في ذكرى استشهاد قائد الغرّ المحجّلين
الإمام علي (ع) في الشعر والفن والعروض المسرحية
تمرّ علينا اليوم ذكرى أعظم فاجعةٍ بعد فقد الرسول الأكرم محمد (ص)، ألا وهي ذكرى استشهاد يعسوب الدين وقائد الغرّ المحجّلين الإمام علي(ع)، وزير رسول الله ووصيّه وخليفته من بعده على الخلق أجمعين، وذلك في الواحد والعشرين من شهر رمضان عام أربعين من الهجرة.
وتُشير الروايات إلى أنّه في ليلة الواحد والعشرين أُغمِي على أمير المؤمنين (ع) ساعة، ثمّ أفاق فقال: هذا رسول الله (ص)، وعمّي حمزة، وأخي جعفر، وأصحاب رسول الله (ص)، وكلّهم يقولون: عجِّل قدومك علينا فإنّا إليك مشتاقون، ثمّ دار عينيه في أهل بيته كلّهم، وقال: أستودعكم الله جميعاً سدَّدكم الله جميعاً حفظكم الله جميعاً، خليفتي عليكم الله وكفى باللّه خليفة، فتركنا أمير المؤمنين (ع) وبقيت سجيته خالدة في أرواح جميع أحرار العالم، وتجلّت في الفنون المختلفة من مدح أمير المؤمنين (ع) في الشعر والأدب، والعروض المسرحية الشعائرية، والفنون التشكيلية واللوحات الفنية والصناعات اليدوية وغيرها، كأن كل شخص يتسابق لعرض حبه لأمير المؤمنين الإمام علي (ع)، فنذكر هنا بعضها.
الشعر والأدب
هناك أشعار وكتب كثيرة تطرقت إلى موضوع الإمام علي (ع)، حتى بإمكاننا أن نقول لا تُعد ولا تُحصى! ولا تقتصر على المسلمين فقط، بل حتى المسيحيين أيضاً تأثروا كثيراً بشخصية الإمام علي (ع) ومنهم الدكتور جرج جرداق الأستاذ اللبناني المسيحي الكبير الذي قام بتأليف مجموعته العظيمة تحت عنوان "علي صوت العدالة الإنسانية"، ومجموعة "الغدير" للعلامة الأميني، ونهج البلاغة التي جمعها الشريف الرضي من كلمات أميرالمؤمنين (ع)، وغيره من الكتب الكثيرة منذ القدم حتى الآن.
أما الأشعار والمراثي لا تنقطع أبداً منذ القدماء حتى المعاصرين، في الحقيقة إنّ مدح الامام عليّ بن أبي طالب (ع) شرفٌ للشاعر المادح لا يفوقه إلا شرف مدح رسول الله(ص)، ومكانة الإمام عليّ (ع) السامية عند جميع المسلمين في غُنى عن انتحالات الكاذبين، حتى الشاعر العربي الشهير المتنبي له أبيات، ويقول:
وتركتُ مدحي للوصيّ تعمداً
إذ كان نوراً مستطيلا شاملا
واذا استطال الشيء قام بنفسه
وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا
إني سألتك بالذي زان الامامة بالوصي
أوردها رسول كاظم عبد السادة و كريم جهاد الحساني في كتابهما (موسوعة شعراء الغدير) المستدرك على كتاب الغدير للأميني
وللشاعر المعاصر "عبدالباقي العمري" قصيدته تحت عنوان "انت العلي الذي فوق العُلا رُفِعا":
انت العلي الذي فوق العُلا رُفِعا
ببطن مكة وسط البيت اذ وُضعا
سمـتك امُك بنت الليث حيدرةً
اكـرم بلبوة ليثٍ انجبت سبُعا
ولا ننسى شعر الشاعر الإيراني الشهير "شهريار" حيث أنشد شعره بمطلع "علي اي هماي رحمت"، ويقول فيها: "اذهب يا ايها الفقير المسكين واطرق باب علي/ حيث يعطي الخاتم للفقير" وهي إشارة إلى إهداء أميرالمؤمنين (ع) خاتمه في الصلاة للفقير.
اللوحات الفنية والصناعات اليدوية
اما الفنانون التشكيليون في إيران والدول العربية أيضاً يعبرون عن حبهم لأمير المؤمنين علي (ع)، في مختلف المجالات من الرسم والخط والصناعات اليدوية المختلفة، فهناك لوحات جميلة ومؤثرة للفنان الإيراني "حسن روح الأمين" منها لوحة "شمعة بيت المال"، "اليتيم"، وغيرها.
أما فيما يتعلق بالخط، فهناك لوحات خطية كثيرة عن الإمام علي (ع) نرى فيها جماليات الخط العربي، فهي بخط الخطاطين الإيرانيين والعرب، بكتابة إسم "علي"، أو أحاديث وكلمات عن الإمام علي (ع)، هذا وقد أضيفوا عليه الكتابات الخطية في المراقد المقدسة، وعلى الأضرحة.
كما أننا سمعنا في خبر وحوار صحفي مع الدكتور جرج جرداق أنه يشير إلى وجود لوحة تنسب الی الامام علي (ع) في كنيسة ايطالية، فيقول الدكتور جرداق في حديثه عن اللوحة المذكورة: " توجد هذه اللوحة في احدی الكنائس. لكني لاأتذكر اسم الكنيسة المذكوره، لأن في روما أكثر من ثلاثمئة كنيسة.
لذالك ينبغي أن تسألوا المسؤولين عن تلك الكنائس و حينما سئل من
السيد جرج جرداق هل رأيت أنت بالذات هذه الكنيسة و تلك اللوحة قال: نعم لقد حضرت في الكنيسة و رأيت تلك اللوحة قبل 16 سنة؛أي في حدود سنة1995 م.
وأضاف أظن أن هذه اللوحة موجودة في تلك الكنيسة الی يومنا هذا لأنها لوحة تعود الی اكثر من سبعة قرون ماضية و لذلك يتم المحافظة عليها عادة.
وفي اشارة لخصائص هذه اللوحة و ملامح الإمام علي (ع) أضاف جرج جرداق: الملاحظ في هذه اللوحة شمائل الرجل تشير الی كونه شخصية كبيرة و انسان كامل يتجسد في محياه جميع الصفات الإنسانية.
يذكر أن المسيحيين الحقيقيين يكنّون احتراماً كبيراً للإمام امير المؤمنين (ع) لما يتصف به من مكارم أخلاق رفيعة. وكان الاوروبيون أبّان القرون الوسطی يعتبرونه احد قديسي التأريخ.".
الأفلام والمسلسلات والعروض المسرحية
وعندما ننظر الى مجال السينما والمسرح، نرى أيضاً لا تخلو من موضوع الإمام علي (ع)، فهناك أفلام ومسلسلات وعروض مسرحية في هذا المجال، منها مسلسل "الإمام علي (ع)" وغيرها.
أما العروض المسرحية تزداد خاصة في المناسبات الدينية ومنها في ذكرى استشهاد الإمام علي (ع)، حيث تُعرض يوم الخميس القادم في العراق مسرحية "الأجل – حارس"، وهي من العرض المسرحي الشعائري، تأليف د.حميد صابر، وإخراج سنان العزاوي، تمثيل: الرائدة عواطف السلمان، الفنان د.جبار خماط، الفنان علي نجم، الفنان مرتضى شهاب، الفنان مهند علي ، المنشد جبار الحريشاوي، الشاعر عباس عبد الحسن، ألحان المايسترو د.مصطفى السوداني، وطلبة قسم التربية الفنية والتشكيلي والسينما والمسرح في كلية الفنون الجميلة
ببغداد.
وأما في سلطنة عمان، يخبرنا أحد الأساتذة بأن هناك في الحسينيات تُقام عروض مسرحية شعائرية في هذا المجال.
وفي ايران إضافة الى العروض المسرحية المختلفة، هناك مسرحية "تمر ولبن" التي تعرض في مدينة أهواز الإيرانية وتتطرق إلى موضوع الإمام علي (ع).
سلْ بالدموعِ ولا تسلْ بسواها
وأخيراً نختم الكلام بذكر قسم من مرثية للشاعر ابراهيم محمد حسين الكعبي:
سلْ بالدموعِ ولا تسلْ بسواها
إنَّ الدموعَ مُجابةٌ دعواها
من ذا المُعَزّى والعبادُ أراها
تبكي وترفعُ للإلهِ بُكاها
نَسِيَتْ أكابرها بفقدِ المرتضى
واللهِ إنّ مُصابَه أنساها
مذ صاح جبريلٌ بفقدِ المرتضى
فتزلزلت أرض الورى وسماها
قتلوك والحقَّ المبينَ فلنْ ترى
من بعدِ يومِك مؤمناً يتباهى
بل لا يزالُ مطأطياً متخشِّعاً
يبكي مبادئَ مات من يرعاها