ذات صباح.. على أفانين فارس

د. بديع صقور

«سمعت صوتاً هاتفاً في السحر»
نادى من الغيم غفاة البشر
هبوا... املأوا...* 
يد القرنفل، وصافحوه..
وعلى باب عطر..  «عليكم سلام».
فوق هذه السهوب مرّتْ
سنابك خيول.. فاتحون، وسيوف..
وهنا... سمقتْ سنابل، وشموس.. وتفتحتْ زهور..  وللكافور عطر لا يذبل.. بأصابعها الخجولة فتحت 
جفن القصيدة 
هنا... أخاف عليك من الثلج
هنا... تعال نُسوّي للروح عقداً 
من حروف القصائد،
وهيا نضيء فضة الماء. 
عطر «جمشيد» ينسالُ 
على شفاه الأميرات 
أخاف برد الجبال.. العصفورة البيضاء 
تنقر نافذة الصدر.. أيها الغريب افتح باب عشقك.. العشق زهرة بيضاء، 
والجفاء يؤلِمُ الروح. 
أحنُّ لعشق الجبال، 
فأمدُّ يدي للقرنفل 
فيصحو الندى 
على نغمة نايٍ حزين.. هنا... بيت الزهور.
أقترب من وجهها..  قد ألِف البياض..
فتحت بوابة روحها، وابتسمت.. «جليلي»* يستنفر مفردات الحكمة، 
يقول الإمام الخميني(رض): 
«إذا سمعتم الأجنبي يمدحكم، فابدأوا بالشك
 في أنفسكم..
إذن، ماذا عملتم كي يمدحكم؟»*
وتضيف «بريناز»: 
طهران تستقبلكم بالعطر، 
والماء، والزهور.. طهران التي كسرت سيف العبودية والطغيان، ترحب بمواكب عيونكم.. طهران تنظر إلى الحياة.. بعين واسعة ومشرقة.. «مهدي»* :
- طهران تحبُّ الحياة، 
وتحبُّ الضيوف.. «هادي»* : 
في روحها يسيل الحبّ 
كما ثلج الجبال في يوم مشمس. 
وثانية «بريناز» :
- نهدي لكم عطر الشقائق.
قريباً من خضرة القلب 
تغني الطيور 
قريباً من نبوءات الضوء 
تصحو القبرات 
هذه الجبال، أشعلت حلمنا 
بذات يوم  نعود، ونلتقي فيه 
على طريق الحبِّ الجليل.
وتسقي التائهين
يسبقني.. وما زال هناك.. التائهون مرايا.. 
والقرنفل يسوق صباياه إلى 
صلاة الزهور..  تسقيني من جرة نبيذ مركونة
 في زاوية الغسق 
كان نسيها «عمر الخيام» 
ذات صلاة على قارعة النور
تعبر الطير.. رعشة من ألمِ الدهور 
بين جوانح أرواحها 
تتراقص الأحلام 
يشتاق ثغرها المطر.. رشفة، وكانت بشوق 
/على ثغرها يضجُّ العطش/ 
إذا ما تهيأت للسفر، 
فتلفتْ صوب النهر 
«مولِّدِ الحياة». 
طهران سلام لقلبك الأبيض.

الهوامش

* بيت شعري للشاعر عمر الخيام/١٠٣٨-١١٢٤/
* جمشيد: أحد الأبطال 
* قول الإمام الخميني(رض) مفجّر الثورة الإسلامية المظفرة
* أسماء زملاء معلمين كنّا التقيناهم في زيارة رسمية لنقابة معلمي سورية إلى إيران

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي