الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد وأربعون - ٠١ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد وأربعون - ٠١ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

ألاعيب الصحافة الغربية في «تجميل» العنف الصهيوني ضد الفلسطينيين


عبير بسّام
كاتبة ومحللة سياسية
كان ملفتاً مقال الرأي الذي كتبته كل من لورا الباست Laura Albast وكات كنار Cat Knarr في "واشنطن بوست" الذي انتقدت فيه الكاتبتان الإعلام الغربي حين يتناول القضية الفلسطينية. عرّف الموقع بكلا الكاتبتين على أنهما من أصول فلسطينية وباحثتان مهتمتان بالشأن والدراسات الفلسطينية.
أشارت الكاتبتان في المقال وبوضوح إلى التناقض الذي يظهر بين الصور المنشورة والمتداولة وبين العناوين التي تجتاح الصحف والمجلات. فالصورة تظهر مثلًا أعدادًا من المصلين في المسجد الأقصى راكعين في الصلاة وبنادق الجنود الصهاينة موجهة نحوهم، ومن ثم يقال إن ما يحدث هو "اشتباكات" و"توترات". وهذه العناوين تستخدم في كبرى وسائل الإعلام ومن ثم يهملون خلال التوصيف المستخدم الوضعية الحقيقية في الصورة والتي تظهر حجم اختلال التوازن ما بين الجهاز العسكري الصهيوني المحتل والشعب الفلسطيني ابن البلد الأصيل. وبذلك مُنحت الدولة المارقة تصريحاً مجانياً لممارسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين من خلال تجاهل إرهاب الدولة الذي تمارسه. وبدلاً من نقل روايات مكتملة تقوم وسائل الإعلام الغربية بتمكين العدو الإسرائيلي من سرد القصة كاملة ولكن على هواه.
في هذا السياق أعدت رابطة المراسلين في الشرق الأوسط AMEJA بياناً طالبت فيه "بضرورة مراعاة اللغة والسياق وإعادة نشر إرشادات إعداد التقارير الصادرة خلال الهجوم الإسرائيلي المميت على غزة في العام الماضي، والذي أسفر عن مقتل 259 فلسطينيًا، من بينهم 66 طفلاً". تأسست الرابطة في العام 2005 في مدينة نيويورك من قبل عدد صغير من الأشخاص الذين يعملون في مؤسسات إعلامية غربية مختلفة، والذين أدركوا وجود مصالح مجتمعية وقضايا مشتركة تواجه صحفيي الولايات المتحدة، الذين يتعاملون مع تراث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENA، ومنها القضية الفلسطينية.
طلبت الرابطة من المراسلين أن يدركوا أن الفلسطينيين يخضعون لنظام غير عادل وغير متكافئ، والذي تم توثيقه على أنه فصل عنصري من قبل منظمات دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية. كما طلبت من المراسلين توخي الحذر من التأطير الديني و"إخبار القراء بمن قُتل أو جُرح وأين وعلى يد من، واستخدام لغة إيجابية وليس سلبية". ما يعنيه هذا عمليًا هو توضيح من هو المعتدي. في صيف العام 2021 وقع أكثر من 500 صحفي في الرابطة على رسالة مفتوحة تنتقد الممارسات الخاطئة للتغطية الإعلامية الأمريكية لفلسطين. ويؤكد المقال أن الصرخة لم تلق آذاناً صاغية وما تزال التغطية المتحيزة هي القاعدة في الصحافة الأميركية.
والملاحظ من خلال الكتابات الصحفية الغربية، أنه عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، غالباً ما تفشل مواربة هذه الصحف في تسمية المعتدي، وفي مقارنة مع تغطية الحرب الاوكرانية، يُطلق على المدنيين الأوكرانيين الذين ألقوا الزجاجات الحارقة على الدبابات الروسية وصف "الشجعان"، لكن الطفل الفلسطيني قُصي حمامرة البالغ من العمر 14 عامًا صُور على أنه يشكل تهديداً فورياً بعد أن ادعى جنود إسرائيليون مسلحون أنه ألقى عليهم زجاجة مولوتوف. ويمثل هذا فارقاً صارخاً وعنصرياً في التغطية، في حين أكدت روايات شهود عيان أن الصبي كان يركض للاختباء من الرصاص الإسرائيلي الموجه إلى فلسطيني آخر ولم يرم حتى قطعة زجاج فارغة. وفي السياق نفسه ضج الإعلام الغربي بمقتل طفلة خلال القصف الجوي الروسي لمواقع عسكرية في أوكرانيا، مع أن الإعلام اعترف بأن مقتلها كان مصادفة وليس مقصوداً، إلا أن الإعلام الغربي لم ينشر يوماً صورة لأطفال غزة والضفة الغربية ومخيماتهما المضرجين بالدماء ميتين أو أحياء، ولم يأت بأي خبر عنهم.
في السادس من نيسان/ أبريل من هذا العام علقت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانسيسكا ألبانيز على التغطية الإعلامية الغربية للغارات الصهيونية على المصلين الفلسطينيين المسالمين في المسجد الأقصى بأنها متحيزة ومتعصبة. وقالت في منشور لها على منصة "اكس" إن "التغطية الإعلامية المضللة تساهم في تمكين الاحتلال الإسرائيلي المتفلت والذي يجب إدانته ومحسابته". وجاء احتجاجها هذا بسبب العنوان الذي نشرته الـ BBC في مقال استخدم فيه كلمة "اشتباكات" للإشارة إلى الاعتداء الإسرائيلي الوحشي على المصلين الفلسطينيين العزل في المسجد الأقصى في ساعة مبكرة من فجر الأربعاء في 5 نيسان/ أبريل. وقالت "تجدد العنف ضد المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى في كل رمضان تحول إلى معاناة، يجب إدانته والتحقيق فيه ومحاسبة مسببيه".
خلال الأسبوع الأول من شهر تموز، شن العدو الاسرائيلي عدوانًا ضخمًا ضد مخيم جنين وهاجم المخيم حوالي 2000 صهيوني مدججين بالسلاح، مستخدمين الآليات المصفحة والمروحيات العسكرية والمسيرات من أجل ترهيب وترويع الفلسطينيين المدنيين من جميع الفئات العمرية ليومين متتاليين. وفي توصيف ما حدث استخدم الاعلام الأميركي مثل "نيويورك تايمز" أو "سي ان ان" وغيرهما، تعابير مثل "بدء عمليات". تعابير قد تبدو بسيطة وغير مؤذية ولكنها في الحقيقة تخالف حقيقة ما يحدث من إرهاب وترويع وهدم للبيوت وتأثير ذلك على نفسيات الفلسطينيين في المخيم. تعابير يعتبرها أندرو ميتروفيكا على موقع الجزيرة الإنكليزي نوعًا من الكذب في الصحافة الأميركية ويستند في توصيفها إلى ما عبر عنه جورج أورويل في العام 1946، بأنها "العدو الأكبر للغة الواضحة، ألا وهو النفاق".
وضمن هذا المفهوم يرى الكاتب أن الصحافة الغربية بشكل فردي أو مؤسساتي تعمل ضمن هذا المفهوم. وبالتالي "الإسرائيليون"، وهم هنا الأناس الطيبون، أو الأبطال لا يهاجمون الفلسطينيين، وإنما ينفذون عمليات ضدهم فقط. وكأن الكلام بهذه الطريقة لا يتضمن تحيزاً ولا تعصباً ضد الفلسطينيين. الأمر الآخر الذي يرى ميتروفيكا أن الصحافة الغربية تصر على التعاطي معه ضمن مفهوم النفاق هو عدم ذكر أسماء الضحايا أو حتى أعمارهم وإنما يبقى الأمر ضمن التورية التي تتضمنها تفاصيل الخبر.

 

البحث
الأرشيف التاريخي