الفن في خدمة أهل البيت(ع)
عاشوراء بريشة الفنانين
الوفاق/ الأيام العصيبة والأحداث الأليمة تمر علينا وهي ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الأبرار.. ذكرى إستشهاد أبي الأحرار الذي أصبح أيقونة لكل إنسان حر، الإمام الذي أعطى لنا أكبر درس بكلامه "هيهات منا الذلّة"، فضج العالم وأقيمت مراسم العزاء يوم أمس الذي صادف يوم عاشوراء، في جميع أنحاء العالم.
استشهد الإمام الحسين (ع) وكتب في رثائه الأدباء ورثاه الشعراء بأبيات تنبع من قلب محروق وعيون تدمع، فهي كثيرة جداً بل لا يمكن إحصائها عبر العصور المتتالية، أما الفنانون أيضاً لا يتركون إبراز ولائهم لأهل البيت عليهم السلام ويصورون ألمهم وحبهم بريشتهم، حيث ينتجون آثار خالدة عن هذه الحادثة الأليمة، فنتطرق إلى بعضهم.
اللوحات الفنية والاهتمام بعاشوراء
كان الاهتمام بمدرسة عاشوراء وإنشاء أعمال تصف هذا الحدث العظيم دائماً ذو أهمية خاصة، وابتكروا أعمالاً فنية بموضوع عاشوراء، ولعب الفنانون في مجال الفنون التشكيلية دوراً لا يمكن الإستغناء عنه.
لوحة عصر عاشوراء
عندما يدور الحديث عن اللوحات الفنية بموضوع عاشوراء، أول ما يخطر بالبال هو الفنان الشهير الإيراني "محمود فرشجيان" ولوحته الجميلة "عصر عاشوراء" التي تصور ذو الجناح الذي يلتف حوله أهل بيت الإمام الحسين (ع)، لوحة خالدة تُعبّر عن المشهد بصورة جميلة.
من بين الأعمال التي تم ابتكارها في مجال الفنون التشكيلية، تعتبر لوحة "عصر عاشوراء" للفنان محمود فرشجيان من أكثر الأعمال التي تم إنشاؤها في مجال عاشوراء ديمومة، وأصبح العمل الذي مضى عليه سنوات رمزاً فنياً لواقعة عاشوراء.
وأما عن محتوى لوحة عاشوراء يقول فرشجيان: ربما تكون جاذبية هذه اللوحة بسبب غياب الشخصية الرئيسية أي الإمام الحسين (ع) فيها، وهي تجعل الناس يبحثون عن الشخصية الرئيسية التي شكلت هذا الحدث عندما يرون هذه اللوحة، والدموع على عيني الفرس وازدرائه بالأخبار السيئة والحمائم التي لطخت نفسها بدماء الشهيد نوع من رسل الكارثة.
في الوقت نفسه، يمكن أن يكون وجود السيدة زينب (ع) وأولئك القلائل في منتصف اللوحة أحد العوامل التي تجعل هذه اللوحة أكثر جاذبية، ومن وجهة نظر فنية، إذا كانت هذه اللوحة أكثر ازدحاماً، فمن المحتمل ألا تكون هذه الإقامة مرئية في اللوحة.
لكن لوحة "عصر عاشوراء"، بالإضافة إلى الشعور الروحي الذي تمنحه لكل مشاهد، لها سمات فنية عديدة. يعد استخدام الإطار الأفقي من السمات المهمة لهذا العمل، وعلى عكس أعماله الأخرى ذات الإطار العمودي، فإنه يعبر عن نوع من الركود وضيق التنفس.
كما أن التكوين الدائري داخل الإطار الأفقي هو علامة على نفاد الصبر ويعتبر دوران الناس حول المحور تعبيراً عن الحداد.
لوحة "حامل لواء الحق"
بالمناسبة، قام السيد فرشجيان أيضاً بتصوير عملين جميلين آخرين لحدث عاشوراء. لوحة "حامل لواء الحق" التي تظهر صورة أبو الفضل العباس (ع) وهو راقداً على حصان ويغطي علم مكسور وجهه ويده المباركة.
في هذا العمل، يصور حصان ابالفضل العباس (ع) وهو حزين بسبب الجروح التي لحقت براكبه، ويضع كل قوته وقوته على الأرض بيده اليسرى حتى لا يسقط فارسه على الأرض.
في الوقت نفسه، تم تصميم العلم الظاهر في اللوحة بطريقة تغطي جزءاً كبيراً من المشهد، وقد ذكر فرشجيان عن هذا العمل: تم تصوير هذه اللوحة على ورق مقوى بأبعاد 100 × 70 ويذكر جوها الحزين إلى حد ما بلوحة عصر عاشوراء وتحكي مشهد عودة العباس (ع) عندما عاد بدون ماء، بالطبع، في هذه اللوحة، لم أرغب في إظهار يديه.
يرسم في هذا العمل شخصية أبي الفضل العباس (ع)، أن وجهه غير مرئي، لكن الأوراق والعناصر المرئية التي عملت على حدود هذه اللوحة تدل على حزنه.
عمل آخر خالد من أعمال فرشجيان في مجال فن عاشوراء هو لوحة "هدية الحب"، يعود تاريخ إنشاء هذا العمل إلى عام 2002 ، وفيه صور الفنان استشهاد علي الأصغر (ع) بأقل قدر من اللون والشكل.
لوحة "يا ساقي العطاشى"
وهناك فنان ايراني آخر جسد أجمل اللوحات التي تعبّر عن احداث واقعة عاشوراء الامام الحسين (ع)، وهو الفنان الشاب "حسن روح الأمين" الذي رسم لوحة معبرة تحكي عن تضحية ابي الفضل العباس (ع) من اجل حمل الماء الى مخيم أخيه الإمام الحسين (ع) واسماها "يا ساقي العطاشى".
ويجسد واقعة الطف الأليمة، وقد نفذها بتقنية الزيت على قماش الكانفاس وبالأسلوب الكلاسيكي في الرسم بمزيج متجانس من الالوان الحارة والباردة، عمد فيها إلى بناء الأشكال بعناية ودقة عبر استقراء أوصاف الشخصية الكريمة للمولى ابي الفضل العباس (ع) والممثلة لمركز سيادة اللوحة، وقد صوّره وهو يخترق صفوف جيش ابن زياد بكف قطيعة ويحمل الراية بيده الاخرى والقربة معلقة في عنقه في محاولة فنية لمطابقة مضمون روايات الواقعة، فرسوم الطف تعد رسوما روحية فكرية قبل أن تكون رسوما شكلية مادية تنساب خطوط رسومها بتوهجات لونية تميز المقدّس عن المدنس من الاشكال، فهذه اللوحة تحاكي وجدان وضمائر احرار العالم ممن نادوا بحب اهل بيت النبوة سلام الله عليهم، كما أنه له لوحات أخرى منها لوحة "الخيام" وغيرها.
اللوحات الفنية العربية
هناك فنانون قديرون من البلادن العربية حيث أنتجوا أعمال خالدة عن عاشوراء فنذكر بعضها: لوحة "الطريق الى كربلاء"من رسم الفنان العربي "ياسر آل رضوان" وهي لوحة رقمية وليست كباقي اللوحات التي تعبر عن كربلاء المقدسة بل أراد آل رضوان أن يوصل واقعة كربلاء المقدسة لبقية الأديان بالشكل الذي يستطيعون فهمها من خلاله.
ويقول "ياسر آل رضوان": "إن الشخصية هنا قد لا تعبر عن الشهداء في كربلاء فقط بل أنها امتداد لكل شهيد كان هدفه الحفاظ على الدين والوطن، أما العَلم "الراية الحمراء" الذي يظهر في اللوحة يشير إلى استمرارية رسالة الإمام الحسين (ع) وخلودها".
ويسرد آل رضوان في وصفه للوحته، "عندما يتمعن المشاهد في اللوحة يرى وكأن أرض كربلاء شقّت خطاً بين السماء والأرض لكل المجاهدين الشرفاء وأن هذا النهج هو نهج السعادة الحقيقية، والألوان جاءت داكنة في التصميم تعبيراً عن الحزن، والشعلة والنور في الدرب هو الأمل والحق الذي سيظهر يوماً ما ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت جوراً وظلما".
وكذلك للفنان التشكيلي العراقي المعاصر عباس العلاق من محافظة ميسان وقد اختارت العتبة الحسينية هذه اللوحة ضمن مقتنياتها في المتحف الحسيني يقول العلاق عن لوحته : " ان فكرة اللوحة راودتني من عشرة سنوات إلا أن عظمة الواقعة جعلتني أمام مسؤولية كبيرة في أن أباشر بهذا العمل الذي استمر قرابة شهرين لساعات طويلة وكنت اضطر أحيانا للسهر حتى الصباح لكي أتمكن من توصيف الواقعة .
لم أستطع رسم شخص الأمام الحسين واقعا على الأرض لأني لم أتصور الأمام في هذه الحالة مضرجا بدمائه على الرغم من المخيلة التي تملكتني حينها وإنما إشارة لفرس الإمام محاصر من قبل جيش عمر بن سعد".
وأما لوحة رسمت بريشة الفنان اللبناني المعاصر "برنارد رنّو" رسمها بشكل مباشر في افتتاح معرض حكايا الطف عام 2014 الذي نظمه منتدى ألوان في بلدية الغبيري وقد استغرق رسم اللوحة وقتاً قياسياً جداً وهو 30 دقيقة فقط!
كما أن هناك لوحتان رسمهما مجموعة شباب من الفنانين التشكيليين العراقيين من محافظة بابل اثناء زيارتهما الى العتبة الحسينية المقدسة وقد تم رسمهما بالتعاون مع ادارة العتبة.
وأما بانوراما "بطل كربلاء" هي عبارة عن بانوراما محفوظة في متحف بروكلن في نيويورك أطلق عليها الغرب الامريكي اسم "بطل كربلاء" وقد جمعت مشاهد متعددة لواقعة الطف تم رسمها حيب تقديرات الخبراء أواخر القرن 19 اوائل القرن 20 اواخر حكم الدولة القاجارية في ايران وهي لوحة زيتية تحمل توقيع عباس الموسوي.