قائد الثورة، داعياً لتعزيز البنى التحتية المعرفية للجامعيين:
مسؤولية الطالب المثالي إحداث تحول في أذهان مجتمعه وواقعه
التقى جمعٌ من طلاب الجامعات وممثّلي اللجان الطالبية مع الإمام الخامنئي، عصر أمس الأول 18/4/2023. ولفت قائد الثورة الإسلاميّة خلال اللقاء إلى أنّ مسؤوليّة الطالب الجامعي اليوم تتمثّل في إحداث تحوّل في مجتمعه والعالم، كما تحدّث سماحته عن معاداة الكارتلات الصهيونيّة للشباب الإيرانيّين أكثر من مسؤولي الجمهوريّة الإسلاميّة الذين لو استطاعوا لقطّعوهم إرباً، وذلك «لأنّ المسؤولين في البلاد ما كانوا ليستطيعوا إنجاز أيّ عمل دون همّة الشباب ودوافعهم».
في التفاصيل إلتقى قائد الثورة الإسلامية بأكثر من ألف طالب جامعي وأعضاء الهيئات الطالبية ومختلف الناشطين الطالبيين. وأكد سماحته تعزيز البنى التحتية المعرفية للطلاب الجامعيين والتشكيلات الطالبية، قائلاً: «ينبغي للطلاب الشباب أن يعملوا ويطالعوا ويتأملوا ويتدبروا في القضايا المعرفية بالاستفادة من القرآن ونهج البلاغة وكتب المفكرين مثل الشهيد مطهري والشهيد بهشتي والمرحوم مصباح اليزدي».
وعدّ الإمام الخامنئي قضية العدالة من المبادئ المعرفية، وقال: «المصداق المهم للعدالة هو القضاء على فقدان المساواة، لكن النطاق الواسع للعدالة يبدأ من الذهن والقلب والعقيدة والأحكام الشخصية ويمتد إلى مقارعة الاستكبار من أجل العدالة الدولية، إذْ للأسف لا يعُدّ بعض الأشخاص شعار طلب العدالة والنضال ضد طغاة العالم مصاديق على السعي إلى العدالة».
التحرّر في نظر الإسلام
وقال سماحته بشأن الحرية بوصفها من المبادئ المعرفية الأخرى: «في نظر الإسلام إن التحرر من الإطار والرغبات المادية هو أهم جزء من مقولة الحرية، الأمر الذي يمهد الطريق للتقدم والتعالي والحرية من الجمود والتحجر والعصبية والرجعية والقوى العظمى والديكتاتوريين وسائر القيود».
كذلك، قال قائد الثورة الإسلامية بشأن أحد المبادئ الفكرية والدينية المهمة الأخرى، وهي «انتظار الفرج»، إن «انتظار الفرج يعني الاعتقاد بأنه يمكن التغلب على أنواع النقص والمصاعب كافة بالعمل والسعي والتوكل».
وأضاف سماحته في السياق نفسه: «في القرآن، يعُدّ الله غلبة الحق وانتصار المستضعفين سنته المحتومة، وقد شهدنا هذا الوعد الصادق في انتصار الثورة والمواجهة ضد كل المستكبرين في العالم وأعداء إيران في الحرب المفروضة».
ثنائية القطب
وعدّ الإمام الخامنئي إحداث ثنائية القطب في المجتمع الطالبي والبلاد، والنظرة غير الواقعية والمطالبات دون تقديم حل علمي وعملي، من جملة الآفات التي تصيب الأنشطة الطالبية. وبالإشارة إلى كلام أحد الطلاب، قال: «لا يمكن أن نُخضع مختلف قضايا البلاد للاستفتاء، لأن كلّ استفتاء يُشغل البلاد بأكملها ستة أشهر. إلى جانب ذلك، أين في العالم يجرون استفتاء في القضايا كافة؟».
في إشارة إلى سؤال بعض الطلاب حول ماهيّة مسؤولية الطالب المثالي والمستشرف للمستقبل، قال سماحته: «أولاً إحداث تحول في أذهان مجتمعه وواقعه، ثم إحداث تحول في أذهان العالم وواقعه».
المعرفة بخطة العدو
ورأى قائد الثورة الإسلامية أن عنوان «الطالب الجامعي» يترادف مع عناوين مثل «طلب العلم» و«الشباب» و«النشاط» و«والسعي إلى التحديث والتجديد» و«المشاعر الإنسانية مثل معاداة الفساد والظلم». وخاطب الطلاب بالقول: «الأهم من هذه كلها بالنسبة إلى الطالب امتلاك بنية فكرية، ولا بد أن يجعلها متينة».
وشدد سماحته على أن «علينا جميعاً أن نحدّث المعرفة بخطة العدو وإستراتيجيته»، مستدركاً: «بعض الأشخاص ما إن نذكر اسم العدو، يشيرون بغضب إلى أننا نسعى إلى إنكار نقاط الضعف، في حين أن نقاط الضعف موجودة، لكن العدو مشغول دائماً بالعمل ضد جبهة الحق عبر إنفاق الأموال والإمكانات».
إستراتيجية العدو
ولفت الإمام الخامنئي إلى أن إستراتيجية العدو الحالية تجاه الشعب الإيراني هي «سوء الظن بالنفس». وبينما قدم مصاديق على هذه الإستراتيجية، قال: إن رد الشباب المؤمنين والمناضلين والواعين على هذه الممارسات يكون بالدراسة والكفاح من أجل حل المشكلات.
وكان إصرار وسائل الإعلام الأجنبية المغرضة على حمل الشعب الإيراني على التراجع عن المعتقدات الدينية والمشاعر الثورية مثالاً آخر على «سوء الظن بالنفس» الذي تحدث عنه سماحته، فقال: «كان هذا يجري في حين أن مجالس ليلة القدر لهذا العام أكثر حماسة من الماضي، ويوم القدس أكثر حشوداً من العام الماضي، والحشود في مسيرات 22 بهمن مضاعفة، لكن أولئك يمارسون وساوسهم السيئة».
الشباب الإيرانيون
بينما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى نقاط نقص ومشكلات في البلاد، قال: «توقعاتي ومطالبتي للمسؤولين من أجل إزالة النواقص أكبر من توقعاتكم، ولكن نرى أن البلاد تتقدم بحمد الله، وثمة مئات الآلاف من الشباب المؤمنين ذوي الدوافع وأصحاب الفكر النيّر لم يكونوا من قبل». ولفت سماحته إلى حقيقة مهمة: «الشباب الإيرانيون موضع ضغينة شديدة لدى الأعداء، وعلى كل شبابنا معرفة هذه الحقيقة». في معرض تبيين الضغينة التي يضمرها الاستكبار والكارتلات الصهيونية التي تهيمن على أمريكا وأوروبا تجاه الشباب الإيرانيين، قال الإمام الخامنئي: «إنهم يضمرون السوء بشدة تجاه المسؤولين الإيرانيين، لكنّهم يضمرون السوء أكثر للشباب الإيرانيين، لأنه لولا الشباب ودوافعهم، ما استطاع مسؤولو البلاد أن ينجزوا عملاً، ومنذ بداية الثورة حتى اليوم هؤلاء الشباب هم مَن أنجزوا أعمالاً عظيمة في مختلف الجبهات والميادين».
وذكر سماحته الشباب المؤمنين الذين تألقوا في مجالات الإدارة والعسكر والعلم واستشهدوا، مؤكداً أن هذا «الخط النوراني مستمر، وفي زمانكم المعاصر أيضاً الشهداء حججي وصدرزاده وعلي وردي وعجميان... اليوم العدد الهائل من الشباب الإيرانيين المدركين المسؤولية هم القوة الدافعة للبلاد».
وفي بداية هذا اللقاء، أعرب ثمانية من ممثلي اللجان الطالبية عن آرائهم وانتقاداتهم ومقترحاتهم حول قضايا البلاد والجامعة.