افريقيا قارة الفرص
تتمة المنشور في الصفحة 1
بالتزامن مع الانتصار المجيد للثورة الإسلامية الإيرانية، تغيرت تماما النظرة الضيّقة لسياسة نظام الطاغوت السابق الخارجية تجاه إقامة علاقات مع عدد قليل من الدول الأفريقية - والتي كانت تعتمد أساسا على تعزيز العلاقات مع المعسكر الغربي في تلك القارة. في هذه الحقبة الزمنية من عمر الثورة الاسلامية، ووفقا لطبيعة وروح الحرية ومناهضة الاستعمار، أولت الجمهورية الإسلامية الإيرانية اهتماما خاصا لإقامة علاقات مع البلدان الأفريقية. كما أن العلاقات الثقافية التاريخية القديمة والقواسم المشتركة الدينية للشعب الإيراني مع الدول الأفريقية، وخاصة مع دول شرق وجنوب إفريقيا، تعبّد أساساً متيناً لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية لإيران مع هذه القارة. بطريقة يُفضي معها هذا النهج الى ترسيخ العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية مع معظم دول هذه القارة على نطاق واسع.
لابد لنا أن نقول بأنه ورغم تاريخ هذه القارة المُتذبذب، الذي تمخّض عن المنافسة المُحتدمة بين الشرق والغرب بداخلها، إذ واجهت العديد من المشاكل بما في ذلك الفقر والحرمان، إلاّ أن هذه القارة لا تزال لديها إمكانات كبيرة من الناحية السياسية والاقتصادية والمكونات الثقافية ولها سمات فريدة. لهذا السبب تم ذكر أفريقيا في الأدبيات السياسية في العالم بسبب قدراتها الاقتصادية العالية؛ من بين العديد من الموارد البشرية والطبيعية، لقب "قارة الفرص".
نظرا الى هذه الأهمية بات بالنسبة الى الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة التطوير الشامل وتعميق العلاقات مع دول هذه القارة، لا سيما في جميع المجالات ، أولوية مهمة في العلاقات الخارجية الإيرانية. وتماشياً مع هذه السياسة، تم وضع تطوير العلاقات في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والدولية بمزيد من القوة والجدية بما يتماشى مع المصالح المشتركة على جدول الأعمال. إذ تحاول الحكومة الثالثة عشرة استغلال هذا العنصر لتطوير العلاقات الاقتصادية إلى جانب العلاقات السياسية من خلال التركيز على القدرات الاقتصادية المشتركة لإيران وأفريقيا. في هذا الصدد عقدت أربع لجان مشتركة للتعاون الاقتصادي مع الدول الأفريقية العام الماضي وحده، وتم توقيع ما يقرب من 50 وثيقة، وتم تبادل 83 وفدا سياسيا واقتصاديا وثقافيا بين إيران والدول الأفريقية.
إستناداً على ما ذكرناه سالفاً توجّه جناب الدكتور السيد ابراهيم رئيسي رئيس الجمهورية الموقّر، وبغية تعزيز العلاقات مع الدول الصديقة ومن أجل تنويع وجهات التصدير وخلق مجالات للتعاون السياسي والتجاري، الى دول "كينيا وأوغندا وزيمبابوي" بدعوة رسمية من رؤسائها، في جولة سريعة تستغرق ثلاثة أيام بدأها يوم أمس الثلاثاء 11 يوليو. هذه هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى القارة الأفريقية منذ 11 عاما. بطبيعة الحال، ستتم هذه الجولة بهدف تعزيز التعاون النشط والفعال مع دول القارة الأفريقية وزيادة تفعيل تطوير العلاقات مع هذه البلدان. وفي حال تحقّق هذا الأمر، سيكون للجمهورية الاسلامية الايرانية موطئ قدم جيد في اقتصاد هذه القارة مع الحجم الهائل للاقتصاد المتنامي فيها. إذ يعد نقل العلوم والتكنولوجيا المحلية لإيران أحد أولويات التعاون مع هذه القارة.
بشكل عام، تتمثل الإستراتيجية الحالية للجمهورية الاسلامية الايرانية إزاء دول القارة الأفريقية في تعميق العلاقات الاقتصادية القائمة على التعاون بين محور "جنوب – جنوب". لحسن الحظ، شهدنا العام الماضي نمو التبادلات مع هذه القارة، ونتيجة لنهج الدبلوماسية الاقتصادية لحكومة الشعب، تضاعف حجم التبادل التجاري لإيران مع إفريقيا.
في ظلّ الوضع الماثل، رسمت الجمهورية الاسلامية الإيرانية سياستها الخارجية على أساس التفاعل قدر الإمكان مع دول القارة الإفريقية، وعلى هذا الأساس تحاول تطوير علاقاتها الخارجية بشكل متوازن ومتناغم وشامل مع الدول المهمة في هذه المنطقة. لقد أثبتت ايران دائما أنها كانت وستظل شريكًا موثوقا به للدول الأفريقية. ولتحقيق هذا الهدف بشكل أكبر، تستمر في وضع استراتيجيتها للسياسة الخارجية للتعاون طويل الأمد مع القارة الأفريقية، وتمد يدها للصداقة والتعاون نحو جميع الدول الأفريقية، ومن المؤمل أن تتمخّض عن زيارة رئيس الجمهورية إلى القارة الأفريقية اتفاقيات لتطوير التعاون المشترك بين إيران وإفريقيا، وخاصة في المجالات الاقتصادية المختلفة. ستكون الوجهة التالية لزيارة رئيس الجمهورية الموقّر إلى القارة الأفريقية هي جنوب إفريقيا في القريب العاجل.