عَشِقَ أمير المؤمنين فاستشهد يوم جرحه...الشهيد علي العنقوني
الوفاق /خاص - في مشغرة ، من بيتٍ متواضع، انطلق"علي" ليكون من طليعة الشباب الذين قرّروا محاربة المخرز الإسرائيلي. وكان ذلك الشابّ ذخر أهله وصاحب الجمال "اليوسفي" والأخلاق الرفيعة، والطموح الكبير، إذ صبّ الوالدان أحلامهما فيه، ليحقّق ما لم يستطيعا تحقيقه. لكنّ "علي العنقوني" رأى الحياة في طريقٍ آخر، طريق يوصل نحو الجنوب القاني بلون الدم، المعبّد بتضحيات ثلّةٍ هم أجمل ما يمتلك آباؤهم.
في تلك الفترة لم تكن مرحلة الاجتياح الإسرائيليّ مرحلة سهلةً أبداً، خاصةً عندما قرّر شباب المقاومة المواجهة، بأسلحتهم المتواضعة وعددهم القليل. لم تُثنهم المقولات الشائعة عن صعوبة الانتصار، فكان الشهيد عليّ يقول:" ألف ضربة بالسيف ولا ميتة على فراش. وقبل معركة ميدون، كان الشباب يستعدّون لاجتياحٍ كبير. كان عددهم ثمانية عشر، وعندما ذهبوا لزيارة أحد الجرحى، وعند خروجهم، أخذوا صورة جماعية قائلين: لعلّنا استشهدنا سوية، علينا أن نترك صورة تذكارية لأهالينا."عندها تعاهدوا، إن دخلت القوّات الإسرائيلية، فإنها لن تدخل إلّا على جثثهم جميعاً.
اجتياح ميدون
ليل الرابع من أيار عام 1988 م، العدو الإسرائيلي يشن قصفاً تمهيدياً على بلدتي ميدون وعين التينة في البقاع الغربي، مع ساعات الفجر بدأت قوات العدو بالتقدم إلى ميدون لتندلع مواجهات عنيفة مع مجاهدي المقاومة الإسلامية تمكن المجاهدون من تدمير دبابتين للعدو وقتل وجرح كل من فيهما .
وعند الساعة الثامنة من صباح الخامس من شهر أيار حاولت قوات العدو التقدم مجدداً لكنها فشلت أمام صمود المجاهدين، عجز العدو عن تحقيق إنجاز ميداني دفعه لتدمير البلدة بشكلٍ كامل ، قتل وأصيب ستون ضابطاً وعنصراً من جيش العدو في الملحمة البطولية في ميدون ارتقى لحزب الله 18 عشر شهيداً من أصل 30 مجاهداً في مواجهة 80 ضابط وجندي مدعومين من المدرعات والطائرات، زفت المقاومة الاسلامية ثمانية عشر شهيداً روت دماؤهم كل شبر من ميدون.. وتوزعت أجسادهم كواكب على امتداد البقاع من مشغرة إلى النبي شيت وشعت والهرمل، شهداء سجلوا بدمائهم الزكية بداية عصر الانتصارات على إسرائيل.
ووصيتهم التي كتبوها بدمهم فوق صخور ميدون ما زالت خالدة حتى اليوم «سقطنا شهداء ولم نركع.. أنظروا دماءنا.. وتابعوا الطريق".
عشق الشهادة
كان علي يتمنّى أن تكون شهادته في ليلة شهادة أمير المؤمنين(ع) ، وبالفعل حدث ذلك، عندما حصل اجتياح ميدون، تصدّى الشباب للقوات الصهيونيّة بكلّ بسالةٍ ورباطة جأش، استشهد عليّ مع رفاقه، صائماً قائماً، لاقياً الله بثيابه المعطّرة بدمائه الزكيّة". لم يكن وقع خبر شهادة "علي" سهلاً على عائلته. كان واقعاً مصبوغاً بالألم والصبر والاحتساب، خاصةً وأنّ عزاء واحتضان أسرة الشهيد لم يكن شائعاً بين الناس، وقتذاك، لغياب الوعي بضرورة المقاومة.