شلا.. ذاكرة خمسين عاماً من المقاومة في اللوحات الفنية
على مدار نصف قرن، وثّق عبد الهادي شلا ملحمة الشعب الفلسطيني في أبرز المحطّات التي عاشها خلال التاريخ المعاصر، متكئاً على ذاكرة شعبية غنية بالمفردات والعناصر تسرّبت إلى أعماله التي تنوّعت بين الرسم والحروفيات والملصق السياسي والكاريكاتير.
مرّت تجربة الفنان الفلسطيني (1948) بعدّة مراحل، حيث غلبت التعبيرية على موضوعاته التي تناولها في بداياته قبل أن ينزاح أكثر نحو التجريد، رغم عدم سعيه إلى تصنيف اشتغالاته التي بقيت غير مقيّدة، مستفيداً من الزخارف وأشكال التطريز في التراث، ومفردات السجاد البدوي (السدو)، وغيرها.
في "متحف هندية" بالقرب من عمّان، افتتح قبل فترة الجزء الثاني من المعرض الإستعادي لـ "عبد الهادي شلا"، حيث كان قد انطلق الجزء الأول قبل ذلك، ويضمّ حوالي خمسة وثلاثين عملاً.
استخدام رموز تقليدية
يستخدم الفنان رموزاً مستمدة من تطريز الأزياء الفلسطينية التقليدية ضمن التنوع في هيئتها وأشكالها وإحالاتها، والتي تحاكي الطبيعة بشكل أساسي، سواء بإعادة إنتاجها في صياغات جديدة أو تحويرها على نحو متقشف في سياقات احتفالية، بالإستناد إلى الإيقاع الموسيقي، في تناغم وتوزيع الوحدات الزخرفية المستمدة من الملابس التقليدية الفلسطينية ثم تطورها إلى الزخارف المشرقية عامة برؤية وأسلوب خاص به.
يعتمد "شلا" عناصر حروفية وزخرفية متعدّدة من خلال التركيز على إيقاع الخطوط وحركتها بشكل يوازي بين حركة الحرف وحركة البشر، والتي تبدو بؤرة مركزية في لوحاته، حيث تماوج الناس وحركاتهم التي تعبّر عن حالات نفسية متعدّدة تحاكي الحروف.
يشير بيان المنظّمين إلى أنها "لوحات خارجة عن سرب الأكاديمية المدرسية النمطية، ومتعايشة مع فسحة التعبيرية التجريدية، غنائية اللون والحركة الإيقاعية للمساحات والشخوص والأشياء المدرجة في معين تصوراته.
تأخذ من اللعبة التقنية الموزعة ما بين مدارات الملونات الرئيسة من أساسية ومساعدة وما ينتج عنها من خلاط لوني ومشتقات متجانسة، لكنها المجال الحيوي التي تتسم بها جميع رسومه ولوحاته بطابع الخصوصية التجريبية التي وجدت لها مستقراً في ذاته الموهوبة والدارسة والخبيرة".
يُذكر أن عبد الهادي شلا نال درجة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1971، وعمل مدرساً للرسم ورساماً للعديد من الصحف والمجلات، وأقام العديد من المعارض في ليبيا والكويت وقطر والعراق ومصر وكندا
وبريطانيا.