الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وتسعة وثمانون - ٢٢ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وتسعة وثمانون - ٢٢ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

من شهداء صناع أسطورة تموز... السيد أمير ابراهيم فضل الله

الوفاق/ خاص
ذات يوم من أيام الله، خطّ التاريخ سيرة أبطالٍ شهداء، عاصرت بنادقهم مختلف المعارك منذ البداية، ولازمت سيّرهم انتصاراً تلو الانتصار. تدرجوا في عملهم الجهادي حتى الثاني عشر من تموز 2006م، موعد اللقاء مع الشهادة الذي قلق الكثيرون منهم تفويته بعد اندحار الاحتلال عام 2000. وقفوا أمام عدوان همجي أسال الدمار واغتال البراءة والأحلام وهدم البيوت والقرى، وقفوا لوضع حد لعنجهية محتل تكسرت أمامهم، تحدوا الموت بالموت وأكملوا مسيرة لطالما حلموا فيها لنيل إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة وما بدلوا تبديلاً.
" الوفاق" تروي بعضاً من حكايا شهداء ومجاهدي الوعد الصادق الذين شاركوا في صد عنوان تموز، منهم من استشهد على أرض الجنوب، ومنهم من ارتقى في ساحات أخرى، على الدرب نفسه، استقت الصحيفة معلوماتها في روايتها لهذه الحكايا من جمعية "إحياء" لأثار الشهداء في لبنان، تتناول مقالة اليوم الشهيد السيد أمير ابراهيم فضل الله:
الشهيد محور العائلة
وُلد الشهيد السيد أمير فضل الله (السيد جهاد)  في بلدة عيناثا الجنوبية، في العاشر من شهر آذار من العام 1971م. وقد سُمِّي "أمير" تيمناً بلقب أمير المؤمنين(ع) .
نشأ الشهيد وعاش طفولته في بلدته عيناثا، في كنف أسرة متديّنة محافظة جداً على الالتزام الديني، فكان يصلّي وهو في السابعة من عمره، وتميّزت طفولته عن سائر أترابه، بفضولٍ شديد للمعرفة وقد استفاد من علوم جدّه لوالده الذي كان يسكن مع الأسرة في المنزل ذاته، الذي جعله أشبه بحوزة علمية، من خلال الدروس التي كان يعطيها فيه.
ونتيجة لوعيه المبكِّر، كان الشهيد يُعدُّ محورَ البيت لدى جميع أفراد أسرته، وكان يعشق صحبة شقيقه الشهيد أحمد، فلا يفارقه سواء أكان ذلك في المنزل أو الحقل أو حتى في المدرسة، حيث كانا يجلسان معاً على مقعد دراسي واحد.
وعيٌ جهادي مبكر
عاش الشهيد وإخوته في ظل الاحتلال الصهيوني، فتربّى على مبدأ العداء الشديد للاحتلال وعملائه، وهذا ما جعله يكون في المقابل عاشقاً للجهاد؛ فمنذ أن كان في عمر الاثنتي عشرة سنة، ترجم عشقه برفقة شقيقه أحمد، برشق الدوريات الإسرائيلية بالحجارة، ونشر المسامير على الأرض قبل مرورها لتعطيل آلياتها. وهذا الأمر كان قد أدّى إلى اعتقالهما لعدّة أيام في مركز الـ 17 في بنت جبيل إبّان الاحتلال.
عانى الشهيد وإخوته كثيراً من العمالة الموجودة في البلدة، وبرزت هذه المعاناة بشكلٍ واضح مع بدء التزامه بالواجبات الدينية عند سن التكليف.
فكلما ذهب إلى المسجد مع شقيقه أحمد لأداء الصلاة، وقراءة الأدعية الأسبوعية بصوتهما، كان العملاء يعمدون إلى ملاحقتهما، لكنَّ ذلك كله لم يُعق الشهيد عن الارتياد الدائم للمسجد، هذا فضلاً عن مواظبته على صلاة الليل، حتى في برد فصل الشتاء القارس جداً.
الهجرة إلى بيروت بسبب ملاحقة العملاء
في العام 1986م،اعتقل لمدة يومين في سجن بنت جبيل بسبب كتابة شعارات على الحائط في البلدة ضد العدو الصهيوني، وعند اطلاق سراحه غادر الشهيد بلدته التي يحب، متوجهاً إلى العاصمة بيروت، حتى لا يجبر على التحاق بمليشيا العملاء كما كانوا يفعلون مع عنصر الشباب. ومن هناك بدأت انطلاقته في العمل المقاوم، وعُرف بهمته العالية بحيث حرص على تنفيذ كل ما كان يُطلب منه.
عائلة مقاومة وصامدة
شاء القدر أن يكون العام 1999م مؤلماً للشهيد أمير، إذ فقَدَ فيه حبيبه وصديق طفولته وشقيقه أحمد، الذي استشهد في موقع "حداثا" في السابع والعشرين من شهر تموز من العام 1999م، وقد اعتقلت والدته على إثر الاستشهاد من قِبل العملاء واقتيدت إلى معتقل الخيام، فيما عُذِّب الوالد الذي كان يعاني من ضعفٍ في البصر وأُبرحَ ضرباً، ووُضع في مكانٍ يدفنون فيه الأحياء، إلى أن مرَّ أحدهم وأنقذه.تزوج الشهيد أمير في العام نفسه (1999م)، وأنجب طفلاً. وقد اتسمت حياته الزوجية بصبرٍ وزهدٍ شديدين، بحيث لم يكن يملك أدنى مقومات الحياة، فأغلب طعامه كان خبزاً فقط. وأما المسكن، فكان غرفةً واحدةً، قسّم شرفتها إلى مطبخٍ وحمام، ليتأسّى في ذلك بالإمام علي(ع)  في شظف عيشه.
عاد الشهيد السيد أمير إلى بلدته عام التحرير (2000م)، وصار يساعد والدته في زراعة التبغ، إضافةً إلى عمله الجهادي، وكان اليد اليمنى لها في كل شيء.
التحام مباشر مع نخبة قوات العدو
عندما بدأت حرب تموز 2006م، كانت بلدة عيناثا إحدى قرى المواجهات البطولية. وحاول السيد أبو أحمد إقناع زوجته بمغادرة البلد، لأن المنزل كان مستهدفاً، لكنها أبت وأصرَّت على الصمود جنباً إلى جنب مع المجاهدين.
وكان للشهيد أمير شرف المشاركة في المواجهات بكل بسالة، وبكفاءة عالية في القتال، حيث ظلّ ينادي الإخوان: [أعطوني أثقل سلاح لأواجه به الأعداء].
ولدى إنزال العدو جنود النخبة من لواء "غولاني" بالقرب من مهنية بنت جبيل، الذين قُدِّروا بحوالي السبعين جندياً، التحم الشهيد وجهاً لوجه متصدّياً لجنود النُخبة بكل شراسة، إلى أن حلَّ غروب يوم السابع والعشرين من شهر تموز.
في تلك الساعة، خاض الشهيد مع مجموعة من إخوانه اشتباكاً عنيفاً ضد جنود العدو، عند "مربع التحرير"، فتمكنوا من إيقاع أكثر من اثنتي عشرة إصابة في صفوفه بين قتيل وجريح، وأثناء تراجع المجموعة تعرّضت لقصف معادٍ عنيف، فأصيب الشهيد في بطنه إصابة مباشرة أدّت إلى استشهاده، وقد استشهد معه في تلك المواجهة عددٌ من المجاهدين، بتاريخ السابع والعشرين من شهر أب من العام 2006م.
في جنة الخلد كان اللقاء
في اليوم السابق لاستشهاد  الشهيد أمير أغار الطيران فجرًا على مكان تواجد أمه، وأخته "العروس" زهراء التي كان مقرراً موعد زفافها في أيلول من العام نفسه، وزوجته، وطفله خضر ابن الأربعة أعوام، فاستشهدوا جميعاً، ليجتمع شمل العائلة به مجدداً في جنة الرضوان.

البحث
الأرشيف التاريخي