقائع الساحة.
لكن المهم هو أن نفهم هويتنا وهوية الطرف الآخر من العالم الحقيقي لا العالم الذهني. وإن شبكات التواصل الاجتماعي الافتراضية هي مكان يمكن استخدامه لإيصال اضطهاد الشعب الفلسطيني وجرائم "إسرائيل" إلى آذان العالم، وإلى حد ما، التقليل من الخلل الناجم عن هيمنة الإمبراطورية الإعلامية الغربية، إذا كانت صراعاتنا اللفظية مع أنفسنا تسمح بذلك وتفسح لنا المجال.