عاشوراء.. ذكرى استشهاد الإمام الحسين(ع) رمز الرحمة والحكمة والنزاهة
سيد الشهداء(ع).. نبراس الأمة وسفينة النجاة
الوفاق/ القلب يعتصر من الألم.. العيون تُدمع.. والأفواه تردد "يا حسين (ع)".. ما هذه المصيبة العظمى؟.. خطوة خطوة نقترب من اليوم العاشر من شهر محرم الحرام الذي هو ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهل بيته عليهم السلام وأصحابه، واقعة الطف التي تعتبر من أكبر الأحداث الأليمة عند البشرية جمعاء وخاصة المسلمين وجميع أحرار العالم، حيث نشهد منذ بداية هذا الشهر إقامة مجالس العزاء في مختلف أنحاء العالم وهناك حشد عظيم من محبي أهل البيت عليهم السلام يتوافدون على مرقده في كربلاء المقدسة، الحرقة التي بقيت في قلوبنا جيل بعد جيل حتى يوم الدين، وهو رمزاً للثورة والنهضة الإنسانية.
على أعتاب عاشوراء وذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه الأبرار في معركة كربلاء المقدسة، فبهذه المناسبة الأليمة نقدّم التعازي لعموم المسلمين والأحرار في جميع أنحاء العالم، من الديانات المختلفة، بما أن الإمام الحسين (ع) لا يختص بالمسلمين، بل نرى أن المسيحيين وحتى أصحاب الأديان السماوية الأخرى أيضاً يقومون بتقديم العزاء لسيد الشهداء (ع) وأبي الأحرار، فما سر هذه الجاذبية؟ من هو الإمام الحسين (ع) الذي جُنَّ به كل العالم.
سيد الشهداء(ع)، نبراس الأمة وسفينة النجاة. انه الامام الحسين بن علي عليهما السلام حفيد النبي محمد (ص)، وكان الإمام الحسين (ع) زعيماً معروفاً بالرحمة والحكمة والنزاهة.
بدأت معركة كربلاء المقدسة ظهر يوم العاشر من محرم الحرام حيث توافد الرجال ببسالة وشجاعة من معسكر الحسين للقتال ضد جيش يزيد واحداً تلو الآخر حاربوا وسطّروا مشاهد بطولية في الدفاع عن الإسلام وحفيد النبي (ع)، واستشهدوا حتى بقي الإمام الحسين (ع) في نهاية المطاف وحيداً على أرض المعركة، واستشهد بطريقة بكت له الأرض والسماء وسكّانها.. فنادت "واحسيناه"، ومع أن الإمام الحسين (ع) استشهد في المعركة، إلا أنه كان منتصراً من خلال مبادئه حيث أثارت تصرفاته والموقف الذي أدلى به في كربلاء المقدسة سلسلة من الإنتفاضات الصغيرة ضد نظام يزيد المستبد مما أدى إلى انهياره.
ركضة طويريج وتسميتها
هناك تقاليد ثقافية تقليدية ومجالس عزاء عريقة تُقام منذ القِدَم وفي كل سنة لعزاء الإمام الحسين (ع) وأهل بيته عليهم السلام وأصحابه الأبرار، أما قصة "ركضة طويريج" شيء آخر!
تمثل ركضة طويريج واحدة من اكبر التجمعات البشرية التي تحدث حول العالم وتقام سنوياً ظهر يوم العاشر من محرم لإحياء مراسيم استشهاد الامام(ع)، ويشارك فيها ملايين الزوار العراقيين والعرب والأجانب من مختلف أنحاء العالم وتنطلق من منطقة قنطرة السلام في كربلاء المقدسة باتجاه مرقد الامام الحسين (ع) وسط المدينة القديمة بطول يصل الى 2 كيلومتر ويزداد المشاركون فيها عام بعد آخر، ويردد المشاركون في ركضة طويريج شعارات "لبيك يا حسين (ع)" في استجابة لنداء الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء "هل من ناصر ينصرني".
"ركضة طويريج" تبدأ بالركض من منطقة طويريج، وتنتهي بالوصول إلى مرقد الإمام الحسين (ع)، وأثناء مسيرة الركض هذه، يردد الأشخاص هتافات وعبارات تظهر ولاءهم للإمام الحسين (ع)، وتعبّر عن ألمهم العميق وحزنهم الشديد على وفاته، وقد سميت بهذا الإسم نسبة إلى المكان الذي بدأت به وهو قنطرة السلام في منطقة طويريج التي تبعد عن مدينة كربلاء حوالي 22 كيلومتراً.
يردد المشيعون في ركضة طويريج بعض العبارات التي تدل على حزنهم على وفاة الإمام الحسين (ع)، وتؤكد على حبهم له ونصرتهم إياه، وعندما يصلون إلى قبر الإمام الحسين (ع)، فإنهم يرددون أبيات خاصة بهذه الركضة، والأبيات هي:
ركـضـة طـويـريج من يمحيها
والإمـام الـمـهـدي يحظر بيها
ركـضـة طـويريج توجها الفخر
لـلـوفاء والتضحية شبيها صور
مـا يـمـاثـلها عزاء بكل الدهر
تـنـور حاضرها بشمس ماضيها
مـنـهـا صرخة ويا حسين ترتفع
صـرخـة حتى العرش منها ينفجع
مـستحيل ها الركضة هاذي تمنع
الله يـخـذل كـلـمـن يعاديها
إلـهـا رايـة ارتفعت بعلو النجوم
مـا يـهـمـنا اللي يعارضنا ويلوم
يـروي هـذا الخبر عن بحر العلوم
الـمـهـدي بـيـها دمعته يجريها
كيف تأسست هذه المراسيم؟
مرّت هذه المراسيم كغيرها من الشعائر الحسينية بمراحل من التقييد والمنع حتى وصل الحال بممارسيها إلى التخفي وإقامتها بشكل عشوائي خوفاً من تعقب السلطات الحاكمة التي فرضت حظراً على إقامة هذه المراسيم.
ويقول المؤرخ الكربلائي "سعيد رشيد زميزم": "إن تأريخ تأسيس هذا العزاء في احد الروايات سنة 1855ميلادية وفي رواية اخرى سنة 1872ميلادية اي يكون عمر هذا الموكب قد ناهز الـ 150 عاما".
ويضيف: "مؤسس هذا العزاء هو أحد أعيان مدينة كربلاء المقدسة في قضاء الهندية (طويريج) الذي كان يدعى "ميرزا صالح القزويني" حيث كان يقيم مجلس عزاء خلال العشرة الأولى من محرم الحرام في داره وبعدها استقل فرسه مع مجموعة من محبي اهل البيت عليهم السلام وبدأوا بالركض مرددين كلمات ولائية حسينية وما ان شاهدهم اهالي كربلاء المقدسة حتى شاركوهم في العزاء".
ويشير "زميزم" إلى انه "عندما وصل ميرزا صالح القزويني والمعزين معه إلى منطقة باب طويريج قنطرة السلام فأقاموا صلاة الظهر وبعدها انطلقوا مجددا لتأدية مراسيم عزاء ركضة طويريج بدءاً من طريق طويورج باتجاه سوق ابن الحمزة احد اسواق مدينة كربلاء القديمة مرورا بسوق الصفارين والعلاوي وبعدها الى سوق الخفافين ثم الى ضريح الامام الحسين (ع) وتوجهوا إلى اخيه ابي الفضل العباس عليه السلام".
ويمضي بالقول: "بعد ان دخلوا ضريح المولى ابا الفضل العباس (ع) توجه الموكب الى مكان المخيم الحسيني الشريف وهناك أعد اهالي كربلاء خيمة لحرقها استذكارا لما قام به جيش يزيد من حرق خيمة الامام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه يوم عاشوراء".
عاشوراء الصمود والإيمان
يتسامى يوم عاشوراء بروحانية خاصة تنبع من قلوب المسلمين، وحري بنا أن نقيم مراسم العزاء والعويل في ذكرى استشهاد الإمام في كل عام، فهو ليس كأي شهيد عادي، فقد كرمه الله عزّوجلّ بسمات لا يتسم بها بشر غيره، فقد كان أقرب الناس خلقاً وخُلقاً من رسولنا الكريم، فلنستلهم من عاشوراء الصمود والإيمان، ولنكن مع الحق والعدل حتى النهاية، ويتوافد الملايين من كل نواحي العالم لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) وأصحابه في كربلاء المقدسة، فصلى الله عليك يا أباعبدالله.. السلام على الحسين (ع) وعلى علي بن الحسين (ع) وعلى أولاد الحسين (ع) وعلى أصحاب الحسين (ع).