تهويد الأرض وأسماء المعالم الفلسطينية
انطوت عملية تهويد فلسطين على ثلاثة أشكال رئيسة للممارسة الصهيونية، أولها: ضخ اليهود إلى البلاد وحيازة الأراضي وبناء المستعمرات، وثانيها: التخلص من العرب وتدمير تجمعاتهم، وثالثهما: تغيير الهوية العربية للمكان. وعلى طول خط الممارسة، التزم التهويد بقالب نظري جاهز، ظل خلال تنفيذه متحرراً من أي ضوابط إنسانية أو أخلاقية، ويتصف بالجمود العاطفي وانتفاء الضمير إزاء الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني. لم يكن تهويد فلسطين أمراً عرضياً أو مقطوع الصلة بالماضي، وإنما كان عملاً مبرمجاً مرّ بمراحل التخطيط والتنفيذ والتوظيف المجمل للنتائج. أي كان محصلة تراكمات جندت لها الصهيونية وكيانها في فلسطين المحتلة قدرات ذاتية وتحالفية هائلة. وإذ تنطلق هذه الدراسة في الكتاب من الفرضية الموصوفة هنا، فإنها لا تغرق في سرد التفاصيل والأدلة، بل تُعنى بتشكيل مقاربة موجزة للعمل التهويدي بمنطلقاته وتطبيقاته، بما يتيح إمكانية الاستزادة العامة أو التغطية في موضوع مدار البحث. تتناول الدراسة في فصلها الأول ظهور المشروع الصهيوني ومقتضياته ورؤيته للعرب ويهودية الدولة. ويرصد الفصل الثاني الجوانب العملية لتهويد فلسطين منذ البدايات الأولى للاقتحامات الصهيونية، حتى عملية الاقتلاع والطرد وتدمير القرى العربية، وبعض المكونات الأخرى للتهويد، والوقوف عند ملامح الواقع القائم في فلسطين المحتلة، أمّا الفصل الثالث فيدرس تهويد أسماء المعالم الفلسطينية من زوايا الإيديولوجية والتطبيقات والمواجهة، متضمناً آلية تهويد الأسماء وأنماط التسميات التهويدية، ومعالجاً مسألة الأسماء في نطاق الدور الصراعي للتراث الوطني الفلسطيني. ويتبع الدراسة دليل يشمل أسماء المعالم الفلسطينية المهودة، وأصولها العربية، وفق تقسيمات وجداول متعددة. لقد شكلت" لعنة التهويد" عبئاً ثقيلاً، بمقاييس التجارب التاريخية، على كاهل الشعب الفلسطيني، يصعب تصور انحساره في المدى المنظور، ومن ثم فإن الخيار الأوحد لمواجهة هذا العبء، يتمثل في جعل امتلاك مقومات الصمود ومواصلة التحدي مهمةً دائمة التصدر لجدول الأعمال الوطني. وفي ظل مطلب كهذا ثمة حاجة لشحذ الذاكرة الجمعية والفردية في آنٍ معاً، والذي يعتبر هذا الكتاب جزءاً مهماً منه، وذلك بصورة مترافقة مع توفير شروط القوة الذاتية، فلسطينياً وعربياً.