الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وتسعة وخمسون - ١٥ يونيو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وتسعة وخمسون - ١٥ يونيو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

الأدب فوق التاريخ.. أولاد الغيتو رواة النكبة (2-2)

عايدة فحماوي
أكاديميّة فلسطينيّة
الحاضرون الغائبون
يطرح آدم ومعه المؤلّف المضمر السؤال الّذي يؤرّق كاتب هذه الحكايات: "كيف يكتب الغائبون؟ أيستطيع الغائب أن يروي حكايته بضمير الأنا، فيكتب كمَنْ يتذكّر، أم عليه أن يلجأ إلى ضمير الغائب يكتب بدلاً عنه؟".
إنّ معضلة المؤلّف في كتابة حكايات النكبة بدلاً عن أهلها، حيث يلامس خوري أقسى قوانين المحو الإسرائيليّة التي تلغي الفلسطينيّين رغم وجودهم، فيقول على لسان آدم: "المشرّع الإسرائيليّ، الّذي استنبط كلمة الحاضر- الغائب، كان عبقريّاً لأنّه تجاوز خيال جميع كتّاب مسرح العبث؛ فحوّل اسم شعب كامل إلى عنوان للعبث".
لكنّ خوري يكسر معادلة المشرّع اللغويّة؛ إذ يستحضر هؤلاء "الحاضرين الغائبين" عبر اللغة، ويبني شخوصاً من لحم ودم، تتحرّك على مسار السرد، وتحكي حكايات التهجير والمعاناة والألم؛ لتتراكم أمام آدم، "شهرزاد" النكبة.
رغم أنّ النكبة هي حكاية الحكايات في هذه الرواية، إلّا أنّ خوري "لا يستطيع أن يروي الحكاية بصدق، ما لم يأخذنا إلى الحكايات التي تقع خلف حكايته".
 ربّما لهذا "يُدرج قصّة الّذين احتلّوا أرضه وشرّدوه في قصّته، هو قصّتهم لا تتّسع لنا، أمّا قصّتنا فتتّسع لنا ولهم وللجميع" (ص 118).
قد نتّفق مع خوري أو نختلف، لكنّه يحاول صوغ حكاية التاريخ، لا كتابته، والقول إنّ الضحايا حين لا يتمسّكون بأخلاقيّاتهم قد يتحوّلون إلى جناة، وإنّ اللغة عليها أن تقف حارساً على الحقيقة لإثبات الحقّ، وبهذا؛ يكمن الدور الأخلاقيّ لأصحاب اللغة؛ أو بكلمات إديلمان "الحياة (...) أن نقاوم الموت مع أنّنا كنّا نعرف أنّنا سنموت (...)، على الموتى أن يدافعوا عن كرامة موتهم (...)، لم ولن أغادر لأنّه يجب أن يبقى أحد هنا كي يؤنس الموتى" (ص 266)،  وهو بذلك كأنّه صوت الفلسطينيّ الحيّ الباقي اليوم فوق أرضه.
إلياس خوري الّذي خطّ وشمه فوق أدبيّات النكبة، والّذي استطاعت روايته "باب الشمس" أن تتحوّل من ورق الكتابة إلى قرية فلسطينيّة على أرض الواقع، يوظّف جوهر اللغة حارساً على الروح الإنسانيّة. إذا كانت شخصيّة آدم دنّون هي مركز الرواية فإنّ النكبة تمثّل مركز المأساة، والانتصار لحقّ الفلسطينيّين انتصار للأخلاق.
وإذا كانت البلاهة اسماً آخر للبراءة واستعارة للضحيّة (ص 227)، فإنّ الحكايات المأساويّة والحوارات الفكريّة تجلّي لنا قيمة الحقيقة التي تقود إلى الحقّ؛ "فالحقيقة لا تصنع فنّاً، ولكنّ الفنّ أيضاً لا يصنع حقيقة. يجب أن يكون الفنّ توأم الحقيقة. وعندما تجتمع الحقيقة بالفنّ نصل إلى التعبير عن تجربتنا الإنسانيّة" (ص 357)، وهكذا فقط يعلو "الأدب فوق التاريخ".
 

 

البحث
الأرشيف التاريخي