تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
بكين تتحدى واشنطن في بحر الصين
موقع العهد الاخباري
تُعدّ استراتيجية العسكرة التي تعتمدها بكين في منطقة غرب المحيط الهادئ خصوصًا في بحر الصين الجنوبي، الأكثر جرأة في العالم. فهناك، وعلى الشعاب المرجانية تحت الماء المعروفة باسم "الأرض الخطرة"، حصّن جيش التحرير الشعبي الصيني مجموعة من الجزر بقواعد عسكرية، لحماية هذه المياه التي تمر عبرها ثلث التجارة البحرية العالمية.
تطالب بكين بالسيادة على 90% من بحر الصين الجنوبي، المتداخل مع المناطق الاقتصادية الخالصة لفيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا والفلبين. حيث كانت بكين قد سيطرت سابقًا على جزيرة سكاربورو شول في عام 2012 المتنازع عليها مع الفلبين. من هنا فإن الوجود العسكري الصيني المتزايد في المياه التي هيمن عليها الأسطول الأمريكي لفترة طويلة يفاقم احتمالات حدوث مواجهة بين واشنطن وبكين في وقت تدهورت فيه العلاقات بين هاتين القوتين العظميين الى حد كبير.
كيف تنظر بكين إلى الوجود الأمريكي في بحر الصين؟
بينما تتحدى الصين النظام الأمني الذي كان وضعه الغرب واستمر قائمًا منذ ما يقارب ثمانية عقود من الزمن، فإن دول المنطقة تشكك في مدى التزام الولايات المتحدة تجاه منطقة المحيط الهادئ. وفي حين أن الولايات المتحدة لا تدعي أي مطالبات إقليمية في بحر الصين الجنوبي، فإنها في الوقت ذاته تحافظ على "اتفاقيات دفاعية" مع الشركاء الآسيويين، بما في ذلك الفلبين، والتي يمكن أن تجبر الجنود الأمريكيين (وفقًا للقانون) على الدفاع عن هذه المياه.
وكما كان القلق بشأن تايوان المجاورة سببًا في تركيز الاهتمام على العلاقات المتدهورة بين الولايات المتحدة وبكين، فإن بحر الصين الجنوبي يوفر مرحلة أخرى لتنافس لا يرغب فيه أي من الطرفين في الكشف عن ضعفه. وما يزيد الأمور تعقيدًا، هو ضعف التفاعل بين الدبلوماسيين والضباط العسكريين الصينيين والجهات الأمريكية، في وقت يمكن أن يساعد فيه التواصل المفتوح في نزع فتيل التوترات.
هل تساهم الاتفاقيات الأمنية بين امريكا ودول المنطقة في ردع الصين؟
علميًا، ترتبط الولايات المتحدة بالإتفاقيات الأمنية التي عقدتها المؤسسة العسكرية مع عدد من الدول الآسيوية، ومنها الفلبين على وجه التحديد ـــ كانت مستعمرة أمريكية ذات يوم ــ التي تشترك مع الولايات المتحدة بمعاهدة "دفاع مشترك" قالت عنها نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس العام الماضي إنها ستمتد إلى "هجوم مسلح على القوات المسلحة الفلبينية أو السفن العامة، أو الطائرات في بحر الصين الجنوبي".
ما تجدر معرفته أن الدعم الأميركي لم يرقَ في أي وقت إلى المستوى المطلوب، أي الدفاع المباشر عن الحلفاء من دول المنطقة. ففي عام 2012، عندما سيطرت السفن الصينية على جزيرة سكاربورو شول، اكتفت واشنطن بالتوسط بين الفلبين والصين، من خلال اتفاق يقضي بانسحاب الطرفين لتهدئة التوترات، وبالتالي لم تدافع القوات الأمريكية عن الجزيرة كما توقعت الفليبين.
ماذا عن الاحتكاكات العسكرية بين الصين وامريكا وحلفائها؟
تبلغ الاحتكاكات في بحر الصين الجنوبي ذروتها في الأماكن التي تحدت فيها دول جنوب شرق آسيا التفويض الصيني بأن الممر المائي، المرسوم على الخرائط الصينية بخط متقطع، ينتمي إلى بكين. ففي المياه القريبة من فيتنام وماليزيا، عطّلت السفن الصينية محاولات استكشاف وتطوير حقول النفط والغاز الطبيعي. بينما منع خفر السواحل الصيني نظيره الإندونيسي بالقوة من اعتقال صيادين صينيين يعملون داخل المياه الإندونيسية.
إذ حذرت بكين مانيلا من "إثارة المشاكل" بعدما قال خفر السواحل الفلبينيون إنهم أزالوا حاجزًا عائمًا عند منطقة شعاب مرجانية متنازع عليها يعتقد أن الصين نشرته لمنع الفلبينيين من الوصول إلى مناطق الصيد التقليدية، في الوقت الذي أكدت فيه مانيلا أن إزالة الحواجز "ضمن حقوقها".