على أمل أن يترشح دون معارضين رئيسيين
هل يحضّر زيلينسكي لإنتخابات رئاسية مفاجئة؟
/ تواجه أوكرانيا تحديات سياسية كبيرة وسط الصراع المستمر مع روسيا، وتُثار تساؤلات مهمة حول مستقبل السلطة في البلاد. مع انتهاء الفترة الرئاسية لفولوديمير زيلينسكي في مايو 2024، وفي ظل استمرار الأحكام العرفية، تتضارب الأنباء حول إمكانية إجراء انتخابات رئاسية في المستقبل القريب. تشير بعض التقارير إلى وجود خطط سرية لإجراء انتخابات مفاجئة بعد وقف إطلاق النار المتوقع، بينما تنفي مصادر رسمية أوكرانية هذه المزاعم. يأتي هذا في وقت تعاني فيه البلاد من خسائر بشرية هائلة وضغوط متزايدة لإنهاء الحرب، مما يجعل المشهد السياسي الداخلي لا يقل تعقيداً عن الوضع على الجبهات القتالية.
تقارير حول الاستعدادات للانتخابات
ذكرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، نقلاً عن مصادر مقربة من الحكومة، أن السلطات الأوكرانية تخطط لإجراء انتخابات رئاسية في الأشهر المقبلة. وقد نفت مصادر أوكرانية هذا التقرير بشكل جماعي، مؤكدة أنه من غير المرجح إجراء انتخابات في يوليو، لكن القيام بذلك قد يضمن فوزاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حيث سيضع موعداً نهائياً ضيقاً لخصومه للاستعداد للتصويت.
ووفقاً للمجلة البريطانية، أمر زيلينسكي بإجراء انتخابات جديدة بعد وقف إطلاق النار المتوقع إعلانه في نهاية أبريل. غير أن القانون الأوكراني يتطلب مدة لا تقل عن 60 يوماً للحملات الانتخابية، مما يجعل أقرب موعد ممكن للانتخابات في أوائل يوليو.
ويعتقد المصدر المذكور أن زيلينسكي قد يحاول مفاجأة منافسيه بانتخابات في يوليو، آملاً أن يسمح له الجدول الزمني القصير بالترشح دون معارضين رئيسيين. ويضيف المصدر أن مثل هذه الخطوة قد تفيد أكثر من مجرد الرئيس الأوكراني، إذ إن "حملة طويلة قد تمزق البلاد".
وقد تظهر تفاصيل حول الاستعدادات للانتخابات في 5 مايو، عندما تقرر الرادا العليا (البرلمان الأوكراني ذو المجلس الواحد) تمديد الأحكام العرفية، المقرر انتهاؤها في 9 مايو. وفي حال إلغائها، يمكن تحديد موعد الانتخابات في أوائل يوليو.
موقف السلطة الأوكرانية
ومع ذلك، يبدو أن السلطة في كييف تقاوم الضغوط الخارجية لإجراء انتخابات، حيث أخبر دافيد أراخاميا، الزعيم البرلماني لحزب "خادم الشعب" التابع للرئيس فولوديمير زيلينسكي، موقع "سوسبيلني" في 31 مارس أنه لا توجد استعدادات جارية للانتخابات، حيث تتفق جميع الأحزاب على أن الاقتراع المقبل يمكن إجراؤه فقط بعد رفع الأحكام العرفية.
وصرح أراخاميا بأنه لم يشارك في اجتماع لمناقشة إجراء انتخابات في يوليو، كما أفادت "ذي إيكونوميست"، وادعى أنه "لم يحدث على الإطلاق".
وقال أراخاميا: "لا يتم التحضير لأي انتخابات، ولا توجد استعدادات جارية. اتفقت جميع الأحزاب والمجموعات البرلمانية على أنه يجب إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر من رفع الأحكام العرفية"، مضيفاً: "موقفنا لم يتغير منذ ذلك الحين".
و صرح أحد المصادر الرئاسية ولكالات إعلامية: "هناك معلومات كاذبة. لم يكن هناك مثل هذا الاجتماع ولم تكن هناك مثل هذه التعليمات".
الوضع القانوني للرئاسة الأوكرانية
انتهت فترة رئاسة زيلينسكي في 20 مايو 2024. وكان من المقرر إجراء الانتخابات في أوكرانيا في 31 مارس. الأحكام العرفية التي فرضها نظام كييف تحظر صراحة العملية الانتخابية لرئيس الدولة، ولكن دستور البلاد، الذي يتمتع بوضع قانوني أعلى، يحدد في المادة 103 أن الرئيس يُنتخب لمدة خمس سنوات. وتنص المادة 104 من الوثيقة على أن رئيس الدولة الأوكراني، الذي انتهت مدة ولايته، يمكن أن يمارس صلاحياته لمدة لا تزيد عن 30 يوماً بعد الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات.
وكما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن السلطة الشرعية الوحيدة في أوكرانيا الآن هي الرادا العليا وقادتها. وبحسب كلماته، إذا أرادت الدولة المجاورة إجراء انتخابات شرعية لرئيسها، فسيكون من الضروري رفع الأحكام العرفية.
المخاطر الداخلية والخسائر في الحرب
ووفقاً للمجلة البريطانية، "يتوقع أحد ضباط المخابرات أن عدم الاستقرار الداخلي سيكون خطراً أكبر على أوكرانيا في عام 2025 من المعارك على الخطوط الأمامية".
تعيش أوكرانيا في وضع داخلي متقلب، خاصة مع ارتفاع معدل الخسائر الذي يساهم في عدم شعبية الحرب. وفقاً لوزارة الدفاع الروسية، فقدت القوات المسلحة الأوكرانية 138,545 جندياً في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، فضلاً عن 10 طائرات حربية، و10,200 طائرة بدون طيار، و11 نظام صواريخ مضاد للطائرات، و2,495 دبابة ومركبة قتالية مدرعة أخرى، و29 نظام إطلاق صواريخ متعددة، و3,032 مدفعية ميدانية وهاون، و3,887 مركبة عسكرية خاصة. ويذكر أن سيرجي رودسكوي، رئيس المديرية الرئيسية للعمليات في هيئة الأركان العامة الروسية، قال في فبراير إن الجيش الأوكراني قد تكبد مليون خسارة.
الضغوط على زيلينسكي والمعارضة
مع تكبد أوكرانيا خسائر كثيرة ومطالبة بوتين بسلام مستدام، يتعرض زيلينسكي لضغوط داخلية متزايدة لإنهاء الحرب، وهو ما لا يمكن أن يحدث إلا إذا أجريت انتخابات حتى يتمكن الرئيس الروسي من التفاوض مع سلطة أوكرانية شرعية.في الوقت الحالي، لا توجد شخصيات معارضة حقيقية لزيلينسكي.
نفى فاليري زالوجني، القائد العام السابق للجيش الأوكراني، والمنافس المحتمل الأقرب لزيلينسكي، الشائعات حول نيته الترشح في الانتخابات المقبلة.
وقال: "إجابتي على هذا لم تتغير. في الوقت الذي تستمر فيه الحرب، نحتاج جميعاً إلى العمل لإنقاذ البلاد، وليس التفكير في الانتخابات. لا أعلق على أي شائعات".
ومع تركيز شخصيات المعارضة على الحرب، فإن زيلينسكي قد يحاول مفاجأتهم بإعلان انتخابات في يوليو لهذا السبب بالذات.
في الوقت نفسه، وجد استطلاع للرأي أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع في مارس أن 69% من الأوكرانيين يثقون بزيلينسكي، بزيادة طفيفة عن الشهر السابق. بالنظر إلى أن هدنة عيد الفصح غير مرجحة، وفشل زيلينسكي ليس فقط في الوفاء بوعد الاستيلاء على القرم، بل سيخسر المزيد من الأراضي مع تكبد الكثير من الخسائر، فقد ينتهز الرئيس الأوكراني هذه الفرصة بدلاً من محاولة إجراء انتخابات في وقت لاحق، عندما تظهر الانقسامات السياسية والاجتماعية بعد الحرب.
