الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • رياضة وسياحة
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وسبعمائة واثنان وسبعون - ١٩ مايو ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وسبعمائة واثنان وسبعون - ١٩ مايو ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

بين الردع والمواجهة

كيف تغيّر الصواريخ الهندية معادلة الصراع في القوقاز؟

/ في ظل التطورات الجيوسياسية المتسارعة في منطقة القوقاز الجنوبي، تشهد أرمينيا تحولات استراتيجية مهمة في سياساتها الدفاعية والعسكرية. تمثل صفقة الأسلحة الدفاعية بين أرمينيا والهند خطوة مهمة على طريق تعزيز القدرات العسكرية الأرمينية في مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة. تكتسب هذه الصفقة أهمية خاصة في ظل التوترات المستمرة بين أرمينيا و جمهورية أذربيجان عقب حرب كاراباخ، حيث تسعى يريفان إلى إعادة بناء قدراتها الدفاعية وتنويع مصادر تسليحها بعيداً عن الاعتماد التقليدي على الحليف الروسي. تعد منظومة «أكاش» الصاروخية إضافة نوعية للترسانة العسكرية الأرمينية بما تتمتع به من قدرات متطورة قادرة على تغيير معادلات الصراع في المنطقة.
تفاصيل الصفقة
ستستلم أرمينيا في منتصف صيف العام الجاري الدفعة الثانية من منظومات الصواريخ الدفاعية الجوية «أكاش» من الهند. وتأتي هذه الخطوة كجزء من صفقة بقيمة 700 مليون دولار بين البلدين، تهدف إلى تعزيز قدرات الجيش الأرميني لمواجهة الطائرات الحربية وصواريخ كروز.
وكانت البطارية الصاروخية الأولى من منظومة «أكاش» قد سُلمت من الهند إلى أرمينيا في نوفمبر من العام الماضي. تُعد «أكاش» منظومة صواريخ تكتيكية أرض-جو مصممة لاعتراض وتدمير الأهداف الجوية بما في ذلك المقاتلات والطائرات المسيرة وصواريخ كروز.
تُنتج هذه المنظومة شركة «بهارات إلكترونيكس ليميتد» الهندية، وتتكون كل واحدة منها من رادار ثلاثي الأبعاد بقدرة المسح وأربع منصات إطلاق، تحمل كل منها ثلاثة صواريخ. ويبلغ المدى العملياتي لهذه المنظومة الصاروخية 25 كيلومتراً.
ماذا تعني هذه الصفقة؟
قام إيغور كوروتشينكو، المدير العام لمعهد دراسات بحر قزوين الاستراتيجية في روسيا، ورئيس تحرير مجلة «الدفاع الوطني» والمحلل السياسي، بتوضيح خصائص منظومة الدفاع الجوي «أكاش» والسيناريوهات المحتملة لاستخدامها من قبل أرمينيا في القوقاز الجنوبي.
ويعتقد كوروتشينكو: «بعد الهزيمة في حرب كاراباخ وتغيير توجهات سياستها الخارجية نحو الغرب، بدأت أرمينيا بتنويع مصادر توريد الأنواع الرئيسية من الأسلحة والمعدات العسكرية. ويشمل ذلك مجال الدفاع الجوي، حيث أصبحت فرنسا والهند شريكين رئيسيين جديدين ليريفان. ويقوم كلا البلدين حالياً بتنفيذ عقود لتسليم أنظمة ومجموعات الدفاع الجوي لأرمينيا، وتتم هذه العملية على مراحل - من البسيط إلى المعقد. وفي المستقبل المنظور، تعتزم أرمينيا إنشاء منظومة دفاع جوي متكاملة ومترابطة تستند إلى الحلول التكنولوجية الفرنسية وتضم أنظمة صواريخ الدفاع الجوي الفرنسية والهندية.»
وأضاف كوروتشينكو: «منظومة الدفاع الجوي ‹أكاش› الهندية هي منظومة قصيرة المدى، وبموجب العقد ستستلم يريفان 15 منصة إطلاق منها. صُممت هذه المنظومة للدفاع عن المنشآت والأهداف ذات الأهمية القصوى والأولوية العالية. يمكن لبطارية واحدة من ‹أكاش› أن تصيب أربعة أهداف جوية في آن واحد باستخدام ثمانية صواريخ دفاعية. تتكون كل بطارية من أربع منصات إطلاق ذاتية الدفع، ورادار، ومنظومة مراقبة المجال الجوي، ومركز قيادة. ومن المهم الإشارة إلى أن الرادار ثلاثي الأبعاد بقدرة المسح 360 درجة، الذي يشكل جزءاً من مجموعة لواء ‹أكاش›، قادر على مراقبة المجال الجوي حتى مسافة 180 كيلومتراً وتتبع 150 هدفاً جوياً في وقت واحد. توفر صواريخ هذه المنظومة الدفاعية الموجهة، في حال إطلاق صاروخين باتجاه هدف من نوع مقاتلة، احتمالية تدمير تصل إلى 98.7 بالمئة، ويمكنها تدمير الأهداف الجوية المنفردة والجماعية على مسافة من 3 إلى 30 كيلومتراً وعلى ارتفاع 18 كيلومتراً.»
الأهداف الاستراتيجية
أكد رئيس تحرير مجلة «الدفاع الوطني»: «تعني كل هذه الميزات أن ‹أكاش› تُعتبر منظومة دفاع جوي حديثة نسبياً في مسرح العمليات العسكرية بالقوقاز الجنوبي. الهدف من العقد مع الهند هو تحقيق إحدى أولويات البرنامج العسكري لنيكول باشينيان، وهي إنشاء منظومة دفاع جوي طبقية وعميقة تستند إلى معايير الناتو لتكون قادرة على مراقبة المجال الجوي للقوقاز الجنوبي وإصابة الأهداف في مجموعة واسعة من الارتفاعات والمسافات.»
وشدد قائلاً: «من الواضح أن العدو المحتمل لأرمينيا لا يزال جمهورية أذربيجان ولم يتغير. فجميع مشتريات المنظومات التسليحية الحديثة وكافة برامج تدريب الضباط التي تقوم بها أرمينيا، تتم مع الأخذ في الاعتبار احتمال وقوع صراع عسكري جديد مع جمهورية أذربيجان. إن منظومات الدفاع الجوي ‹أكاش› التي توفرها الهند مخصصة لتدمير الطائرات الحربية الأذربيجانية في صراع جوي محتمل.
وإلى أن يحدث مثل هذا الصراع، ستستخدم يريفان المنظومات الدفاعية الهندية كأداة للضغط والردع، نظراً لقدرة هذه المنظومات على مراقبة نشاط الطائرات الحربية للقوات الجوية الأذربيجانية والمروحيات ووسائل النقل الجوي الأخرى.»
وختم إيغور كوروتشينكو قائلاً: «وبالتالي، فإن أرمينيا من خلال شراء منظومات الدفاع الجوي ‹أكاش› من الهند، تسعى إلى استعراض القوة ودفع سياساتها المرغوبة في القوقاز الجنوبي، وفي المقام الأول، تحييد القدرات العسكرية لجمهورية أذربيجان. وهذا يعني إنشاء مظلة دفاع جوي ستتمكن أرمينيا تحت غطائها من تنفيذ استفزازات عسكرية مختلفة أو عمليات حربية مستقبلية.»
يمثل استلام أرمينيا للدفعة الثانية من منظومة «أكاش» الدفاعية نقطة تحول مهمة في المشهد الاستراتيجي لمنطقة القوقاز الجنوبي. فبعيداً عن الأبعاد العسكرية والتقنية البحتة، تعكس هذه الصفقة تحولاً جيوسياسياً عميقاً في توجهات السياسة الخارجية والأمنية الأرمينية، وانفتاحها على تحالفات جديدة بعيداً عن الدائرة الروسية التقليدية.
تكمن أهمية هذه المنظومات الدفاعية في قدرتها على تغيير قواعد اللعبة العسكرية في المنطقة، حيث ستمنح أرمينيا قدرات متقدمة لصد الهجمات الجوية المحتملة، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على حسابات جمهورية أذربيجان في أي مواجهة عسكرية مستقبلية. كما أن بناء منظومة دفاعية متكاملة وفق معايير الناتو يشير إلى تموضع جديد لأرمينيا في الخريطة الجيوسياسية للمنطقة.
يبقى السؤال المطروح حول مدى تأثير هذه التطورات العسكرية على مسار المفاوضات السلمية وعملية التطبيع بين البلدين، وما إذا كانت ستدفع باتجاه تصعيد التوتر أم ستفرض واقعاً جديداً يمهد الطريق نحو استقرار أكثر استدامة في هذه المنطقة المضطربة. في كل الأحوال، فإن الدور الهندي المتزايد في هذه المعادلة يضيف بعداً جديداً للتنافس الدولي على النفوذ في منطقة استراتيجية تتقاطع فيها مصالح القوى العالمية والإقليمية.
البحث
الأرشيف التاريخي