الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائة وسبعة وتسعون - ٠٧ مارس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائة وسبعة وتسعون - ٠٧ مارس ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

الفقر والبطالة وعدم الشعور بالسعادة

كواليس انتحار الشباب في كوريا الجنوبية

منذ أعوام سابقة حتى هذا العام الراهن (2023)،  شكّلت مسألة الإنتحار أزمة كبيرة جداً في بعض بلدان العالم منها كوريا الجنوبية والتي تحتل المركز الرابع من بين دول العالم بعد دولة ليسوتو ودولة غويانا ودولة إسواتيني (تقع الثلاثة في أفريقيا) حيث ينتحر عدد كبير لا يُصدَّق، من الشباب والبنات بشكل يومي في هذه البلدان.
من أكبر البلدان الصناعية
ووفقاً لما أفادت به التقارير الرسمية ووكالات الأنباء إنّ كوريا الجنوبية هي الدولة الثرية، وواحدة من البلدان المتقدمة، كما إنها واحدة من مجموعة الـ20 للاقتصادات الكبرى. وهي تُعتبر اليوم قوة صناعية عملاقة في العالم إذ تحتلّ منتجاتها الوطنية كافّة المجالات التكنولوجية لأسواق العالم من أمريكا الشمالية إلى غرب أسيا. للكوريين شركات تكنولوجية شهيرة وعملاقة مثل إل جي ، سامسونغ ، وشركة هيونداي في سيئول، عاصمة كوريا الجنوبية والتي تعتبر من أهمّ المدن الإقتصادية في العالم.
ووفق الإحصائيات الرسمية إنّ كوريا الشمالية تُشكّل ثالث أكبر إقتصاد في آسيا وتاسع أكبر إقتصاد في العالم.
كوريا الجنوبية.. مقبرة للشباب
مع أنّ كوريا الجنوبية تُعتبر مركزاً إقتصادياً مزدهراً وتحظى بأحدث الأجهزة التكنولوجية إلا أنّها تحتلّ المركز الرابع في تصنيف دول العالم في الإنتحار إذ صرح مركز(worldpopulationreview) الإحصائي العالمي ووصف حالة الإنتحار في كوريا الجنوبية بالحمراء وهي علامة لتوصيف الحالات الخطرة جداً.
إنّ حالات الإنتحار في كوريا الجنوبية وصلت إلى 28.6 إنسان في اليوم يعني كلّ أقل من ساعة ينتحر شاب أو شابة في كوريا، لهذا السبب سمّى بعض المحللّين الإجتماعيين كوريا الجنوبية بمقبرة الشباب الكوري ووصفها بأنّها ليست بلاداً آمنة للشباب. سابقاً وقبل 5سنوات نشرت شبكة "بي بي سي" تقريراً وأكدت من خلاله أنّ أزمة الإنتحار إجتاحت كوريا الشمالية حيث تشير الإحصائيات الرسمية أنّه في كلّ 40 دقيقة ينتحر شاب أو شابّة .
أسباب الإنتحار في بلاد التكنولوجيا
ذكر علماء علم الإجتماع وعلماء علم النفس أسباب عديدة للإنتحار ويمكننا أن نشير إلى أحد أهمّ التقارير الموجودة في هذا الإطار والذي أصدره مكتب الإحصاء الوطني الكوري، فقد بلغت نسبة طلاب المدارس المتوسطة والثانوية الذين أصيبوا بالاكتئاب عام 2019 حوالي 28.2%.
 من الأزمات الشديدة والتي يعاني منها الشباب الكوري الجنوبي هي أزمة البطالة في بلادهم ومن هنا تشير الإحصائيات الرسمية الكورية إلى  أنّ "عدد العاطلين عن العمل قد ارتفع بنسبة 28.3% سنة 2019"، حسب تقرير أصدره معهد البحوث الاقتصادية الكوري الجنوبي.
الجدير بالذكر أنّ أزمة كورونا تسبّبت في تدهور الوضع الكارثي الإقتصادي في كوريا الجنوبية حيث تشير الإحصائيات الصادرة عن البطالة فيها إلى أنّه: "ازدادت أزمة البطالة سوءاً وارتفعت معدلات البطالة في صفوف الشباب في كوريا الجنوبية، وتشير عدة تقارير إلى أن حوالي 40% من الشباب خريجي الجامعات الجدد قد تخلوا إثر ذلك عن البحث عن وظائف، حيث يكاد يكون الأمر مستحيلاً اليوم أكثر من أي وقت مضى".ووصف كثير منهم البلاد بأشبه ما يكون بالجحيم الذي لا يمكن التخلص منه إلا بالموت أو الهرب منه.
ويعتقد علماء علم إجتماع وعلم النفس أنّه إذ تتفاقم مشكلة ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب، تطفو مشكلة المحسوبية على السطح والتي تعكس بدورها فجوة كبيرة بين الأغنياء الذين يحظون بجميع الفرص والفقراء الذين يعجزون عن ضمان أبسط حقوقهم.
ربّما لا يُصدّق القارئ العربي ولكن إنّ مسالة "الوساطة" تُشكّل أزمة كبيرة في كوريا الجنوبية حيث أشارت عدة تقارير إعلامية على سبيل المثال، أن حوالي 3 من بين كل 4 محامين جرى تعيينهم في مجلس التدقيق والتفتيش، وهو الجهاز الحكومي المسؤول عن مراقبة سلوك الموظفين العموميين، لم يجر تعيينهم بسبب قدراتهم وخبراتهم بل كانوا من أبناء الطبقة العليا، وكبار المسؤولين والمشرعين.
هناك أزمة كبيرة و هي أزمة السكن في كوريا الجنوبية وهي تضغط على الشباب والبنات إلى حد لايُطاق. قرّرت وسائل الإعلام أنّه: "وإلى جانب مشكلة البطالة والمحسوبية وانخفاض الدخل، رفعت الحكومة الحالية أعباء الشباب وذلك عبر فرض مجموعة من العقوبات الضريبية وقواعد الرهن العقاري، ما أدى إلى ارتفاع متوسط سعر الشقق وخاصة في العاصمة سيئول. وتزامن مع ذلك ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات، ما أجبر الكثير من الشباب على البقاء بدون مأوى. وانخفض تزامناً مع ذلك عدد الزيجات وبالتالي تراجع عدد المواليد بشكل حاد، وسط تباطؤ اقتصادي".
في السياق ذاته نشرت وكالة الجزيرة للأنباء تقريراً عن حالة الإنتحار في كوريا الجنوبية في عام 2021 وأشار إلى أنّه: "لا تنحصر مشكلة الانتحار في دائرة المشاهير، بل تحتل كوريا الجنوبية المركز الأول في معدلات الانتحار عالمياً، وبحسب صحيفة إيكونوميست البريطانية فقد توفي 564 شخصاً في هذا البلد بسبب الإصابة بكورونا، وانتحر حوالي ضعف هذا العدد في العام الماضي، ووفقاً للإحصائيات فإن النساء والمراهقات ومن هم في سن العشرين هم الفئة الغالبة التي تُقبل على الانتحار بغض النظر عن مجال الصناعة أو الشهرة".
الإبتعاد عن الدين
يقول بعض المحللين الإجتماعيين أنّ السبب الرئيس وراء الإنتحار في كوريا الجنوبية هو أزمات إجتماعية وفي جانب آخر الكثير من علماء علم النفس أشاروا إلى أنّ الكوريين يحتلّون المركز 57 في التصنيف العالمي للشعور بالسعادة بين شعوب العالم رغم أنّهم يحظون بتكنولوجيا أحدث وفرص العمل أكثر وإمكانيات أوفر في بلادهم بالنسبة إلى بعض البلدان النامية وحتى المتخلفة.
من هنا يشير المحلّلون إلى أمر مهم جدا وهو أنّه وفق الإحصائيات الرسمية التي تم إصدارها من قبل المراكز الكورية الوطنية ومراكز الإحصاء العالمية إنّ  56بالمئة من الشباب و البنات الكوريين لايعتنقون أيّ ديانة على الإطلاق وإنّهم بمجرّد هزيمة عاطفية أوإقتصادية يزعمون أنّ الدنيا إنتهت والعالم ليس مكاناً تصلح الحياة فيه فبهذا السبب يقومون بالانتحار حتى يُخلّصوا أنفسهم من الأزمة الروحية أو الجسدية أو الإقتصادية التي وقعوا فيها.
هذا فيما تُحرّم كافّة الأديان الإلهية مسألة الإنتحار وتمنع الناس من القيام به مطلقاً. إنّ الدين الإسلامي الحنيف ينمع الناس من الإنتحار ويوضّح للبشر حقيقة البلايا الدنيوية فإنّها إمّا وراءها إمتحان إلهي حيث يقول الله سبحانه وتعالى: " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"، وإمّا وراءه عذاب إلهي حيث يقول الله في القرآن الكريم " وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ".
فهنا جعل الله حلّين للأمرين الذَين أشير إليهما وهما التوبة إلى الله والإستعاذة والإستعانة به في جميع شؤون الحياة. لاشكّ أنّ الأزمات الإجتماعية تسبب في حالة الإكتئاب لدى أفراد المجتمع وتزيد من معاناتهم ولكن لاينكر أحد إنّ مسألة "الأمل والرجاء" ترتبط بنظرة الإنسان تجاه مستقبله في الحياة الدنيا والحياة العقبى والإنسان الذي يعتقد بالدين بغض النظر عن الإسلام والمسيحية وغيرهما لايسمح لنفسه أن يقوم بإنتحار لأنّه يعرف حقيقة الحياة والمعاناة ولايخسر أمله فيما يشمل الله برحمته كلّ إنسان
في العالم.

البحث
الأرشيف التاريخي