في تقرير خاص للوفاق:
يجب دراسة التعاليم الدينية بهدف بناء الحضارة الإسلامية
أقيمت ندوة إفتراضية برعاية ممثلية القائد للثورة الإسلامية في شؤون الحج والزيارة وشارك فيها ما يقارب ٨٠ مفكر وجامعي لدراسة مفهوم الحضارة الإسلامية وألقى كلماتهم كل من ممثل الولي الفقيه في شؤون الحج والزيارة السيد عبدالفتاح نواب والمتحدث باسم دار الإفتاء العراقية الشيخ عامر البياتي وعضو الهيئة العلمية لجامعة كاشان الدكتور عباسي مقدم والمفكر اللبناني الشيخ محمد الزعبي.
علاقة الثقافة والحضارة
قال ممثل قائد الثورة الإسلامية في شؤون الحج السيد عبدالفتاح نواب أثناء إلقاء خطابه: إنّ الثقافة عبارة عن مجموعة من التقاليد والعادات والفضائل وسنن يحترمها ويعيش على أساسها شعب أو مجتمع أو عشيرة ، والحضارة عبارة عن الإقبال على الإسكان في المدن وتطوير الوضع المعيشي فالثقافة والحضارة متلازمتان في بعض الشؤون ومفترقتان في البعض الاخر.
وتابع: إنّ الحضارة تأتي نتيجة تكامل الثقافة وتطوّرها وتنفيذ القوانين والإنضباط الإجتماعي فكلّ شعب يحترم القوانين والفضائل الإجتماعية هو أقرب إلى الحضارة لأنّه يبتعد عن البدوية ويتقدم في مساره الصحيح ونتيجة هذا الأمر يحمل أصحاب الكفاية مسؤولياتهم ويقودون مجتمعاتهم نحو الإصلاح والتقدم.
الخطوة الثانية للثورة الإسلامية
وأشار نوّاب إلى فقرة من رسالة الإمام الخامنئي حفظه الله تحت عنوان "الخطوة الثانية لإنتصار الثورة الإسلامية" وقال: وفق ما أشار إليه الإمام الخامنئي تمّ تحقيق ثلاث مراحل من بناء الحضارة الإسلامية الحديثة في إيران وهناك بقيت خطوتان يجب إتخاذهما في المستقبل حتّى نتمكّن من إقامة الحضارة الإسلامية الحديثة وهذا الأمر برغم أنّ الأعداء يُلقون بثقلهم كي يتصدّون لقطار الثورة الإسلامية في طريق تحقيق حضارتها الإسلامية.
وأضاف: إنّ جميع الثورات والنهضات الشعبية واجهت تحدّيات شكّلها الأعداء لكسر إرادتها والجمهورية الإسلامية لا تُستَثنى منها بل إنها واجهت عقوبات وتحدّيات وصعوبات أكثر من جميع الثورات وإنّ هذه المشاكل قد فُرضت عليها من قوى الشرق والغرب وحتّى بدعايات مُزيّفة، قدّموا الثورة كتهديد للعالم وكل هذه الافتراءات جاءت على عكس ما يريدون لأنّهم قد عرفوا ان قوة الثورة الإٍسلامية وتعزيز بنيانها لايعني إلّا كشف مؤامراتهم وخباثاتهم. وجاء الحصار الذي فُرض على إيران شعباً ودولة في السياق ذاته.
تعاليم الإسلام والحضارة الإسلامية
وقال الشيخ عامر البياتي وهو المتحدث الرسمي بإسم دار الإفتاء العراقية: إنّ الثقافة المتكاملة عادة تُؤدّي إلى تشكيل الحضارة والمدنية وهناك إنجازات معنوية ومادية نتيجة هذا التكامل. والثقافة تنقسم إلى قسمين الأولى وهي الثقافة الأصيلة والأخلاقية التي لها جذور في تعاليم الدين الإسلامي الحنيف والثانية هي الإبداعات البشرية الحداثوية والتي أُمر الناس بإحيائها وبذل الجهود لتحقيقها.
وتابع: إنّ تعاليم الدين إسلامي جاءت لتُخاطب جميع أتباع الأديان وأبناء البشر وهذه التعاليم تخدم المجتمعات في سياق بناء الحضارات والوصول إلى منظومة كاملة للتعايش والتقدم.
وأضاف البياتي: هناك أربعة أركان للحضارة والثقافة الإسلامية وهي التوحيد والعدالة والعلم والإسلام. الدين الإسلام دائماً يُشجّع البشر على التنمية العلمية والثقافية وعرض الدين تأثيراته على كافّة المجالات العلمية والفضائية والتقنينية والطبية والهندسية والإعمارية.
٤الآف أوروبي يُسلمون في كل سنة
وأِشار البياتي إلى المؤامرات التي مارسها الأعداء بحق الشعوب المسلمة وقال: هناك مؤامرات كثيرة مورست في حق المسلمين حتى الآن ولكن لم تكن المؤامرات إلا لصالحهم المسلمين بفضل الله حيث تؤكّد التقارير أنّ هناك مايقارب 4 آلاف إنسان يُقبل على الإسلام فقط من القارة الأوروبية. إنّ سرّ إنتصار الثقافة الإسلامية الأصيلة هو حسن المعاملة مع الآخرين والإهتمام بموضوع العدالة والمساواة بين أبناء البشر.
الفارق بين الإنسان والحيوان
وبدوره قال الشيخ محمد الزعبي وهو عالم ومفكّر لبناني : إنّ الثقافة تُعتبر أمراً يُميّز بين الإنسان والحيوان و هي الفارقة الرئيسية بين الإنسان وبقية الموجودات على الكرة الأرضية والثقافة هي التي تجعل الإنسان على أعتاب تشكيل الحضارات.
وأشار إلى الدور السلبي الذي لعبه المستعمرون في العالم وقال: هناك كانت ثورات أصيلة وكثيرة جداً جاءت لخدمة البشرية ولكن لم يسمح لهم المستعمرون أن ينجحوا وذلك في ضمن سياساتهم الخبيثة والتوسعية لأنهم أرادوا أن يفرضوا سياساتهم على الشعوب حتى يسيرون على نهجهم.
الحضارات الإسلامية والمستعمرون
و في تشبيه قال: المستعمرون تعاملوا مع الشعوب المستضعفة كرجل نصّاب يريد أن يحتال على شاب يملك إرثاً كبيراً فمن اجل نهب ثروته يتقرب منه ويخدعه ويُفقره حتى يجوع. نفس السياسة الخبيثة مورست من قبل الغربيين المستعمرين بحق الشعوب الأفريقية.
أوروبا وإغتنام فرصنا
وتابع الشيخ محمد الزعبي و هو مسؤول عن مكتب التبليغ لحركة التوحيد في لبنان: حينما نراجع تأريخنا الإسلامي نجد علماء كثيرين قد ساهموا في تطوير وتقدم العالم كجابر بن حيّان الذي كان من تلامذة الإمام الصادق عليه السلام. للأسف الشديد البعض في حكومة المأمون العباسي قد منعوا تطوير البحوث العلمية وقدّموا علماء وأصحاب أفكار ملحدين وزنادقة في كتبهم. على سبيل المثال قال إبن تيمية في كتابه إنّ جابر بن حيّان وإبن سينا كانا من الكفار والذين خرجوا من الإسلام. هذا فيما قال مفكر فرنسي شهير بعد تحقيقاته إنّ جابر إبن حيّان كان كلامه أقوى وأكثرا عمقاً من أرسطو. فلهذا السبب لم يكن بإمكان العالم الإسلامي أن يستفيد من قدرة علمائه ومفكريه طوال فترات زمنية طويلة ، فيما الغرب إغتنم الفرصة وإستفاد من هذه الفرصة العظيمة في تنميته العلمية. بسبب هذه الجهالات قد وصل العالم الإسلامي إلى أدنى حد علمي في تأريخه حتى إنتصرت الثورة الإسلامية في إيران وأصبحت مؤثراً في تقديم وتطوير العلوم في العالم الإسلامي إلى حد نعتزّ بمكانتها نحن جميعاً.
تجربة الثورة الإسلامية
وأضاف: كل البلدان الأوروبية إستفادت من تجربة الثورة الفرنسية لتتقدم في مجالات متخلفة وكذلك يجب على الدول الإسلامية كلّها أن تستفيد من تجربة الثورة الإسلامية في إيران حيث تحتلّ اليوم مكانة رفيعة في العلم والصناعة و وغيرهما والإستفادة من تجربتها لاتعني التبعية أو الإتباع بل يجب على الجميع أن ينظروا إلى الثورة الإسلامية كنموذج مُتقدّم ورائع للتنمية والتطور.
وتابع: كلّنا نعرف أنّ النموذج الإيراني لا يُشيّع السنة ولا تُسنّن الشيعة فلا ينبغي لأحد أن يقول لايمكننا أن نستفيد من تجربة إيران لإقامة الحضارة الإسلامية لأنّها شيعية.
وقال الشيخ الزعبي في ختام كلامه: الثورة الإسلامية جاءت لتحسين شؤون حياة المستضعفين وتطويرها وفي المقابل أدرك المستعمرون هذه القضية فلهذا السبب قدّموا كلّ ما كان بوسعهم لإيقاف مسير قطار الثورة الإسلامية.
الحضارة الإسلامية وعلاقة الأكاديميين
وقال الدكتور عباسي مقدم وهو عضو الهيئة العلمية في جامعة كاشان: إنّ من أهمّ المشاكل والتحديات التي تواجه الجمهورية الإسلامي هي الإدراك الخاطئ لحقيقة الثورة الإسلامية في إيران حيث زعم البعض أنها ثورة شيعية أو وطنية ولم ينظروا إليها كثورة عالمية وإسلامية حقيقية.
وتابع عباسي مقدم: وإنّ من أهم الأمور للنجاح في إقامة الثورة الإسلامية هو إنشاء التعاملات والعلاقات المثمرة بين الأكادميين والجامعيين في كلّ أنحاء العالم ليتبادلوا الخبرات والتجربيات والعلم بهدف تقوية بعضهم البعض.
وأضاف: لايمكن أبداً لأي مجتمع أن يحاول إقامة الحضارة الإسلامية من دون تقديم المساعدة لإخوانهم في المجتمعات الإسلامية الأخرى والإستعانة بهم في هذا السبيل. أنا أقول بصراحة من المستحيل إقامة الحضارة الإسلامية بدون العلاقات الجامعية الحقيقية بين النخب العلمية في العالم الإسلامي.
وأضاف: لايمكن أبداً لأي مجتمع أن يحاول إقامة الحضارة الإسلامية من دون تقديم المساعدة لإخوانهم في المجتمعات الإسلامية الأخرى والإستعانة بهم في هذا السبيل. أنا أقول بصراحة من المستحيل إقامة الحضارة الإسلامية بدون العلاقات الجامعية الحقيقية بين النخب العلمية في العالم الإسلامي.
وفي إشارة إلى الحاجة الماسة التي يُشعر بها في طريق إقامة الحضارة الإسلامية قال: هناك مشكلة لاتُحلّ إلّا بالتنظير والتفكير العميق لها وبمشاركة الأكادميين من العالم الإسلامي وهي مسألة التخطيط لمنظومة كاملة للحضارة الإسلامية تستوعب جميع الشؤون الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والتعليمية. يجب علينا أن نُفكّر بكلّ المراحل التعليمية لنتمكّن من تربية جيل صالح وعالم وذا كفاية لحلّ المشاكل في المجتمع الإسلامي. نحن المسلمون من جميع البلدان الإسلامية بحاجة إلى التعاون المشترك والتقارب الحقيقي وهذا فيما تُطبّل وسائل الإعلام المعادية للتفرقة بيينا وتعرض على جيلنا الجديد أنّ العولمة هي الحلّ الوحيد لرفع المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا. هناك مشكلة أخرى وهي عدم وجود حضارة إسلامية إلاً في القرون البعيد حيث كانت للمسلمين إنجازات كبيرة جداً ولكن بعدها لم نر حضارة إسلامية من الطراز الأول حتى تتسنى لنا أن نسفيد من تجاربها.
وأضاف: هنا تحدٍ آخر وهو أنّ بعض الأشخاص في العالم الإسلامي بدل أن يدعو إلى الحوار و تبادل الأفكار يفرّون دائماً من الجلوس على طاولة واحدة للتبادل العلمي والتجربي لأنهم لايشعرون بالمسؤولية أمام مجتمعاتهم والشعوب المسلمة.