قائد الثورة لدى لقائه جموع الزائرين والمجاورين لحرم الإمام الرضا(ع):
الشعب الإيراني يدعم جبهة المقاومة
في مطلع العام الجديد (1402) ألقى قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي في 21/3/2023 كلمة أمام جموع الزائرين والمجاورين للحرم المطهر للإمام الرضا (ع). حيث لفت سماحته إلى أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة أحرزت رغم مساعي أمريكا وأوروبا لعزلها تقدّماً في العلاقات الخارجيّة ووطّدت علاقاتها مع آسيا، وتحدّث قائد الثورة الإسلاميّة عن تحسّن وضع بعض الدول التي قطعت اعتمادها على الدّولار وتداولت بالعملات المحليّة، قائلاً أنّ إيران يجب أن تفعل الأمر ذاته. كما نفى سماحته نفياً قاطعاً مشاركة إيران في حرب أوكرانيا وعاود تأكيده دعمها الكامل لجبهة المقاومة.
وأشار قائد الثورة الاسلامية في مستهل اللقاء أنه كان هناك في هاتين السنتين أو الثلاث ابتلاء عام، وبحمد الله، جرى احتواؤه إلى حد ملحوظ وكبير. وتوجّه بالشكر لجميع العاملين في القطاع الطبي لجهودهم الحثيثة والمثمرة في احتواء وباء كورونا.
*تغيير الوضع
واستهل سماحته خطابه بدعاء تحويل العام: «يَا مُحَوِّلَ الحَوْلِ والأَحْوَالِ حَوِّلْ حَالَنَا إِلَى أَحْسَنِ الحَالِ» متحدثا حول التحوّل، أي تغيير الحال، تغيير الوضع، مؤكدا بالقول: بالطبع، ينبغي أن نطلبه من الله، ولكن يجب أن نسعى.
وتابع سمحاته: يجب أن تُطرح القضايا الرئيسية على الرأي العام، ويجب أن يتعرف الرأي العام إلى الاحتياجات الأساسية، مؤكدا بالقول: إذا لم يرحب الرأي العام بفكرة، فلن تصل هذه الفكرة إلى التطبيق والتحقق. ستكون مجرد ذبذبات في الأجواء، فيقول الإنسان شيئاً ثم يُنسى أو ستكون بضعة أسطر على الورق.
وحول التحول المنشود أوضح سماحته: التحول يعني التبدّل. ما الشيء الذي نريده أن يتبدّل ويتغيّر؟ هذه المسألة الأهم. أعداء النظام الإسلامي يقولون «تبدّل» أيضاً وهم يسعون وراء التبدّل أيضاً لكن التبدّل الذي يرومون هو النقطة المقابلة تماماً لما نقصده. مثلاً، «تغيير الدستور» أو هيكل النظام الإسلامي. هذا كلام الأجانب نفسه، كلام الأعداء عينه، لكن العنصر الداخلي يكرر ذلك تارة عن غفلة أو إهمال، وتارةً بدوافع أخرى. ما يسعى إليه العدو ويسميه تبدّلاً هو تغيير هوية الجمهورية الإسلامية.
أعداء إيران الإسلامية
وأوضح سماحته: أعداء إيران الإسلامية هم الاستكبار والصهيونية. هؤلاء يعارضون هوية الجمهورية الإسلامية. إذا قالوا التغيير والتحول وتغيير الهيكل والثورة وما شابه، فمقصودهم تغيير هوية الجمهورية الإسلامية. هدفهم إزالة كل ما يذكّر الناس بالثورة والإسلام: الإسلام الأصيل والإسلام الثوري. فمقصودهم أنهم يريدون القضاء على هذه الأمور التي هي للمصادفة نقاط القوة لبلدنا كافة، ونقاط القوة للجمهورية الإسلامية.
هدف العدو
باختصار، إن هدف العدو هو تغيير نظام السيادة الشعبية الإسلامية إلى حكومة وفق مَيْل الاستكبار. إنهم يسعون في إيران من أجل وصول حكومة تطابق ذوق الاستكبار: إما حكومة فردية ليتسلّم السلطة فرد مطيع لهم، وإما حكومة في الظاهر هي ديموقراطية غربية لكنها حقيقة ديموقراطية كاذبة وخادعة، وإنما خاتم في يدهم وتتحرك وفق رغبتهم وتحت إمرتهم. إنهم يرومون إلى هذا. يسعى الاستكبار في إيران إلى حكومة يمكنه أن يهددها أو يطمّعها، ويمكنه بالتهديد والتطميع أن يحقق رغباته وينهب البلاد ويكتسب هيمنة سياسية أو اقتصادية. إنهم يرومون إلى هذا. التغيير الذي ينطق باسمه العدو، والتحول الذي يطرحه أعداء الجمهورية الإسلامية، تغيير من هذا النوع.
أهمية الثقة بالنفس الوطنية
وأضاف سماحته، مؤكدا على أهمية الثقة بالنفس الوطنية: إذا كان شعب يثق بمواهبه وبقدراته، فإنه قادر على الإجراءات التحوّلية. يمكن للشعب الواثق بنفسه أن ينفذ إجراءات تحوّلية جيداً، ومسؤولو الشعب هذا سيتجرؤون على الحديث عن التحوّل واتخاذ إجراءات. طبعاً، وبحمد الله، شعبنا يمتلك ثقة بالنفس. هذه هي النقطة: إذا أردنا أن يحدث التحول، فنحن بحاجة إلى الثقة بالنفس الوطنية. هذا أولاً. ثانياً، نحن بحاجة إلى اليقظة.
وأكد قائد الثورة الاسلامية أنه إذا أردنا ألا تتضرر نقاط قوتنا، يجب أن نعرفها. ما هي نقاط القوة في مجتمعنا؟ يجب أن نحددها بأسلوب صحيح، وننتبه، ونتعرف إليها.
وتابع سماحته: تغلّب الشعب الإيراني على سلسلة الأعمال العدائية المتتالية على مدى العقود الأخيرة. أيّ بلدٍ وأيّ ثورة تعرفونها استطاعت أن تقف وتقاوم لسنوات طويلة الضربات من أقوى دول العالم وألا تركع؟ استطاع الشعب الإيراني أن يقف بصلابة أمام سلسلة طويلة من مؤامرات العدو، بما في ذلك الانقلاب والحظر والضغوطات السياسية والهجوم الإعلامي. هذا الهجوم الإعلامي الذي أطلقوه في العالم بعنوان «رُهاب إيران والثورة» غير مسبوق ولم يُشهد له مثيل إطلاقاً. أيّ شعب عدا الشعب الإيراني يستطيع أو استطاع أن يصمد مقابل المؤامرات الأمنية؟ هذه هي الصلابة الداخلية.
كما تحدّث سماحته عن المنجزات التي تحقّقت خلال العام المنصرم في كافة المجالات مشيدا بالجهود المبذولة.
العلاقات الخارجية
وفي مجال منجزات السياسة الخارجية للبلاد أوضح الإمام الخامنئي: كذلك التقدّم في ساحة العلاقات الخارجيّة حيث مارس الغربيّون الضغوط لعزل إيران. أمريكا والأوروبيّون مارسوا الضغوط لعزل إيران، والعزلة تعني في مصطلحات السياسة الخارجيّة قطع العلاقات مع الدول. عندما تنقطع علاقات الدول بدولة ما، يقولون إنّها عُزلت. ما حدث أعطى نتيجة معاكسة. نعم، تراجعت علاقاتنا مع الغربيّين - لم تكن تربطنا علاقات بأمريكا وتراجعت مع أوروبا - لكنّنا جعلنا علاقاتنا مع آسيا وطيدة مئة بالمئة. وهذا ما سنواصله بعد الآن أيضاً. كما أنّ إقامة العلاقات القويّة مع أفريقيا وأمريكا اللاتينيّة ضمن برامجنا الأكيدة، طبعاً لسنا على قطيعة مع أوروبا؛ نحن على استعداد للعمل مع أي دولة وحكومة أوروبية لا تتبع السياسات الأمريكية بشكل أعمى.
الوضع الإقتصادي
وفي الشأن الإقتصادي أوضح سماحته: قد يُمكن القول إنّ أهمّ مشكلة يعاني منها اقتصادنا هي التصدّي الحكومي. لقد تركّز غالب اهتمامنا في العقد التاسع من القرن الماضي على قضيّة أن نسلّم مفتاح اقتصاد البلاد للحكومة، وهذا ما وجّه ضربة إلى اقتصادنا وهو مرتبطٌ بنا ونحن من فعلنا ذلك. لعلّ أبرز نقاط الضعف لاقتصادنا هي التصدّي الإفراطي للحكومة. عندما يبقى الناس بعيدين عن الإدارة والأنشطة الاقتصاديّة، وتُسلّم الأعمال الكُبرى والشركات المهمّة والإنتاجات التي تعود بالثروات على البلاد للحكومة ولا تكون في متناول الناشطين الاقتصاديّين من الناس، تحدث هذه المشكلات التي نلاحظها اليوم في اقتصادنا. أهمّ مشكلاتنا كون الاقتصاد حكوميّاً.
وضع عدونا اللدود
وعن وضع العدو الأمريكي قال سماحته: إنّ وضع عدونا اللدود، أي الحكومة الأمريكية، هو على العكس تماماً من وضعنا اليوم في هذه المنطقة. نحن نعلم ما نفعله في المنطقة. سياستنا واضحة، وطريقنا واضح. الأمريكيون متحيّرون هل يبقون في المنطقة أو يغادرونها؟ إذا بقوا، ستزداد كراهية الشعوب لهم يوماً بعد يوم. دخل الأمريكيون أفغانستان بالقوّة وبقوات عسكرية فتاكة. ظلّوا عشرين عاماً في أفغانستان، وجعلوا الشعب الأفغاني غير راضين عنهم، وكارهين لهم، وأُجبروا على المغادرة. إذا بقوا، فسيواجهون النفور المتزايد، وإذا غادروا، يفقدون أطماعهم. لديهم أطماع هنا. الأميركيون لديهم أطماع في سوريا، ولديهم أطماع في العراق، ولديهم أطماع في هذه المنطقة كلها. إذا ما غادروا، فإن هذه الأطماع ستضيع. لا يعرفون ماذا يفعلون: يبقون أو يغادرون. إنّهم متحيّرون. نشكر الله أن طريقنا واضح وبصيرتنا راسخة. خطواتنا مُحكمة وثابتة - بحمد الله - وعدونا ضعيف.
وكان قد أطلق سماحته على العام الجديد 1402 هجري شمسي، اسم: عام «كبح التضخّم، نموّ الإنتاج»، وأكد سماحته خلال النداء على أهمية مواصلة الجهود الحثيثة لتحييد المشكلات الإقتصادية.
وفي كلمة سماحته بتاريخ 23/3/2023 في محفل الأنس بـ«القرآن الكريم»، أشاد الإمام الخامنئي بكون نمو «القرآن» في المجتمع الإيراني أعلى من مؤشرات النمو كافة في إيران، وقال بأنّ القرآن كتاب الحكمة والدروس في جوانب الحياة كافّة، مطالباً قرّاء القرآن الكريم بأن لا يتلوه بنيّة الغناء بل التأثير في المستمعين.