الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد - ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد - ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

كتاب الإسلام والغرب.. نحو عالم أفضل

 

الإسلام والغرب: نحو عالم أفضل، عنوان كتاب أصدره مركز الجزيرة للدراسات في قطر، يتضمن مجموع الدراسات والعروض التي قدمت في الندوة التي نظمها المركز تحت عنوان "الإسلام والغرب"، ويقع الكتاب في مئتين وتسع وسبعين صفحة من القطع الكبير.
والكتاب هو ثمرة سؤال طُرح على أكثر من عشرين باحثاً من العالمين العربي والغربي، ومدار هذا السؤال كان حول سُبل تحقيق عالم أفضل ينعم فيه المسلمون والغربيون على السواء بأسباب العيش الكريم والطمأنينة والسلم والأمان.
وتكمن قيمة هذا الكتاب في تعدد مشارب المساهمين فيه، بالدرجة الأولى. فَهُم فضلاً عن اختلاف مرجعياتهم الحضارية والثقافية والدينية، وانتماءاتهم القومية، وولائهم السياسي، يتميزون كذلك بتنوع تخصصاتهم العلمية وتعدد مهامهم ووظائفهم، إذ وجد من بينهم الدبلوماسي، والسياسي، والباحث، والإعلامي، والمحلل السياسي، والأديب، ورجل القانون. وسيلاحظ قارئ الكتاب أن هذا التنوع في المقاربة، إذا لم يغن التفكير ويعمق النظر في سؤال العلاقة بين الإسلام والغرب، فلا أقل من أنه تنوع يُنبه إلى خطر الاكتفاء بالنظر إلى الأشياء من زاوية نظر واحدة.
لا يخفى ما لسؤال العلاقة بين الإسلام والغرب من أهمية في هذه المرحلة من مراحل التاريخ، خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر۲۰۰۱، إذ ان هذه الأحداث ساهمت في تعميق هوة الخلاف بين الحضارتين، الإسلامية والغربية تحديداً، وفي إمداد نظريات الصراع الحضاري والصدام الثقافي عموماً بوافر الشرعية وإضفاء صبغة العلمية عليها. وإذا كانت الجماهير، قبل هذه الأحداث، تتساءل عن مدى صحة القول بحتمية الصدام بين الحضارات، فإن هذه الجماهير نفسها، خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية، انتقلت بعد الأحداث إلى طرح سؤال آخر مضمونه: لماذا يكرهوننا؟  
وفي هذا الانتقال ما يؤشر إلى أن نظرية الصراع أحكمت طوقها حول العقول؛ إذ لم تعد محط تشكيك أو مساءلة، بل صارت مرجعية معتمدة في إنتاج أسئلة جديدة. ومع هذه الأسئلة الجديدة المتفرعة عن سؤال الصدام والصراع، يبدو أننا مؤهلون للانخراط في ما سمّاه باحث آخر لعبة الهويات القاتلة. مع هذا المنطق وهذه اللعبة يخفى على الإنسان عيب نفسه كما تخفى عليه محاسن غيره، فيتمادى في ذم الآخر حتى يجرده من إنسانيته، كما لا يقتصد في مدح نفسه حتى ينزهها عن الخطأ والنقص الإنسانيين.
بطرح سؤال العلاقة بين الإسلام والغرب، فإن هذا الكتاب يتحدث بوعي في تراث الأمة وعن ضرورة الخروج من مأزق الهويات القاتلة. وإذا وجد هناك من يرى في الاختلاف مدعاة للتطاحن والتنافر والتباعد والتعاند، فإن  الكتاب يرون فيه مدعاة للتعارف والتقارب والتداخل، عملاً بمقتضى قوله تعالى في كتابه الكريم: (يا أيها الناس، إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، فليس في الإسلام، ما يدعو للتصادم والتصارع. كما أن الغرب لا يخلو من عقلاء اشتغلوا على امتداد تاريخ الحضارة الغربية على ردم الهوة الفاصلة بينهم وبين الإسلام.
تكمن قيمة هذا الكتاب في قدرته على تهيئة المناخ النفسي اللازم للتفاكر والتناظر، بعيداً عن أجواء التوتر التي تشهدها الشوارع في العالمين الإسلامي والغربي. وهو ليس فرصة يقتنصها هذا الطرف ليفحم ذاك، بل هو لقاء نخب مسؤولة تجتهد لتعين مكامن الاختلاف والالتقاء بين العالمين، فتحدد سبل تجنيب البشرية مأساة التناحر.
من هنا يمكننا الجزم بأن الكتاب توفق في بلوغ ما كان يرمي إليه انطلاقاً، فهو كتاب يسهم في توسيع آفاق الإدراك لواقع العلاقة بين الإسلام والغرب، كما يُمَكِّن للغة التحاور والتواصل، ويفتح أمام العقل آفاقاً إنسانية واسعة تستوعب الذات والغير .

 

البحث
الأرشيف التاريخي