الشيخ صهيب حبلي في حوار خاص للوفاق:
ضرورة وضع خطة اعلامية موحدة لمواجهة الأفكار المتطرفة والشاذة
محمد حسين اميدى
ينفخ البعض هذه الأيام في نيران الخلافات الدينية محاولين إشعال الفتنة المذهبية، وانطلاقاً من الأحداث المريرة التي شهدتها المنطقة في الأسابيع الأخيرة من جريمة حرق القرآن الكريم إلى عودة نشاط الجماعات المتطرفة والتكفيرية وإحياء داعش، وكذلك اجتماع الأربعين العظیم للإمام الحسين(ع). أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع عالم دين من الطائفة السنية الكريمة، وهو عضو تجمع العلماء المسلمين ورئیس جمعية ألفة الشيخ "صهيب عثمان حبلي" الذي نجا من عملية اغتیاله بواسطة عبوة ناسفة في صيدا قبل سنوات، والشيخ حبلي عُرف عنه معارضته للراديكالية والأفكار المتطرفة المتشددة، هذا وقد تسببت تعليقاته في كثير من الأحيان بردود فعل عديدة ومختلفة في البيئة الاجتماعية والإعلامية في لبنان والعالم العربي، وقد أسس جمعية "ألفة " في عام 2009 في قمة التشدد والتطرف الفكري والتحريض للفتن بين المسلمين، وهي تهدف إلى نشر ثقافة الوحدة والوسطية والاعتدال.
إعادة إحياء نشاطات التيارات المتطرفة في العالم الإسلامي
يقول الشيخ حبلي: شهد نشاط التيارات الراديكالية الاسلامية تراجعاً ملحوظاً بعد تعويمها من قبل الأجهزة التابعة للسفارات الغربية، والاستفادة منها لتغيير نظام الحكم في عدد من الدول، فهي اليوم لم يعد لديها الوهج نفسه بعد أن ظهرت حقيقة هذه التيارات وخطابها الذي لم يعد مقنعاً، لأنه لا يترجم عملياً ومجرد شعارات بينما التطبيق شيءٌ أخر تماماً.
يلفت إلی أننا: نشهد في هذه الأيام عودة أخبارها الى الواجهة، وربما ذلك مرتبط بمحاولة الأميركي لإعادة خلط الأوراق، لا سيّما بعد الاتفاق السعودي - الإيراني والذي من شأنه أن ينعكس إيجاباً في سوريا، ومن هنا يسعى الأميركي إلى التشويش على هذا التقارب وإعادة خلط الأوراق. لذا نلاحظ تحركات مشبوهة للأمریکيين وكل الدلائل تشير إلى تحضيرهم مؤامرة جديدة للمنطقة. وفق الأميركيين أنفسهم، فإنهم يحاولون دائماً قطع الاتصال بين طهران ودمشق عبر الأراضي العراقية، فنری في الأسابيع الأخيرة استئناف عمليات لخلايا داعش الإرهابية وأیضا تحركات الأميركيين.
دور فتنوي وتحريضي للتيارات المتطرفة
ووفق الشیخ صهیب: التيارات المتطرفة هي أدوات يتم تحريكها لإثارة الفتن ولا يستبعد أنه يتم توظيفها في جريمة إحراق "المصحف الشريف" أولاً لتحريض المسلمين ضد الغرب وشعوبه، وثانياً لاستدراجهم إلى ردات فعل للقول أن المسلمين دمويين وقتلة وتحريض الغرب على أعمال عسكرية ضد الدول الاسلامية.
ويکمل حدیثه بالقول: یراهن الأمريكي والصهيوني دائماً على جماعات التطرف الديني لإثارة الفتن، والتي يتم توظيفها واللعب على الوتر المذهبي من أجل تمرير المؤامرات والاستفادة من التفكير الغرائزي عند جماعات التطرف لأهداف سياسية.
تقصير إعلامي في التعريف بالإسلام الصحيح
ورداً علی سؤال حول التعرف الشباب الأوروبي علی الإسلام عبر التیارات المتطرفة فیقول عضو تجمع العلماء المسلمين: لا شك أن هناك جهات وغرف سوداء تسعى إلى ربط الإسلام بفكرة التطرف وتسعى إلى جذب فئات مضللة من الشباب الأوروبي إلى هذه البيئة، بعد أن يتم الترويج لها وتسويقها لدى الشباب اليافعين وإقناعهم بأنها تعبّر عن الإسلام، وهي أبعد ما تكون عن أفكار ورسالة وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف القائم على العدل والمساواة والتسامح.
ويوضح حبلي: هناك تقصير في الحملة الإعلامية المضادة لمواجهة الأفكار المتطرفة والوهابية، إذ لا توجد خطة واحدة معتمدة في مواجهة ما يتعرض له الإسلام والمسلمين من حملات افتراء وتشويه لصورة دينهم الحنيف. ويؤکد رئیس جمعية أُلفة علی: إدانة واستنكار الشباب المسلم في أوروبا جريمة إحراق القرآن الكريم، وهو ملتزم في الوقت نفسه بالأنظمة والقوانين في تلك الدول، ولكنه رفع الصوت سلمياً ضد هذا العمل المشين والمسيء للإسلام وشهدنا سلسلة تحركات ضمن هذا السياق، وللأسف تسمح أنظمة الدول الغربية بارتكاب الأعمال المسيئة وبالمقابل ترفض السماح بالتعبير عن رفض وإدانة هذه الأعمال فأين هي حرية الرأي المزعومة؟
دور صهيوني مشبوه باستهداف الأماكن الدينية في سوريا وإيران
ويصرح الشيخ حبلي: من الطبيعي أن الكيان الصهيوني مرتبط بأي عمل أو حدث أمني في المنطقة، وهو يسعى إلى صرف الأنظار عما يحصل داخل كيانه عبر افتعال الأزمات والاضطرابات الأمنية المتنقلة واستهداف المقامات الدينية ماهي إلا محاولة للتحريض مذهبياً وطائفياً لفئةٍ ضد أخرى، عبر استهداف رموز دينية ومقامات لها مكانتها الواسعة عند الطائفة الشيعية أو أهل السنة والجماعة، وهذا يأتي ضمن عملية ممنهجة ومدروسة لتأجيج نار الفتنة بين المسلمين.
محاولات لتشريع الشذوذ الجنسي في لبنان
يشهد لبنان وفق حديث الشيخ حبلي ظاهرة خطيرة متمثلة في طرح مجموعة من النواب المنتمين إلى كتل سياسية متنوعة ومعهم بعض "التغيريين" قانون يهدف إلى تشريع "اللواط" تحت مفهوم الشذوذ والمثلية الجنسية، وبذريعة حفظ حقوق هؤلاء في المجتمع وعدم إخضاعهم للتعذيب إلى جانب تفاصيل وبنود أخرى تصب في خانة معاقبة من يحاول تجريم المثلية والشذوذ".
ويعتبر الشیخ حبلي أن "اللواط" جرم مخالف لجميع الشرائع والكتب السماوية، وللأعراف والأصول الاجتماعية في بيئتنا الشرقية المحافظة، ولكن يسعى البعض في لبنان إلى تسميم المجتمعات بأفكار لا تمت لمعتقداتنا وعاداتنا بأي صلة، وهذا ما يوجب على المرجعيات الروحية الإسلامية والمسيحية والهيئات المجتمعية العمل بشكل فعال لمواجهة محاولات الترويج لهذه الآفة التي تُهدد مجتمعنا بالانحلال، وتُدمر الحالة الطبيعية للمجتمعات القائمة على التوازن الطبيعي بعيداً عن مظاهر الشذوذ والمثلية الهدامة.
مسيرة الأربعين غذاء روحي للصادقین والمخلصين
رداً علی سؤال حول زیارته المقامات المقدسة في العراق ودور مسیرة الأربعین الحسیني في تعریف الإسلام للعالم، أجاب الشیخ حبلي: زرت العراق ولكن ليس في أيام شهر محرم الحرام أو ذكرى الأربعين الحسيني، وإن دُعيت سألبي إن شاء الله. برأيي مسيرة الأربعين الحسيني هي غذاء روحي لمن کانت نیته صادقة ومخلصة. أمّا ظاهرة الخدمة والمضائف المنتشرة على طول المسير الحسيني فهي تنقل صورة المؤاخاة الحقيقية والتعاون والكرم والحب، والتي نتمنى أن تثمر مع المشاركين حين عودتهم إلى بلادهم. ونستنبط من هذه الذكرى الدروس والعبر التي تدعونا لإعلاء شأننا.
وتُعد المسيرة الحسینية وفق عضو تجمع علماء المسلمين مدرسةٌ تختار طلابها من المخلصین، الذين یتعلمون فیها الكثير من الحب والإيثار وبذل الغالي والنفيس من أجل القضية التي یؤمنون بها. وختم الحوار بالقول: لقد حرص الإمام الحسين (ع) على هداية خصومه المضللين مستمراً بتقدیم النصح لهم على أمل توبتهم. وبما أننا نُعد أنفسنا من أنصاره وأعوانه علینا النهوض للإصلاح الذي دعا إلیه الحسین(ع). هذا وتعتبر مسيرة الاربعين من أهم مظاهر هذا النهوض الإسلامي لإصلاح ما فسد من العقول عبر بعض المنابر ووسائل التواصل الإجتماعي. ويُعتبر إصلاح المضللين وإرجاعهم الى الإسلام الأصيل من أولى الأولويات والذي يتطلب دراسة ما يبثه النواصب والرد عليهم عبر القرآن والسنة وتفنيد كل أفكارهم المناقضة للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.