وزير الخارجية اللبناني السابق د. عدنان منصور للوفاق:
لو كان هناك موقف عربي-إسلامي موحّد لانتهت الإبادة في غزة
/ ما يزال أهالي قطاع غزة يقبعون تحت عملية التجويع الصهيونية، حيث تحذر المنظمات الدولية من تفشي المجاعة وارتفاع أعداد الشهداء الذين يقضون نحبهم بسبب انعدام وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والمرضى وذوي الإعاقة، وتفيد التقارير بأن بعض العائلات باتت تقتات على الأعشاب ومياه البحر أو بعض أرغفة الخبز، وسط غياب شبه كامل للمساعدات الإنسانية منذ أشهر، وإذا توفرت بعض المواد الغذائية يكون سعرها باهظ جداً. واليوم غزة تشهد «أسوأ سيناريو للتجويع»، إذ يعاني عشرات الآلاف من الأطفال من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم، ويواجه نحو 500 ألف شخص خطر المجاعة في وقت يستمر فيه العدو الصهيوني في منع دخول المساعدات الغذائية والحيوية إلى القطاع. وبات لا يخفي على أحد أن الاحتلال الصهيوني يرتكب جريمة نادرة من نوعها في القرن الـ21، جريمة لم تتوقف عند حدود ارتكاب مجازر عسكرية فحسب، إنما تجاوزها ليرتكب جرائم إبادة تعتمد طرقاً وأساليباً وحشية. وسط هذه الكارثة التي ستظل لطخة سوداء على جبين المجتمع الدولي الذي وقف عاجزاً عن فك الحصار عن أهالي قطاع غزة التي بدأت أجسادهم تتهالك بسبب الجوع، أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع وزير الخارجية اللبناني السابق الدكتور عدنان منصور، تحدّث خلاله عن حالة التجويع الممنهج التي يعيشها قطاع غزة، وعن أهداف العدو الصهيوني من هذا الأمر.
عمل لا إنساني ولا أخلاقي
وفي مستهل الحوار، تطرّق الدكتور منصور إلى ما يحدث من مجازر في غزة، قائلاً: ما يجري في غزّة من تجويع هو فعلاً عمل لا إنساني ولا أخلاقي، وشكّل فعلاً خرقاً فاضحاً للقوانين والأعراف الدولية وللمجتمع الدولي. وأشار وزير الخارجية اللبناني السابق إلى هدف الاحتلال من سياسة التجويع الممنهج في القطاع، وأضاف: هذا التجويع المتعمّد اللاإنساني الذي يقوم به كيان الاحتلال الصهيوني في غزة تريد من خلال هذا التجويع القضاء على سكان غزة، وأيضاً الاستيلاء على هذا القطاع من أجل ترحيل شعبه فيما بعد. وبشأن إعلان الأمم المتحدة حالة المجاعة في قطاع غزة، أوضح الدكتور منصور: الأمم المتحدة أعلنت أن هناك حالة من المجاعة بشكل رسمي في غزة؛ لكن ما هو القرار الدولي الذي سيتخذ، القرار الدولي عادة يُتّخذ من قبل مجلس الأمن؛ لكن للأسف الشديد مجلس الأمن مصادر من قبل الولايات المتحدة من خلال الفيتو الذي يمكن أن تطرحه في كل مرّة يكون هناك مشروع قرار يدين الكيان الصهيوني أو يطلب من الاحتلال وقف المأساة، ووضع حدّ للمجاعة في قطاع غزة والإبادة التي يقوم بها جيش الاحتلال. وأردف موضحاً: إذا لا نستطيع أن نقول أن المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة استطاعت حتى الآن أن توقف الحرب في غزة بعد مرور حوالي سنتين، فالأمم المتحدة قد تصدر قرارات؛ لكن القرارات إذا كانت خاصة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحده لا تستطيع أن تُلزم الأطراف الأخرى، في الواقع أن مجلس الأمن هو الذي يتخذ قراراً مباشراً من أجل وقف الحرب، وأيضاً وقف المجاعة والإبادة الجماعية؛ لكن كما قلت الولايات المتحده دائماً تستخدم حق الفيتو، لأنها تدعم بشكل مباشر العدوان الصهيوني على غزة، وهي حتى اللحظة بما في ذلك المسؤولين الأمريكيين من ترامب مروراً بالوزراء المعنيين يعتبرون أن ما يجري في غزة ليس من مسؤولية «إسرائيل» حسب زعمهم، وأيضاً ليس هناك ما يثبت أن هناك إبادة جماعية بحق سكان غزة، أو عملية التجويع حسب مزاعمهم.
أكثر من 37 دولة عربية وإسلامية تعترف بـ«إسرائيل»
وعن الحل لمأساة غزة، أوضح وزير الخارجية اللبناني السابق: الحل كما قلت لردع جرائم الاحتلال يتم عن طريق مجلس الأمن، لأنه حتى اللحظة تبيّن أن مجلس الأمن عاجز عن اتخاذ هكذا قرار، أما إذا كنا ننتظر أن نشهد تحركاً عربياً اسلامياً يرغم الاحتلال على وقف مجازره لا أتصور أن الدول العربية والاسلامية استطاعت أن تفعل شيئاً حاسماً على الأرض، لدى العالمين العربي والاسلامي إمكانات كبيرة، 57 دولة عربية واسلامية، هناك أكثر من 37 دولة عربية واسلامية تعترف إعترافاً رسمياً بـ«إسرائيل»، وهناك أيضاً دول وإن لم تقم علاقات دبلوماسية فهي على تنسيق عالٍ مع «إسرائيل» أمنياً وتجارياً واقتصادياً وسياسياً، لو كان هناك موقف عربي - إسلامي موحد يستطيع أن يفرض شروطه على الصهاينة ويرغم كيان الاحتلال من خلال مواقف عملية على الأرض لوقف الإبادة في غزة؛ لكن للأسف الشديد هناك دول إسلامية تقف إلى جانب الاحتلال تغض النظر عن كل ما يرتكبه من جرائم، في الوقت الذي تقيم معه أفضل العلاقات التجارية والاقتصادية والأمنية.
