الحرب الأمريكية الناعمة على حزب الله
الوفاق/ وكالات
شرع حزب الله منذ انطلاقته في العام 1982م، بالعمل على بناء حركة مقاومة ضد العدو الصهيوني، والتي استطاع من خلالها بحلول 25 أيار من العام 2000م، تحرير أغلب المناطق التي سبق للعدو أن احتلها من جنوب لبنان، إلى جانب تحريره الأسرى والمعتقلين، والأهم من ذلك ، أنه حرر الإرادة المقاومة لدى شريحة واسعة من اللبنانيين، فتهاوى الاحتلال وكل ما بناه طيلة عقود من الزمن، وذلك، دون أن يلتزم لبنان بتنازلات تنتقص من سيادته.
ومن ثم راح حزب الله ، يعمل على امتلاك قدرات رادعة تمكنه من المساهمة الجادة في حماية إنجاز التحرير، وحماية الموارد على اختلافها، وتوفير الاستقرار اللازم لإطلاق ورشة الإنماء في المناطق اللبنانية المحاذية للكيان الصهيوني، بشكلٍ خاص، وفي لبنان بشكلٍ عام.
فصار بالامكان القول، إنّ ما تحقق هو نصر عربي فريد من نوعه على الكيان الصهيوني المصطنع، أحدث هذه النصر حالاً من الرعب لدى الأنطمة الاستكبارية ، سيّما في أمريكا ولكيان الصهيوني وعدد من الأنطمة العربية، فكان عدوان تموز عام 2006م أولى المحاولات لطمس هذا الانتصار وإلغاء مفاعيله، ولمّا فشل العدوان بقواه الصلبة من تحقيق غاياته، ارتفعت وتيرة الاعتماد على القوة الناعمة، وفي هذا السياق تقول مدرسة القوات البحرية الامريكية للدراسات العلياnaval) :(" إنّ حزب الله سوف ينتصر في أي حرب عسكرية مباشرة، لكن احتمال خسارته وارد في حروب ومواجهات غير عسكرية، بالاعتماد على برامج وعمليات وجهود إعلامية ونفسية وفكرية وسياسية واقتصادية وثقافية تتسم بالطابع التدريجي الناعم غير المباشر".
وهكذا باتت الإدارة الأمريكية وأعوانها اليوم، يضعون النيل من القوة الناعمة لدى حزب الله في رأس قائمة أهدافهم بغية توافر البيئة المناسبة لاستمرار هيمنتهم على لبنان والمنطقة، سيّما، لحاظهم تنامي حال المقاومة عسكريًا، على الرغم من الجهود التي بذلوها -صلبة كانت أم ناعمة- لمحاصرة هذه الحال والقضاء عليها على مدار عقود من الزمن.
ويبدو للعلن إدراك الإدارة الأمريكية بأن أدواتها للسيطرة والهيمنة على حزب الله، لم تعد تجدي نفعها المعهودة، نتيجة لبروز متغيّر جديد في المنطقة، وهذا يعني أن حال المقاومة بات يتعلق بمنظومة فكرية وقيمية عصيّة بمفاعيلها أمام المنظومة المغايرة للغرب، والتي لطالما تباهى بقوتها وقدرتها على اختراق المجتمعات وتغييرها. لذلك، فإن النيل من النموذج الذي يسعى حزب الله إلى تأكيده وتأصيله لدى مجتمعات المنطقة، باتت مدخليته بالنسبة للأمريكي، تشويه البعد القيمي لهذا النموذج.
في هذا السياق أعد مركز الحرب الناعمة للدراسات كتابًا بعنوان "الحرب الأميركية الناعمة على حزب الله"، يدرس الاستراتيجية والأدوات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية ضد حزب الله، والتي ترتكز على القاعدة الشعبية الحاضنة للحزب بالتوازي مع تركيزها على أطره التنظيمية. وكشف الكتاب عن التخبط والإرباك الذي تعاني منه الولايات المتحدة وأعوانها والذي بدا جليًا في حجم النتائج الضئيلة مقارنة بضخامة الانفاق والجهود المبذولة.