على خلفية هجوم بهلغام
تصعيد خطير بين نيودلهي و إسلام آباد
/ تشهد منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان أحداثًا مأساوية تهدد بتصعيد التوترات في واحدة من أكثر المناطق اشتعالًا في العالم. يأتي هذا في سياق تاريخي طويل من النزاعات والصراعات التي شهدتها المنطقة منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947. تعتبر قضية كشمير محور خلاف رئيسي بين القوتين النوويتين، وأدت إلى حروب واشتباكات متكررة على مدى العقود الماضية. الأحداث الأخيرة تكتسب أهمية بالغة على الصعيدين الإقليمي والدولي نظرًا لما قد تحمله من تداعيات على الاستقرار في جنوب آسيا بأكملها. يشكل الوضع المتفجر في كشمير تهديدًا حقيقيًا للسلام العالمي، خاصة مع امتلاك كلا البلدين للسلاح النووي مما يجعل أي تصعيد محتمل ذا أبعاد خطيرة تتجاوز حدود المنطقة.
تفاصيل الهجوم في بهلغام
قام مسلحون يوم الثلاثاء، 22 أبريل بإطلاق النار على سياح في وجهة سياحية مزدحمة في منطقة بهلغام الجبلية الواقعة في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير. أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 25 مواطنًا هنديًا ومواطن نيبالي واحد. وصف شهود عيان مشاهد مروعة، مؤكدين أن المسلحين أطلقوا النار على السياح من مسافة قريبة، مما خلف مشاهد مأساوية ظهرت في الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة للحادث. عززت السلطات الهندية على إثر الهجوم انتشار الشرطة والقوات العسكرية في المنطقة، وتواصل الأجهزة الأمنية البحث عن منفذي الهجوم.
الإجراءات الهندية
في أعقاب الهجوم، اتخذت الهند سلسلة من الإجراءات الصارمة ضد باكستان. قامت نيودلهي بتخفيض علاقاتها الدبلوماسية مع إسلام أباد وأغلقت معبرًا حدوديًا رئيسيًا. كما علقت الهند للمرة الأولى مشاركتها في معاهدة مياه السند، وهي اتفاقية مهمة لتقسيم المياه بين البلدين ظلت صامدة منذ توقيعها عام 1960 رغم كل التوترات السابقة. أعلنت وزارة الخارجية الهندية في بيان رسمي وقف خدمات التأشيرات للمواطنين الباكستانيين بشكل فوري، وطالبت جميع المواطنين الباكستانيين بمغادرة الهند بحلول 29 أبريل. وفي خطوة تصعيدية إضافية، أعلنت الهند المستشارين العسكريين والبحريين والجويين في السفارة الباكستانية أشخاصاً غير مرغوب فيهم، وقررت تقليص عدد طاقمها الدبلوماسي في إسلام أباد. تعهد ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، خلال خطاب ألقاه في ولاية بيهار شمال شرق البلاد، بملاحقة المهاجمين وتقديمهم للعدالة.
الرد الباكستاني
لم تتأخر باكستان في الرد على الإجراءات الهندية، حيث أصدر مكتب رئيس الوزراء شهباز شريف بيانًا عقب اجتماع طارئ للجنة الأمن القومي. نفت إسلام أباد بشكل قاطع أي تورط في الهجوم، واعتبرت أن الاتهامات الهندية غير مبررة. أكد البيان الباكستاني أن أي تهديد لسيادة باكستان وأمن شعبها سيواجه بإجراء حاسم في جميع المجالات، مع التشديد على أن أي محاولة من جانب الهند لحجب تدفق نهر السند ستعتبر عملاً حربياً. وفي إجراءات مماثلة للإجراءات الهندية، قررت باكستان طرد الدبلوماسيين الهنود وتعليق التأشيرات للمواطنين الهنود، كما أعلنت إغلاق حدودها ومجالها الجوي مع الهند ووقف كافة الأنشطة التجارية مع جارتها.
*أهمية كشمير للطرفين
تدعي كل من الهند وباكستان أحقيتها الكاملة في منطقة كشمير الجبلية، وهي تمثل واحدة من أخطر بؤر التوتر في العالم. زادت حدة التوترات بين البلدين حول هذه المنطقة المتنازع عليها في السنوات الأخيرة، خاصة بعد إعلان حكومة الهند برئاسة مودي إلغاء استقلالية منطقة كشمير وفقًا للدستور الهندي في عام 2019، ووضعها تحت السيطرة المباشرة لنيودلهي. تعد قضية كشمير أحد الأسباب الرئيسية للخلافات العميقة بين باكستان والهند، التي أدت إلى اندلاع أكثر من حرب بين الطرفين منذ إعلان استقلال باكستان. رغم ادعاء الحكومة الهندية بانخفاض الهجمات الإرهابية منذ تشديد السيطرة العسكرية على المنطقة، إلا أن هجمات مثل الذي وقع في بهلغام تطرح تساؤلات حول فعالية هذه الإجراءات، وتحطم وهم الهدوء الذي تنبأ به مودي للمنطقة.
امكانية تصاعد الصراع
يظل الوضع في كشمير متوترًا بشكل خطير، مع احتمالية تصاعد الصراع بين قوتين نوويتين. تثير الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الهند والاتهامات المتبادلة القلق حول مستقبل العلاقات بين البلدين، خاصة مع تعليق معاهدة مياه السند التي ظلت صامدة لعقود رغم التوترات المستمرة. مع إغلاق الحدود والمجال الجوي وتوقف التجارة بين البلدين، وطرد الدبلوماسيين من كلا الجانبين، يبدو أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التصعيد. يبقى المجتمع الدولي مراقبًا لتطورات الوضع، مع دعوات متزايدة للحوار وضبط النفس لتجنب تصعيد قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها.
