الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وثمانية وعشرون - ٠٦ مايو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وثمانية وعشرون - ٠٦ مايو ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

في ذكراها الخامسة والثلاثين:

مواجهة ميدون.. معادلة جديدة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني

الوفاق/ خاص -  قبل 35عاماً، في أولى ليالي القدر المباركة، وعند بوابة البقاع الجنوبية في قرية ميدون سجلت المقاومة الإسلامية أحد أكبر انتصاراتها الخالدة، في ساعات قليلة أسقط نفر قليل من المجاهدين أكبر عملية عسكرية تشنها ألوية النخبة في جيش العدو الصهيوني، كان الهدف منها قلب ميزان المواجهة، وشطب المقاومة من معادلة الصراع، لكن المجاهدين قاتلوا حتى الطلقة الأخيرة، وحتى آخر نقطة دم في عروقهم، وأسقطوا أولى محاولات العدو لتبدأ من ملحمة ميدون الخالدة التي سجلت في تاريخ العدو كأسطورة.. بداية زمن الهزائم لـ"إسرائيل". حدث ذلك في 4 أيار /مايو 1988.
وكانت المواجهة
كانت "ميدون" تلك القرية الصغيرة الغافية على أطراف البقاع الغربي ترنو نحو جبل عامل، وموقعها الجغرافي بين التلال الشاهقة التي تمركز فوقها العدو (تومات نيحا والريحان ولوسيا والسريرة)، الهدف "السهل" لضرب بقعة جغرافية يرابط في زواياها مجاهدون يحرسون القرى، ويتمركزون في مكانٍ قريب من الأرض التي تضم بأغلبها مجتمع المقاومة.
تحررت ميدون عام 1985 من الاحتلال، لكنها بقيت خط تماس بين الجنوب المحتل والبقاع الغربي، قبل حوالي شهرين من ملحمة ميدون حاول العدو الإسرائيلي دخول البلدة عدة مرات، ولكن المواجهات العنيفة التي كان يتلقاها من المقاومين جعلته ينكفى‏ء إلى الخلف، لكن إصراره على توجيه ضربة لحزب اللَّه أعمت قيادته عن كل ما يمكن أن يتكبده من خسائر معنوية ناهيك عن الخسائر العسكرية.. وكانت المواجهة.. المواجهة التي قاد معركتها من الجانب الإسرائيلي رئيس أركان الجيش "شاؤول موفاز"، وأشرف على مجريات الأحداث رئيس وزراء العدو آنذاك "إسحاق رابين" من موقع "التومة".. وقد شارك في المعركة "أفضل الجنود وأشجعهم" في كتيبة من لواء المظليين تساندهم كتيبتا مدرعات وكتيبة مدفعية، وتشكيل من مروحيات "الكوبرا" كانت مهمتها "تدمير بلدة ميدون تدميراً كاملاً"، وقد مهد الطيران الحربي لهذه المهمة قبل أسبوع من المواجهة بقصفٍ متواصل على مدى أربع وعشرين ساعة يومياً على جميع التلال والممرات المطلة على بلدة ميدون والمشرفة في الوقت ذاته على مواقع العدو حيث توجد نقاط رصد تابعة للمقاومة الإسلامية، إضافة إلى الغارات الوهمية على البلدة..
تفاصيل المواجهات
دارت المواجهة بين المقاومين وجنود الاحتلال وجهاً لوجه، بعدما تسلل الإسرائيليون إلى بلدة ميدون، وبعد قصف مركّز عليها دام 4 أيام، وقُدّر حجم القوات الإسرائيلية بحوالي 2000 جندي مع 30 آلية، أمّا المقاومة فكان لديها هناك كان فيها 30 مقاتلًا فقط.
استعمل الجيش الإسرائيلي في الهجوم قذائف عنقودية، كما شارك في العملية ما بين 4 الى 8 طائرات مروحية تابعة له. وتم إلقاء أكثر من 3500 قذيفة وصاروخ خلال 12ساعة  على تلك البلدة الصغيرة التي تحولت إلى كومة من ركام وغبار بعد معركة دارت من بيت إلى بيت ومن شارع إلى آخر ومن دشمة إلى أخرى. "لقد دارت المعارك بين حزب اللَّه وبين المظلِّيين من منزل إلى منزل" هكذا وصفت صحيفة "هآرتس الإسرائيلية ما جرى في ميدون" التي اعتبرتها الصحيفة "أكبر عملية يقوم بها جيش الدفاع منذ الحرب اللبنانية" (هآرتس؛ أيار 1988)..
سقطنا شهداء ولم نركع.. انظروا دماءنا.. وتابعوا الطريق..
أسفرت الاشتباكات بين المقاومين والصهاينة إلى سقوط العشرات من جنود الاحتلال ما بين قتيل وجريح، وذلك مّا أدى الى أن يحملونهم إلى دبابات الميركافا لنقلهم. واعترف الكيان لاحقاً بسقوط 20  قتيلاً و27 جريحاً له على رأسهم قائد الهجوم.
فيما ارتفع للمقاومة الإسلامية ثمانية عشر شهيداً وأسير وحوالي ستة جرحى قاتلوا وصبروا وهم صائمون..  الأسير في هذه العملية هو حسن محمد العنقوني الذي أُفرج عنه في تبادل الأسرى عام 2004.
 انسحب الجيش الإسرائيلي من أطراف بلدة ميدون يجر أذيال الهزيمة، معترفاً على لسان قائد العملية أن "القتال في القرية كان صعباً" (الاذاعة الإسرائيلية، أيار 1988). انجلى الغبار، ووصل المجاهدين إلى الشهداء، وعند العثور على جثة أحد الشهداء قرب صخرة كتب عليها بدمه قبل أن تصعد روحه إلى السماء "سقطنا شهداء ولم نركع.. انظروا دماءنا.. وتابعوا الطريق..".
ملحمة ميدون بأقلامٍ صهيونية: المقدمة والأسباب
لعل أبرز من تناول تلك العملية من الباحثين الصهاينة إثنان: غال بيرك فينكل، منسق برنامج الشؤون العسكرية والاستراتيجية في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية (الصهيوني)، واللفتنانت كولونيل الصهيوني المتقاعد خاتم أفيريم ، قائد الكتيبة 261 وطالب الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة بار إيلان.
وقد نشرا بحثًا معمقًا حول تلك العملية في مجلة صهيونية متخصصة منذ مدة. يرى هذا البحث أن تلك “الغارة على قرية ميدون كانت عملية هجومية معقدة”، وهي “الأكبر والاوسع في لبنان منذ حرب لبنان الأولى/اجتياح 1982”،وهي أكبر عملية هجومية برية في لبنان وأكبر عملية ضد حزب الله بين حرب لبنان الأولى 1982 وحرب لبنان الثانية 2006.
وفقاً للبحث تولت مجموعة من الضباط الصهاينة الإعداد لتلك العملية، وكان على رأسهم يوسي بيليد، قائد المنطقة الشمالية في جيش العدو وإلى جانبه شاؤول موفاز ودان شومرون وبيني غانتس. وتم حسم القيام بتلك العملية بعد مقتل المقدم الصهيوني شموئيل (شموليك) أديف في منطقة جبل هاردوف (مزارع شبعا) بعد اشتباك مع مجموعة مقاومة بتاريخ ٢٦-٤-١٩٨٨، وتم التخطيط للعملية بحيث تكون على مرحلتين بحسب الدراسة الصهيونية:
المرحلة الأولى: وهي عملية “القانون” والتي صممت لخداع “الخصم” وتشتيت انتباهه و”خفض مستوى الانذار بين عناصر حزب الله في ميدون”، عبر بعض الخطوات كتنفيذ غارات في مناطق بعيدة نسبيًا، والبحث على جوانب الطرقات في منطقة مقتل المقدم شموئيل أديف وتوزيع منشورات تحذر السكان المحليين من التعامل مع حزب الله، وكل ذلك “بهدف الإيحاء للخصم” أنّ الجيش “الصهيوني” سيكتفي بتلك الخطوات.
المرحلة الثانية: وهي عملية “النظام” التي انطلقت في الرابع من شهر أيار من العام 1988 وهي الجانب العملاني العسكري التي هدفت إلى السيطرة على قرية ميدون وضرب قوات حزب الله التي تتمركز فيها وتدمير ما لديهم من بنية تحتية عسكرية. وهي جهد مشترك بين ألوية المظليين والمدرعات والمدفعية والطيران والاستخبارات إضافة إلى مشاركة عناصر جيش “العملاء” في مراحل متأخرة من العملية. ويكشف المقال أنّ العدو تفاجأ من مشاركة المدفعية السورية المتمركزة في سهل البقاع في الرد على القصف الصهيوني ومساندة مقاتلي حزب الله ما دعا جيش العدو إلى الرد على مصادر النيران حتى أسكتها بحسب مزاعم العدو.
ختاماً ملحمة ميدون حكاية انتصار خطها مجاهدو المقاومة الإسلامية بالدماء والجراح والأسر، أرست مواجهة ميدون معادلة جديدة في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي، فقد باتت المقاومة تخوض المعارك وجهاً لوجه، والبندقية تقهر الطائرات وآلة الحرب، لأن جنوداً صائمون قائمون، قرروا المواجهة فكان انتصار الدم على السيف.

البحث
الأرشيف التاريخي