هل عدم اليقين الجيوسياسي أوقف مباحثات السلام بين باكو ويريفان؟
مضى أكثر من 4 أشهر على آخر لقاء بين إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، ونيكول باشينيان، رئيس وزراء أرمينيا، وأُجريت آخر مفاوضات السلام على هامش قمة بريكس في كازان، روسيا الاتحادية، في 24 أكتوبر.
في هذا اللقاء، ناقش الطرفان تقدم أجندة السلام الثنائية، بما في ذلك معاهدة السلام، وترسيم الحدود ووضع العلامات عليها، وقضايا أخرى ذات اهتمام مشترك.
تم توجيه وزيري خارجية البلدين لمواصلة المفاوضات الثنائية لإتمام وتوقيع اتفاقية السلام في أسرع وقت ممكن. وعلى الرغم من عقد لجنة ترسيم الحدود اجتماعاً أو اثنين، إلا أن هناك توفقاً في اللقاءات على مستوى وزراء الخارجية أيضاً. صحيح أن الطرفين يدرسان بشكل متبادل المراسلات والمقترحات المتعلقة باتفاقية السلام، لكن غياب الاتصالات المباشرة لافت للنظر.
يبدو أن السبب الرئيسي لهذا التوقف هو عدم اليقين الجيوسياسي في العالم. فقد أحدثت باكو توقفاً مع الأخذ في الاعتبار التطورات على الساحة الدولية. إن عودة دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، والنزاع المستمر في أوكرانيا، والتغييرات المحتملة في النفوذ الروسي في المنطقة، تخلق حالة من عدم اليقين لجمهورية أذربيجان.
تسعى باكو إلى تهيئة ظروف مواتية لوضع يتيح تحقيق أقصى قدر من المنفعة من الاتفاق. ويؤثر عدم اليقين الجيوسياسي بشكل مباشر على المفاوضات بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان.
على سبيل المثال، لم يتخذ ترامب وإدارته بعد موقفاً محدداً بشأن المفاوضات بين أرمينيا وأذربيجان. كما أن كيفية حل المشكلة الأوكرانية سيكون لها تأثير خطير على المفاوضات بين أرمينيا وأذربيجان.
يعتقد الجانب الأذربيجاني أن ترامب سيعطي أولوية أكبر لضمان مصالح جمهورية أذربيجان في هذه المسألة. على الأقل لأنه في ذروة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، دعم إلهام علييف ترامب بشكل علني وصريح. كما من الواضح أن حرب الـ44 يوماً في عام 2020 تزامنت تماماً مع نهاية فترة رئاسة ترامب الأولى، ولم يتدخل ترامب بأي شكل من الأشكال في مسار الحرب الثانية في قره باغ.
أشار صاحب علييف، عضو البرلمان الأذربيجاني، في حوار مع "يني مساوات" إلى نقاط جديرة بالاهتمام: "عدم اليقين الجيوسياسي لا يخلو بالطبع من تأثير على المفاوضات بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا، لكن العامل الحاسم هنا هو أن تقريباً أياً من القوى والدول الكبرى التي تعمل أرمينيا بإملاءاتها، لا تريد السلام في هذه المنطقة. أستخدم عبارة 'تقريباً' لأن موقف إدارة ترامب في هذا الشأن لم يتضح بالكامل بعد. فكروا بأنفسكم، إذا كان الاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا، مهتمين بحل النزاع بين البلدين، مع العلم أن أحد بنود معاهدة السلام هو عدم نشر ممثلين لقوى ثالثة على طول الحدود، فلماذا مددوا مهمة البعثة المدنية الأوروبية في أرمينيا لمدة عامين آخرين؟ لماذا تستمر فرنسا نفسها في تسليح أرمينيا وتشجيعها على الانتقام؟ لماذا في روسيا، على أعلى المستويات، لا يخفون أسفهم من أن باشينيان قال إن 'قره باغ هي أذربيجان'؟ كل هذه الأسئلة بلاغية، أي أن الإجابة كامنة فيها. بعض الدول الكبرى التي ذكرناها ولم نذكرها، ليست مهتمة بالسلام في هذه المنطقة. وأرمينيا أيضاً، إذا كانت ترغب حقاً في السلام، فإنها تقع تحت تأثيرهم ولا تتجاوز قول هذا ظاهرياً. بمجرد أن تخطو خطوة للأمام في هذا الاتجاه تحت ضغط أذربيجان، تعود على الفور خطوتين للخلف." و ذلك بحسب علييف.
في غضون ذلك، أعلن باشينيان أن يريفان مستعدة لاتخاذ خطوات لإعادة العلاقات مع باكو وأنقرة.
وقال: "إن إعادة فتح ثلاثة معابر حدودية على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان (هذه الخطة قيد التداول منذ عام 2022) ستسمح للشاحنات والسيارات الأذربيجانية بدخول أراضي أرمينيا والتوجه، على سبيل المثال، إلى نخجوان وتركيا."
وقال رئيس وزراء أرمينيا: "هذه القرارات لم تتم الموافقة عليها من قبل مجلس وزراء أرمينيا فقط بسبب موقف ورفض جمهورية أذربيجان، ويمكن الموافقة عليها في غضون أسبوع أو أسبوعين. فيما يتعلق بالبنية التحتية للدخول إلى نخجوان، يمكن القيام بذلك بسرعة كافية أيضاً. يمكن للشاحنات دخول أراضي أرمينيا عبر معبر كورنيدزور على طريق لاتشين-كورنيدزور، والسفر إلى الحدود الأرمنية-التركية، ودخول تركيا عبر معبر مارغارا."
وقال باشينيان إن الشيء نفسه ينطبق في الاتجاه المعاكس.
وأضاف: "البنية التحتية المادية اللازمة لمثل هذا النقل العابر للبضائع جاهزة حالياً، وكل ما تبقى هو اتخاذ قرار قانوني في حالة موافقة باكو وأنقرة."
