الإمام الخامنئي، مُبيّنًا أنّ كلّ مَن يثبت ويصمد، فإنما يسير على نهجهم:
نهج الأئمّة «نهج الثبات والاستقامة» ودرسهم «درس المنطق والاستدلال»
أكّد قائد الثورة الإسلامية، سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، في كلمة ألقاها الخميس 24/04/2025، بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق(ع)، أنّ حياة الإمام الصادق(ع) كانت حياةً استثنائية ومدهشة، وقد شكّلت نموذجًا ناجحًا في نشر الأحكام الإلهية.
وأشار سماحته، في المقتطف الذي نُشر من كلمته، إلى أنّ نهج الأئمّة (ع) هو نهج الثبات والاستقامة، وأنّ دروسهم تقوم على المنطق والاستدلال؛ مبيّنًا أنّ كلّ من يثبت ويصمد، فإنما يسير على نهجهم.
وجاء في كلمة سماحته خلال اللقاء: في زمن الإمام الصادق (ع)، كان مقدرًا في التقدير الإلهي - وليس في القضاء الإلهي المحتوم - أن يحدث تحوّل يصبّ في مصلحة أئمة الهدى (ع). هذا ما يفهمه الإنسان من روايات عدة وردت في هذا الشأن. ثمّة رواية عن الإمام الصادق (ع) يقول فيها: «إنَّ اللهَ قدَّرَ هذا الأمرَ في سنةِ سبعينَ». أي إن الله المتعالي قد وضع في تقديره هذا الأمر، أي أمر الإمامة - الإمامة بالمعنى الحقيقي للكلمة - إلى سنة سبعين للهجرة.
التقدير الإلهي
وأضاف سماحته: إلتفتوا، عندما عقد الإمام الحسن المجتبى (ع) الصلح مع معاوية، كانت مجموعة تأتي وتشتكي وتعترض، فكان الإمام يقول [لهم]: «مَا تَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ»؛ هذا إلى وقت محدّد، أي إنه مؤقت. أي، لقد أشير في كلمات الإمام الحسن المجتبى (ع) إلى هذه الحادثة، إلى تسلط الكفر والنفاق هذا، وليس مقدرًا لذلك أن يكون دائمًا؛ بل إنه مؤقت في التقدير الإلهي. إلى متى؟ إلى سنة سبعين. أي طبقًا لهذه الرواية، كان من المقرر في سنة سبعين للهجرة أن يقوم كل مَن كان حيًّا من أهل البيت ويتولى الحكم، وأن تتحقق الإمامة الحقيقية. ثم يقول الإمام: «فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَخَّرَهُ إِلَى مِئَةٍ وَأَرْبَعِينَ»؛ أي إن حادثة كربلاء وهذا الاستخفاف من الناس بالأسس الدينية وإعراضهم هذا كان أثرها هو أن ذاك التقدير الإلهي قد تأخّر إلى سنة مئة وأربعين. طبعًا، سنة مئة وأربعين هي في زمن الإمام الصادق (عليه السلام)، فقد توفي الإمام سنة مئة وثمانٍ وأربعين. كان الشيعة يعلمون هذا الأمر. أي إن خواص الشيعة كانوا يعلمونه. لذا جاء في إحدى الروايات أن زرارة يقول لأصحابه - طبعًا، زرارة كان من المقرّبين - «لا تَرى على أَعوادِها إلّا جَعفَرًا»؛ الأعواد تعني قوائم المنبر، أي منبر الخلافة. يعني إنني أرى جعفرًا سيجلس على هذا المنبر؛ نعم كذلك كان.
قضية الخلافة
وأردف الإمام الخامنئي: أو في رواية أخرى عن زرارة أيضًا - فقد كان زرارة يسكن الكوفة - أنه يبعث رسالة إلى الإمام الصادق (ع) ويكتب له بأن أحد أصدقائنا من الشيعة مدين ودائنوه يلاحقونه؛ ولأنه لا يملك مالًا، فقد ترك المدينة وغادر. إذا كانت هذه القضية، أي قضية الخلافة، ستحدث في غضون سنة أو سنتين - في الرواية وردت عبارة «هذا الأمر»؛ أي إذا كان من المقرر أن تحدث هذه القضية في غضون سنة أو سنتين - حسنًا إذًا فليبقَ هذا الشخص حتى تتولى الأمر، وتُعالَجُ القضايا، أما إذا كان الأمر سيطول، فليجمع الأصحاب المال ويسددوا دَينه. أي إن شخصًا مثل زرارة كان ينتظر أن تنتهي المسألة في غضون سنة أو سنتين، وهذا ما يفسّر مجيء الناس إلى الإمام الصادق باستمرار وسؤالهم له: يا سيدي، لماذا لا تقوم؟ لماذا لا تقوم؟ هذا يدل على أنهم ينتظرون؛ أي إنهم سمعوا شيئًا ووصل إلى مسامعهم أمر ما.
يجب الحذر الشديد
ثم جاء في تتمّة هذه الرواية التي حددت سنة 140، أن الإمام قال: «لقد أفشَيْتُم السِرَّ، فَأَخَّرَ اللهُ الأمرَ». يعني لو أن شيعة أهل البيت حفظوا ألسنتهم ولم يفشوا السر، ربما كان الأمر لينجز في ذلك الوقت؛ انظروا كم كان التاريخ سيتغير! بل إن مسار البشرية كان سيأخذ منحىً آخر، ولكان العالم اليوم عالمًا آخر. أي إن تقصيراتنا، وأحيانًا زلة ألسنتنا، وأحيانًا امتناعنا عن تقديم المساعدة، وأحيانًا اعتراضاتنا العبثية، وأحيانًا انعدام الصبر لدينا، وأحيانًا التحليلات الخطأ التي نجريها عن الأوضاع، كلّها تؤثر أحيانًا - [بل] تؤثر تأثيرًا تاريخيًا -، أي إنها تغيّر المسار على هذا النحو؛ لذا يجب الحذر الشديد.
طبعًا، إنّ حياة الإمام الصادق (ع) حياة استثنائية ومدهشة، وقد حقّقت نجاحًا باهرًا من حيث نشر الأحكام الإلهية وكثرة الروايات التي نُقلت عنه وعن أصحابه. وأمّا بالنسبة إلى ما يُقال عن أن الإمام لديه أربعة آلاف تلميذ، قد يتصوّر السامع أن الإمام كان يبدأ درسًا فيجلس أمامه أربعة آلاف شخص؛ الأمر ليس كذلك. بل المقصود أنه طوال عمره الشريف، نقلَ عنه الروايات أربعةُ آلاف شخص - وفقًا لما ورد في ذلك الكتاب - أي لديه أربعة آلاف راوٍ، هذا هو معنى «أربعة آلاف تلميذ»، وليس أنهم كانوا يجلسون عند درسه وهو يُلقي عليهم الدرس.
وأضاف سماحته: إننا نعيش بعيدًا عن حياة الأئمة؛ فمعلوماتنا ضئيلة، بشأن أقوالهم أو تصريحاتهم أو رواياتهم وسِيَرهم.
الأئمة كانوا يعلّمون درس الاستقامة
وأوضح قائد الثورة الإسلامية: أمّا هذه الأمور التي تُنقل في رواياتنا والتي تقول إنه أُخذ (الإمام) إلى المنصور، وإنّ المنصور أظهر له غضبًا شديدًا، فقال الإمام [ما معناه]: «يا ابن العم! الأولياء والأنبياء قد تعرّضوا للظلم، وقد صُفحَ عنهم، فاصفح عنا أنت أيضًا»، أقولها بضرس قاطع أنها كذب، هذه الأمور لا تمتّ إلى الواقع بصلة. الإمام لا يتحدث بهذه الطريقة مع أي شخص، سواء أكان هناك خطر القتل أم لم يكن، ومهما كان الأمر، الإمام لا يتحدث أبدًا بهذه الطريقة. مَن هو الراوي؟ إنّه ربيع؛ الراوي هو ربيع الخادم! ربيع هو خادم المنصور، أي هو الشخص المسؤول عن خدمة المنصور؛ شخص من البلاط، كاذب على ذلك النحو. جاء هذا الشخص ليُخبرنا أن الإمام الصادق قال ذلك! طبعًا، هذه أداة جيدة لتدمير معنويات الشيعة؛ لذا يجب تجنب نقل هذه الروايات تمامًا. بعض الأشخاص ينقلونها عبثًا، في حين أن هذه الروايات ليست صحيحة. الأئمة كانوا يعلّمون درس الاستقامة والثبات ودرس المنطق، ويعلّمون كيفية إفحام الطرف الآخر عبر التحدّث بمنطق واستدلال.
انظروا كيف تتحدث السيدة زينب (ع) في مجلس ابن زياد وفي مجلس يزيد! ذلك هو الصحيح؛ ذلك النهج هو نهج الأئمة الصحيح. إنّ كل مَن يثبت، فهو يسير على نهج هؤلاء الكرام. اليوم أيضا، الذين يثبتون في غزة ولبنان، هؤلاء في الواقع يعملون على نهج أئمة الدين وأئمة الهدى.
قائد الثورة يشيد بالبرامج القرآنية
في سياق آخر، أشاد قائد الثورة الاسلامية، بالبرامج القرآنية في شهر رمضان المبارك، وقال:إن شهر رمضان المبارك هذا العام كان شهراً قرآنياً، وبفضل جهودكم أيها الإخوة في كل مكان وفي كل قطاع وفي الإذاعة والتلفزيون الإيراني وخارجه كانت قلوب الناس مع القرآن الكريم.
وقال قائد الثورة الاسلامية امس الأول 24 ابریل في ختام مراسم العزاء بذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق (ع):
"نحن بحاجة إلى هذا"، هذا ما يحتاجه بلدنا وشبابنا. إن حفظ القرآن الكريم والتلاوة التي يتلوها الشباب بالترتيل أو حفظ القرآن يجعلني سعيداً حقاً. الحمدلله رب العالمين.
وتابع سماحته: لا يزال أمامنا الكثير من العمل في مجال القرآن الكريم. وفي مجال الأعمال التي نحتاج إلى القيام بها. علينا أن ننشر مفاهيم القرآن الكريم، وهو بحر واسع وعميق، بين أبناء شعبنا وبين قراء القرآن الكريم.
