تعاون ثقافي وقواسم مشتركة
المحور الإيراني _ السوري... سينمائياً وثقافياً
الوفاق/ خاص
موناسادات خواسته
العلاقات الإيرانية السورية لها جذور تاريخية منذ القدم حتى الآن، فالبلدان يسيران في اتجاه مشترك، وهناك قضايا هامة مشتركة بين البلدين، فبعد الفترة الصعبة والأزمات التي مرّت على البلدين وخاصة بعد الحرب السورية وحضور الجماعات الإرهابية مثل داعش في هذا البلد الشقيق، الآن نشهد يوماً بعد يوم إزدهار التعاون بين ايران وسوريا في مختلف المجالات ومنها الثقافية، فبمناسبة زيارة رئيس الجمهورية الإيرانية آية الله رئيسي الى سوريا واللقاءات العديدة في هذه الزيارة، نقدّم لكم اليوم نبذة عن التعاون الثقافي المشترك بين ايران وسوريا.
توقيع مذكرات تفاهم للتعاون الثقافي المشترك
على مدى عقود تطورت العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وسوريا اقتصاديا وثقافيا وعسكريا لتصبح علاقات استراتيجية وأنموذجاً متقدماً ومتميزاً في العلاقات بين الدول، وكلما ازدادت التحديات المصيرية في منطقتنا، اكتسبت معه هذه العلاقات أهمية خاصة، بحيث ارتقت تلك الروابط المصيرية بينهما إلى مستوى العمق الاستراتيجي المصيري، الذي اتسم بالثبات والديمومة فلم تستطع العقبات التي اعترضتها أن تحد من قوتها وفاعليتها فظلت العلاقات بين الطرفين تتنامى في جميع الميادين، خاصة خلال
العقد الاخير.
بدأ منذ أعوام التعاون الثقافي المشترك بين ايران وسوريا، وحتى قبل أشهر شهدنا توقيع إتفاقيات لتطوير وتعزيز التعاون الثقافي المشترك ونقل الخبرات في مجالات الفن وخاصة السينما.
حيث إلتقى رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون "بيمان جبلي"، والوفد المرافق له وزيرة الثقافة السورية "لبانة مشوح"، في دمشق، وكان محور هذا اللقاء تفعيل العلاقات الثقافية بين سورية وإيران والاستفادة من الخبرات السينمائية الإيرانية والتبادل الثقافي، وبحث الجانبان سبل تفعيل التعاون من خلال مذكرة التفاهم بينهما والعمل على إنتاج عمل سينمائي مشترك، واتفق الطرفان على ضرورة التبادل الثقافي في كل المجالات الأمر الذي من شأنه إلقاء الضوء على الحراك الإبداعي الحضاري لكلا البلدين.
وكذلك قبل فترة وقعت وزارة الثقافة السورية مع وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيرانية مذكرة تفاهم للتعاون الثقافي بين البلدين، ووقع المذكرة كل من وزيرة الثقافة لبانة مشوح ورئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إيران محمد مهدي إيماني بور، وذلك في مبنى وزارة الثقافة بدمشق.
كما تنص على تبادل الأساتذة والخبراء لتأهيل الكوادر في مجالات السينما والموسيقى والفنون الجميلة والحرف اليدوية، ودعم تبادل المعلومات والتجارب والكتب والمنشورات والنسخ الرقمية للمخطوطات والخبراء والمدربين بين مكتبة الأسد الوطنية والمكتبة الوطنية في إيران.
أفلام ومسلسلات ايرانية مدبلجة للعربية
تنتج إيران سنوياً نحو 70 شريطاً روائياً، وأكثر من ألف ساعة تلفزيونية، وما يقارب 170 فيلماً تلفزيونياً طويلاً. اعتماداً على زخم نتاجهم الفني، قرر الإيرانيون أخيراً توسيع دائرة تأثيرهم في المجتمع العربي من خلال ما ينتجونه من دراما، لكن هذه المرة بمشاركة حلفائهم السوريين.
وبدا واضحاً للإعلام الإهتمام بالدراما السورية على أنها من أكثر الصناعات المحلية رواجاً، فإن الاهتمام لا يأتي هذه المرة بمنتج سوري خالص أو مدبلج إلى اللهجة الشامية، بل هو اهتمام يمهد لتأسيس شراكة طويلة لتقديم دراما إيرانية - سورية مشتركة.
وكان وراء فكرة إنشاء محطة عربية تقوم بعرض أفلام ومسلسلات إيرانية موجهة للمشاهد العربي، ولا تعتمد على إيصال وجهة النظر الإيرانية عبر السياسة بل من خلال دراما التسلية والترفيه والفائدة في آن.
إذ إنّ الدراما الإيرانية دخلت السوق العربية منذ عشر سنوات من خلال مسلسلات إيرانية مدبلجة للعربية منها: "أهل الكهف" و "مريم المقدّسة".
وفي هذا الإطار نرى أنه جاءت فكرة إنشاء قناة دراما إيرانية تبث في الدول العربية ومنها سوريا، وكانت سياستها تعتمد عرض الانتاج المشترك بين إيران وسوريا كتابة وتمثيلاً وإخراجاً.
كما بدأ التواصل الفعلي مع عدد من الكتاب والمخرجين والمنتجين السوريين لتحقيق الأعمال المشتركة، ليخدم هذا العمل القضايا الكبرى التي تلتقي حولها إيران وسوريا، ومنها قضية المقاومة.
وكذلك كانت هناك مشاريع حول دبلجة أعمال إيرانية باللهجة الشامية، وتعكف على دوبلاج أعمال إيرانية، مع النية الواضحة لإنجاز برامج نقدية حوارية حول السينما والتلفزيون وهناك استعداد لإنتاج برنامج يكشف الطرق المبطنة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
أفلام ومسلسلات ایرانیة في سوریا
فيما يتعلق بالتعاون الثقافي المشترك بين ايران وسوريا، شهدنا خلال الأعوام الماضية أنه يتم عرض أفلام إيرانية في سوريا، في إطار الأسبوع الثقافي الإيراني أو غيره، التي كانت بجهود الملحقية الثقافية الإيرانية في دمشق وبالتعاون مع وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية والمركز الدولي والتجاري لمؤسسة سورة السينمائية حيث استضافت صالة الأوبرا بدمشق أيام السينما الإيرانية، وتم عرض أفلام سينمائية إيرانية منها: "هناس"، "مديترانه" أي "البحر الأبيض المتوسط"، "حوض الرسم"، "قطعة من السكر"، و "الملائكة" وكانت الأفلام مترجمة
للعربية.
وكذلك يمكننا أن نذكر أفلام ومسلسلات إيرانية مدبلجة على قناة العالم سوريا منها المسلسل الإيراني "مريم المقدسة"، الفيلم الإيراني "أب بلون الشمس"، "عروج في الليل" مترجما للعربية، وفيلم "الحارس الشخصي" مدبلج عربي، وفيلم "السماء الثامنة" مترجم للعربية.
أعمال درامية وسينمائية ومسرحية مشتركة
إضافة إلى الأفلام أو المسلسلات التي تم ترجمتها وعرضها في سوريا، شهدنا في الأعوام الأخيرة أفلام ومسلسلات مشتركة بين ايران وسوريا، ويمكننا أن نذكر منها الفيلم الايراني المترجم "رحلة الشام" الذي كان عملاً مشتركا بين إيران وسوريا وتطرق إلى موضوع حضور جماعة داعش الإرهابية في سوريا وواجه إقبالاً كبيراً في ايران وكثير من دول محور المقاومة.
كما شهدنا أخيراً إنتاج وصنع مسلسل "حبيب" بمشاركة منتج ايراني ومخرج سوري وفنانون من ايران وسوريا ولبنان، ويتطرق أيضاً إلى حضور المستشارين الإيرانيين في سوريا خلال محاربة جماعة داعش الإرهابية والقضايا التي تحدث وهو على أساس قصة حقيقية، وتم عرضه أخيراً في إيران، وسيتم عرضه في سوريا ودول محور المقاومة، وأجرينا حواراً مع منتج المسلسل للتعرف على هذا المسلسل والذي سننشره في الأيام القادمة.
ولن يقتصر التعاون الثقافي على العروض السينمائية فقط، بل هناك عروض مسرحية إيرانية تم عرضها في سوريا ومنها مسرحية "الشمس تشرق من حلب" التي تم عرضها على خشبة المسرح في سوريا خلال شهر محرم وواجه إقبالاً كبيراً.
وتدور أحداث مسرحية "الشمس تشرق من حلب" في عام /61/ للهجرة، حيث تروي قصة جريمة استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ومرور موكب آل البيت النبوي من مدينة حلب، حيث توالى عرضها لعدة أعوام، فالمسيرة للتعاون الثقافي بين إيران وسوريا متواصلة وتزدهر يوماً بعد يوم.