شهيد الوعد الصادق أحمد حسن جغبير
الوفاق/ وكالات عندما استشهد القائد حسن جغبير أثناء اقتحام موقع سجد الإسرائيلي اللحدي في عام 1993، بعد أن استطاع حينها أسر أحد الجنود الصهاينة، ولدى انسحابه مع أسيره، قصفه الطيران الحربي فاستشهد وُقتل الجندي. إختزن ابنه أحمد بقلبه الصغير ذي السنوات الست، كل مشاعر فقده لوالده ذخيرة أيامه الآتية.
أدرك أحمد أن والده الشهيد حسناً لم يكن رجلاً عادياً، بل كان قائداً استثنائياً في المقاومة، جعبته الشجاعة والبسالة، ولكن في ذات يومٍ لم يعد البطل، فقد أسر جثمانه بعد قيامه بعملية اقتحام لموقع سجد، أحد أخطر وأصعب المواقع الإسرائيلية اللحدية إبان احتلال الجنوب اللبناني. وبدأ أحمد يكبر في دروب القرية ذاتها، وكأنه يعيد فيها ذكريات طيف مرّ، ولا تزال القلوب سكناه. وعندما عاد جثمان والده بعد طول أسر إثر تبادل للأسرى، وسّده في التراب، وشحذ عهداً بالمضي في الطريق ذاته حتى النصر أو الشهادة.
الولادة والنشأة
في كنف مؤسسة الشهيد تربّى الفتى على مبادئ وأسس الجهاد، وتشرّب معاني الشهادة. وفي صفوف كشافة الإمام المهدي(عج) مشى المسير في الطريق المؤدية لرسم مصير الأمة. وشهد أحمد الانتصار الأول للمقاومة الإسلامية، وقد رفرفت الرايات الصفراء عالياً فوق المواقع التي شار والده بتحريرها بدأ أحمد بالعمل كعامل كهرباء في القرية بعد دراسته لها في المهنية. وفي صيف العام 2006، التحق بإحدى الدورات العسكرية، وأثناء وجوده فيها، بدأ العدوان الإسرائيلي على لبنان بعد عملية «الوعد الصادق» والتي أسر فيها جنديان إسرائيليان، فعاد مسرعاً إلى المنزل، وأخذ أغراضه للتوجه إلى الجنوب.
حرب تموز 2006
من قرية إلى قرية، تنقل أحمد الذي أوكلت إليه وحدة الهندسة في المقاومة الإسلامية زرع الألغام، إلى أن وصل إلى مدينة بنت جبيل، وكانت رحى الحرب القاسية قد طحنت الصخور، ولكنها لم تنلْ من عزيمة ورباطة جأش المجاهدين.ولكم شابه أباه، وهو يلتحمُ مع الجنود المذعورين في بنت جبيل، حيث كان يرابط ورفاقه، عندما وصلت قوة من المشاة الصهاينة، وقد أبى عدم المشاركة في الهجوم لأن مهمته محصورة في زرع الألغام، ولم يصدّق عينيه وهو يرى الجنود يقتربون منه، ليفتح رشاشه ويلاحق فلولهم. وعندما طلبوا منه الانسحاب، صرخ من بين الرصاص قائلاً للأخوة: «أنا أقتل الذين قتلوا أبي»، وكانت رصاصته تساوي جندياً، وقد داس بقدمه رؤوسهم، ولم يهدأ رشاشه إلا عندما نفدت الذخيرة منه، وكان قد أصيب إصابة بالغة في كتفه اليمنى، فربط مكان إصابته وصار يركضُ بين ركام المنازل، وتحت هدير الطائرات الاستطلاعية والحربية إلى أن وصل إلى بيتِ رفيقه في الجبهة الشهيد أمير فضل الله كانت أمهما تقف في باب القبو، فاقترب منها، وكان معها في القبو ابنتها وزوجة ابنها أمير وولده، قدّمت له الماء، وربطت على جرحه، وبرفة جفنٍ واحدة، تحول كل شيء إلى ركام، واستشهد الجميع.