كتاب الشعائر الحسينية من المظلومية إلى النهوض
عند أول سهم غدر، انطلق نحو معسكر الإمام الحسين(ع) في كربلاء،. ومع دخول قرار التصدي للظلم والفجور إلى حيّز المواجهة المعلنة والمفتوحة،. دخلت الشعائر الحسينية إلى قلب التاريخ والوجدان الإسلامي. فصارت كل كلمة، وكل موقف، كل ذكر وصلاة وجهاد ووداع، جرت في كربلاء… وضمن الخط الذي رسمه الإمام الحسين(ع) تمثل علما ومعلماً من أعلام الحق والنهضة ومقاومة الباطل… بل صارت شعيرة يتعبّد من خلالها الأحرار روح الموقف الثابت في تحدي كل الصعوبات والمخاطر، نصرة لقيم العدالة، وقضايا الحق والتحرُّر…
ومن التاريخ الذي تسطّر بعد شهادة الإمام(ع)، وسبي السيدة زينب(ع)؛ ومواقف العز التي أطلقتها من سرِّ الإيمان واليقين بالله الأحد المقتدر الذي منه يكون كل خير… وعنه لا يصدر إلا الجميل… انتفضت العقيدة والعبادة والإرادة، فكانت “شعائر حسينية” تحفظ الهدف والغاية، وتستحفظ في طيات معناها كل الشهادة والنهضة، ودوام الحياة، وذكر الإسلام. ب”إحياء الأمر”والإحياء فعلٌ متجدد ومستمر لبث الروح، مستديماً من العبر والتأثيرات التي لا تنضب ولا تجف… ولجعل الواقعة رمزا يشير إلى دلالات لا تنتهي.
إن هذا الكتاب ليس كتاباً يؤرخ للشعائر والمراسم الحسينية، وإن استند إلى التاريخ أحياناً لاستجلاء معنىً من المعاني، أو مفهوماً من المفاهيم، كما وأنه لن يعمل على مناقشة بعض الطروحات الافتراضية الجديدة التي اعتمدت على مناهج علم الاجتماع والنفس، لقراءة الشعائر والمراسم العاشورائية بما يخرجها عن أهدافها الإسلامية… وإن كان النقاش مع مثل هذه الاتجاهات، من المواضيع التي يمكن لنا مستقبلا البحث فيها…
إن هذا الكتاب؛ يريد أن يستجلي البعد الإيماني في الإحياءات العاشورائية، كما ويريد التركيز على الدور النهضوي للشعائر الحسينية؛ وذلك عبر دراسة تتألف من ثلاثة فصول:
الفصل الأول: ويتناول معنى الشعيرة في الإسلام، وكيف تتفاعل مع البيئة الإجتماعية والثقافية فتنتج بعض المراسم الخاصة واللصيقة بها؛… ثم تُدرس بعد ذلك الشعائر العاشورائية وعلاقتها بأصل الشعيرة في الإسلام، وما هي تأثيراتها الإيمانية والتاريخية … وتُدرس بالوقت نفسه الخلفية التاريخية_ الدينية للشعائر الحسينية، والتي تتمثل بنهضة الإمام الحسين(ع) وأهدافها…
الفصل الثاني: يُستعرض فيه الشعائر الحسينية بصنوفها الثلاث… ودورها في إحداث التغيير النفسي لدى الملتزم بها، ثم كيف تشكل الهوية الجمعية للمؤمنين بخط الإمام الحسين (ع) …ثم لحظ الهدفية الإبلاغية في الشعائر الحسينية، ومدى الانسجام المنظومي بين هذه الشعائر في رسم مسار النهوض الإسلامي.
الفصل الثالث: يُستعرض فيه بعض الاتجاهات التي كان لها آراؤها في السلوكيات الإحيائية للمراسم والشعائر العاشورائية،… وبعد استعراضها عُمل على تبيان المائز التجديدي الذي طرحه الإمام الخميني (قدس) في التفاعل النهضوي مع الشعائر العاشورائية .
ما يعني أن هذا الكتاب، يدخل في ما يمكن أن نصنفه ب”أدبيات النهوض” الإسلامي بوجهه العام، والنهوض الإسلامي المعاصر على وجه الخصوص.