الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • رياضة وسياحة
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وسبعمائة وأربعة وستون - ١٠ مايو ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وسبعمائة وأربعة وستون - ١٠ مايو ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

ضمن الحرب على خطوط الأنابيب

ما هي أبعاد الإعتداءات الأوكرانية على البنية التحتية النفطية في كازاخستان؟

/ تعتبر كازاخستان اقتصاداً نفطياً، حيث بلغت صادراتها النفطية وفقاً لإحصائيات عام 2023 نحو 70 مليون طن، أي ما يعادل 1.42 مليون برميل يومياً. وتشير التقديرات الأولية إلى أن هذه الصادرات قد حققت إيرادات تزيد عن 50 مليار دولار بما في ذلك المشتقات النفطية، وهو ما يمثل نسبة ملحوظة (حوالي 19%) من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد البالغ 262 مليار دولار في عام 2023. وبحسب إحصائيات قاعدة OEC، بلغت صادرات النفط الخام وحدها من كازاخستان في عام 2023 ما يعادل 37 مليار دولار من إجمالي صادرات البلاد البالغة 96.6 مليار دولار. تظهر حصة النفط البالغة 38.3% في سلة صادرات كازاخستان بوضوح أهمية تصدير هذا المنتج لاقتصاد هذه الجمهورية الآسيوية الوسطى. لذلك، فإن أي توتر أو تحدٍ في مجال صادرات النفط يمكن أن يؤثر تأثيراً عميقاً على الوضع الاقتصادي لهذا البلد وبالتالي على التطورات الاجتماعية والسياسية في كازاخستان. يسعى هذا التقرير إلى دراسة الهجمات الأوكرانية الأخيرة على البنية التحتية لصادرات النفط الكازاخستانية في روسيا، وتقييم دوافعها وتأثيراتها على اقتصاد هذه الجمهورية الآسيوية الوسطى.
الهجمات الأوكرانية
مع تولي ترامب السلطة وادعاءاته بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، أظهرت حكومة زيلينسكي العديد من السلوكيات الفوضوية بسبب استبعادها من عملية المفاوضات مع روسيا، وكان أحد هذه السلوكيات الهجوم على منشآت نقل النفط الكازاخستانية في روسيا.
في 17 فبراير من العام الجاري، شنت أوكرانيا هجوماً بالطائرات المسيرة على منشآت نقل النفط الكازاخستانية في روسيا، مما أدى إلى إلحاق أضرار بمنشآت اتحاد خط أنابيب بحر قزوين (CPC). وبحسب التقديرات الأولية، فإن عودة هذه المنشآت إلى العمليات العادية ستستغرق حوالي شهرين، مما يؤدي إلى انخفاض ضخ النفط لهذا البلد بنسبة تصل إلى 30%. وهذا يعني انخفاض صادرات النفط بمقدار 6 إلى 7 ملايين طن خلال الفترة المذكورة، وقد قُدرت الخسائر الناجمة عن ذلك في بعض المصادر بحوالي 600 مليون دولار.
وقع الهجوم الثاني للقوات المسلحة الأوكرانية على منشآت نقل النفط هذه في 24 مارس. في هذا الهجوم، استهدفت محطة ضخ كروبوتينسكايا من قبل الطائرات المسيرة الأوكرانية. وأفادت بعض المصادر أيضاً عن هجوم آخر من قبل أوكرانيا على منشآت أخرى لخط الأنابيب هذا في 19 مارس. أوضح المسؤولون العسكريون الروس في تقاريرهم الرسمية أن سبع طائرات مسيرة شاركت في هذه الهجمات، والتي كانت تحمل، بالإضافة إلى المتفجرات، شظايا معدنية لإلحاق المزيد من الضرر بالمنشآت.
وقعت هذه الهجمات في وقت كان فيه هناك اتفاق جديد منشور رسمياً على موقع الكرملين، ينص على تعليق الهجمات على البنية التحتية للطاقة لمدة 30 يوماً ابتداءً من 18 مارس. ومع ذلك، يبدو أن أوكرانيا قد انتهكت هذا الاتفاق، مما أثار رد فعل المسؤولين الكازاخستانيين. كان رد فعل البرلمان الكازاخستاني حاداً نسبياً، حيث طالب الحكومة الأوكرانية بالمساءلة وتعويض الأضرار التي لحقت بالبلاد. كما طالب بعض المسؤولين والخبراء الكازاخستانيين بتقديم شكوى رسمية من كازاخستان ضد أوكرانيا بسبب الهجمات المذكورة أعلاه.
الدوافع والتداعيات
بشكل عام، يبدو أن هذا الإجراء الأوكراني كان في الواقع رداً على محادثات الرياض بين الولايات المتحدة وروسيا، وربما كان له داعمون أوروبيون أيضاً. استهدف خط الأنابيب هذا، الذي استهدف مباشرة مصالح الشركات الأمريكية، تحفيز الولايات المتحدة على تعديل المفاوضات مع روسيا. ويرجع ذلك إلى أن أوكرانيا كان بإمكانها بسهولة استهداف محطات ضخ النفط الروسية بالقرب من حدودها في مناطق مثل كراسنودار. ومع ذلك، اختارت القوات المسلحة لهذا البلد مهاجمة نقطة أبعد وفي عملية أكثر تعقيداً، لأنه يبدو أن الهدف لم يكن روسيا فقط.
النقطة المثيرة للاهتمام الأخرى هي أن المساهمين الرئيسيين في حقول النفط الرئيسية في كازاخستان مثل تنغيز، الذي يُنقل نفطه عبر خط الأنابيب هذا إلى الموانئ الروسية ووجهات التصدير، هم في الغالب شركات أمريكية وأوروبية. يتم استخراج 50% من هذا الحقل النفطي من قبل شركة شيفرون الأمريكية، و25% أخرى تنتمي إلى شركة أمريكية أخرى هي إكسون موبيل. لذلك، يُقال إن هذه الهجمات كانت تستهدف التأثير على المصالح الأمريكية و تحديدا ترامب الذي يسعى لخفض أسعار النفط.
تأثر المصالح الأوروبية
ومع ذلك، لم تكن هذه الهجمات موجهة فقط ضد روسيا وكازاخستان والولايات المتحدة، بل كانت تؤثر أيضاً على مصالح أوروبية. يأتي ذلك في وقت يُقال فيه إن أوروبا كانت أحد الداعمين الرئيسيين لهذه الهجمات بسبب تباعدها مع الولايات المتحدة في سياسات ترامب تجاه أوكرانيا. والواقع أن معظم صادرات النفط الكازاخستانية كانت تُصدر إلى أوروبا عبر خط أنابيب اتحاد بحر قزوين، وقد أكد المسؤولون الكازاخستانيون صراحة على هذا الأمر. ومع ذلك، مباشرة بعد الهجوم الأول في فبراير، وعلى الرغم من التوقعات بتقلبات في أسعار النفط، لم يحدث تغيير كبير في سعر النفط العالمي. ومع ذلك، بعد الموجة الثانية من الهجمات، ارتفعت أسعار النفط في أوروبا. ويرجع ذلك إلى عدم الاستقرار النسبي في إمدادات النفط وانخفاض العرض، وهو ما لا يمكن تعويضه على المدى القصير. يؤثر هذا الأمر مباشرة على الاقتصادات الأوروبية ويمكن أن يكون وسيلة ضغط ضد أوروبا.
وقد أثار هذا الأمر بعض الشكوك حول دور وموقف أوروبا تجاه هذه الهجمات. قالت المصادر الروسية صراحة أن دقة ونوع هجمات الطائرات المسيرة لا يمكن أن تكون قد نُفذت من قبل الجيش الأوكراني وحده. وذكرت بعض المصادر أن الطائرات المسيرة المستخدمة في هذه العملية كانت فرنسية. في هذا السياق، تم وصف الشركاء الأجانب كداعمين لـ «كييف» في هذه الهجمات. ومع ذلك، ليس للولايات المتحدة ولا لأوروبا على المستويات العليا مصلحة في هذه الهجمات، لأن مصالح الشركات الكبرى وكذلك استقرار اقتصاداتها تتأثر نتيجة لهذه النهج. من هذا المنظور، من الممكن أن يكون هناك لاعبون منفردون مثل بريطانيا أو الكيان الصهيوني أو غيرهم قد لعبوا دوراً في مثل هذه الهجمات. وصفت بعض المصادر الروسية التوترات بين بريطانيا والولايات المتحدة في عهد ترامب بأنها سبب هذا الهجوم، وأشارت إلى تطورات في بنغلاديش وكندا وغرينلاند وصوماليلاند كعلامات أخرى.
هذا الأمر يوجه سلوك السياسة الخارجية لكازاخستان نحو تعددية أعمق غير غربية. ستكون النتيجة المهمة لهذا الأمر في استثمارات قطاع النفط والتعدين في هذا البلد. هناك احتمال أن اللاعبين المتوسطين مثل القوى الإقليمية في جنوب شرق آسيا أو الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي قد يكتسبون مثل هذا المركز تدريجياً ويحلون محل الشركات الأوروبية والأمريكية.
تقارب روسي كازاخستاني
النتيجة المهمة والملاحظة الأخرى هي زيادة التقارب بين كازاخستان وروسيا والتباعد النسبي لهذا البلد عن الغرب نتيجة لهذه التوترات. أصبحت كازاخستان في الواقع، دون إرادة وقدرات على احتواء الأزمة والسيطرة عليها، ساحة للتوتر والمنافسة بين الغرب وروسيا. نتيجة لهذا الوضع، أكدت بعض المصادر والخبراء المقربين من الحكومة في كازاخستان أن كازاخستان يجب أن تحمي أصولها وستكون هذه مبادرة للمشاركة الدفاعية بين كازاخستان وروسيا ضد الهجمات الأوكرانية المحتملة. في الوقت نفسه، صرحت المصادر الرسمية والمقربة من الحكومة الكازاخستانية بطرق مختلفة أن هذه الهجمات، بدلاً من إلحاق الضرر بمصالح روسيا، تسببت في إلحاق الضرر بمصالح كازاخستان وأوروبا. تجدر الإشارة إلى أن هذا الهجوم الذي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط سيكون له فوائد لروسيا أكثر من رسوم عبور النفط. من ناحية أخرى، أشارت روسيا في سياق إصلاح هذه المنشآت إلى العقوبات الغربية على معدات النفط في هذا البلد، وهو ما يمكن أن يحقق مصالح لهذا البلد أيضاً. من المتوقع أيضاً أن تؤجل روسيا إصلاح هذه المنشآت لإلحاق المزيد من الضرر بمصالح داعمي أوكرانيا وإضعاف عملية إرسال المساعدات العسكرية إلى «كييف».
البحث
الأرشيف التاريخي