الوفاق تحاور خبراء حول أبعاد زيارة وزير الخارجية للسعودية..
تقارب يقطع الطريق على المستفيدين من التوترات في المنطقة
أجرى وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان زيارة إلى الرياض، يوم الخميس (17 أغسطس)، وهي أول زيارة له للسعودية بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مارس من العام الماضي. جاءت زيارة عبداللهيان إلى الرياض بدعوة رسمية من وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان. حيث كان قد نقل بن فرحان في 17 يونيو المنصرم خلال زيارته إلى طهران، أثناء لقائه المسؤولين الإيرانيين دعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى رئيس الجمهورية آية الله رئيسي لزيارة المملكة. كما أجرى وزير الخارجية الايراني، الجمعة، مباحثات مُثمرة مع ولي عهد المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان في جدة، علاوة على تلك التي أجراها مع نظيره في الرياض، لتكون بذلك هذه الزيارة بمثابة الضربة القاصمة التي "كسرت الجليد" بعد سنوات من التعثر في العلاقات بين البلدين.
وكان قد رافق وزير الخارجية الإيراني في زيارته للسعودية، علي رضا عنايتي سفير إيران الجديد لدى الرياض، حيث أنه في إطار الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين طهران والرياض، يباشر سفراء البلدين الذين تم استقدامهم أنشطتهما في كل من طهران والرياض، وأعيد افتتاح السفارة الإيرانية في الرياض والقنصلية العامة للجمهورية الاسلامية الايرانية في جدة يومي 6 و7 يونيو، بحضور بعض المسؤولين الإيرانيين والسعوديين، بعد سبع سنوات من التوقف.
تطور جاد في العلاقات الثنائية
تعتبر زيارة أمير عبد اللهيان إلى الرياض، والتي التقى خلالها بنظيره السعودي للمرة الرابعة منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية، تطوراً جاداً في العلاقات الثنائية بين طهران والرياض، كما أنها مهمة للغاية من وجهة نظر تأثير عودة العلاقات بين البلدين إزاء المعادلات الإقليمية والدولية. وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن تعكير صفو أجواء التقارب في المنطقة، حيث أقدمت في خطوة مشكوك فيها على تعزيز وجودها العسكري في منطقة الخليج الفارسي، وبدأت مرة أخرى تحركاتها غير الآمنة في المنطقة بحجة توفير الأمن لخطوط الشحن التجارية. وأعلن البنتاغون في نفس الوقت إرسال سفن حربية جديدة مع ثلاثة آلاف من مشاة البحرية إلى المنطقة، وتأتي مهمة هذه القوات تحت ذريعة تأمين سفن الشحن في الخليج الفارسي ومضيق هرمز.
محاولات أمريكية لتعكير صفو التقارب
على الرغم من أن التحشيد الأمريكي الجديد في المنطقة قد جرى بذريعة التخويف من ايران، فمن الواضح جدًا أن قرار تنفيذ هذا الإجراء جاء بعد أن نأت الحكومات العربية في المنطقة بنفسها عن واشنطن واقتربت من الصين وروسيا وايران. ولو أجرينا نظرة متمحصة على سياساتها السابقة، التي بلغت ذروتها خلال رئاسة دونالد ترامب، تحاول الولايات المتحدة الآن تعزيز وجودها العسكري في المنطقة مع الحفاظ على التوازن ضد منافسيها الصاعدين، وذلك من خلال تخويف شركائها التقليديين في منطقة الخليج الفارسي لمنع تطور العلاقات بين دول المنطقة.
تراجع الاعتماد على أمريكا
من الواضح جدًا أن تقليص الاعتماد الأمني للدول العربية في منطقة الخليج الفارسي على أمريكا في السنوات الأخيرة متجذر في الحقائق التي لا يمكن إنكارها المتمثلة في تراجع هيمنة واشنطن في المنطقة، وهو ما يمكن رؤيته بشكل جدي في فشل الولايات المتحدة في حروب العراق وأفغانستان وسوريا.
في مثل هذا الموقف وبعد إعلان واشنطن رسمياً أن حملتها العسكرية الجديدة في المنطقة هي سبب تطور التهديدات الإيرانية، أعرب وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني عن عزم الرياض على فتح فصل جديد في العلاقات مع إيران، وأكد لنظيري الإيراني أن المملكة تتطلع نحو مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين.
تقارب يخدم شعوب المنطقة
من جهته، يقول الخبير السياسي العراقي غضنفر كاظم البطيخ، لصحيفة الوفاق، في معرض إشارته الى الدور الذي لعبه خلال وساطة العراق لمشروع التقارب بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية وبوجود سعادة السفير السابق مسجدي وسعادة السفير الحالي آل صادق من الجمهوزية الاسلامية ومن الجانب السعودي سعادة السفير عبد العزيز الشمري، واستمرت المحاولات من اطراف كثيرة بالدولة العراقية والجهود ممتازة الى ان تم إعادة العلاقات وتبادل الزيارات وهذا شيء مفرح للبلدين والشعبين وكل شعوب المنطقة.
وأكد الخبير العراقي بالقول: التقارب يلعب دورا في إزالة كل التوترات والفتن والعمل على إيجاد مشتركات في العمل والاقتصاد وتبادل الزيارات بين الشعبين الشقيقين والمسلمين، وطبعا الزيارات المتبادلة على مستوى كبار المسؤولين والقاده والزعماء اصحاب القرار تمثل حالة صحية، وتخدم كل شعوب المنطقة والشعوب المسالمة، خصوصا وان البلدين يمثلان ثقلاً نوعياً واقتصادياً وحضارياً وتاريخياً تجمعهما مشتركات عديدة، ويصب التقارب في مصلحة كل الشرق الاوسط.
وقال الخبير العراقي في الشؤون السياسية في ختام كلامه للوفاق: ننتظر نتائج الزيارة وقبول ولي العهد الدعوة الموجهة له لزيارة الجمهورية الاسلامية وفتح آفاق التعاول في كافة المجالات.
تقارب يصبّ في مصلحة المنطقة
على خلفية زيارة أمير عبداللهيان الى الرياض، حاورت صحيفة الوفاق الدولية الكاتب والمفكّر المصري بهجت العبيدي، وقال عن أهمية التقارب بين ايران والسعودية: في البدء لعله من المناسب أن نؤكد على أن عودة العلاقات الإيرانية السعودية والتي جاءت برعاية صينية إنما تمثل تحولاً جوهرياً على عدّة أصعدة، بدءا من الراعي لعودة هذه العلاقات، وصولا إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين كل من طهران والرياض بعد سنوات من القطيعة بين دولتين مؤثرتين ليس فقط في المنطقة بل على المستوى الدولي، ولعله من المناسب أيضا أن نذكر أن تلك القطيعة التي أصبحت ماضيا كانت تصب في صالح الدول المعادية، هذا الذي يعكس الأهمية الكبرى لمدّ الجسور بين الدول الفاعلة في المنطقة.
رغبة صادقة لإحياء العلاقات
وأكمل المُفكّر والخبير المصري: أن المتابع للشأن الإيراني السعودي يستطيع أن يلمح دون عناء الرغبة الصادقة من الطرفين لتخطي تلك الأزمات التي تتم صناعتها بهدف النيل من كل من الدولتين، تلك الرغبة الصادقة تبرهن عليها السرعة التي تتم بها عودة العلاقات الإيرانية السعودية والتي تعمل كل من الدولتين برعاية المسؤولين رفيعي المستوى في البلدين على تجاوز كل ما من شأنه أن يمثل عقبة في طريق تطبيع العلاقات بين الدولتين والشعبين الشقيقين.
ويرى العبيدي أن زيارة وزير الخارجية الايراني للسعودية تلبية لدعوة من كبار المسؤولين، إنما يأتي تأكيدا لما نذهب إليه، وهو ما يقطع الخط على كل المستفيدين من توتر العلاقات السعودية الإيرانية، والذين هم بكل تأكيد من الأعداء. وأكد أن التقارب بين العاصمتين الكبيرتين (طهران والرياض) يصبّ في صالح المنطقة كلها، وأن وصول العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية إلى المستوى المطلوب سيكون له أكبر الأثر على حل مشكلات المنطقة، وذلك لما للدولتين من مكانة وما لهما من تأثير، هذا التأثير الذي بدأ في أرض الواقع والذي يلحظه كل متابع للأحداث الإقليمية والدولية.