تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
صحيفة ألمانية: التهديد الأكبر لأمن أوروبا يأتي من أميركا
لقد أظهرت الأيام والأسابيع الأولى من الفترة الرئاسية الثانية لـ»دونالد ترامب» رئيس الولايات المتحدة بوضوح ما يمكن لأوروبا أن تتوقعه من الولايات المتحدة في المستقبل. وباختصار، يمكن القول إن أوروبا معرضة لخطر أن تصبح ضعيفة أمام الابتزاز، وهي تعتمد بشكل كبير على الفضاء الخطابي الذي يهدد ديمقراطيتنا.
ينبع التهديد الأول من هذين التهديدين من طبيعة العلاقات السياسية الخارجية الجديدة للولايات المتحدة. وهذا يعني أن ترامب وإدارته لا يتبعون خطوط التحالفات التقليدية، بل يتبعون حسابات قائمة على التكلفة والفائدة.
في الشرق الأوسط، لم تعد الولايات المتحدة تعمل كوسيط. فبدلاً من ذلك، يريد ترامب السيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى مشروع عقاري. وبهذا الإجراء، لا يعزز ترامب وقف إطلاق النار بل يعرضه للخطر.
الوضع مشابه في أوكرانيا. من المرجح أن تكون محادثات السلام المخطط لها من قبل ترامب وبوتين في صالح روسيا تماماً. وتلعب مصالح أوكرانيا دوراً هامشياً فقط في هذه المفاوضات. من جهة أخرى، تريد الولايات المتحدة الحصول على المال والمعادن من أوكرانيا مقابل الدعم الذي قدمته لها سابقاً.
يمكن أن يكون من القيّم أيضاً لترامب والولايات المتحدة أن يتلقوا مدفوعات مقابل توفير درع للحماية النووية لأوروبا. أو أن يضعوا مصالحهم في الاعتبار من خلال التعريفات الحمائية والمزايا التجارية أو التحويلات المباشرة.
التهديد الثاني هو أن الشركات الرقمية الكبرى في الولايات المتحدة تسعى للتقرب من إدارة ترامب أو تتعاون معه علناً. لا هذه الشركات ولا الحكومة الأمريكية لديها اهتمام بتنفيذ الخطاب على منصاتها وفقاً لقوانين الديمقراطية الليبرالية.
في الواقع، هذا التحالف غير المقدس له هدف معاكس: يريدون أن يكون النقاش جدلياً واستقطابياً وشعبوياً يمينياً. هذا يفيد الشركات الرقمية ويؤدي إلى تأثيرات إعلانية. من ناحية أخرى، هذا الأمر يفيد إدارة ترامب لأنه يضعف الأحزاب الديمقراطية الوسطية ويقوي الأحزاب الشعبوية اليمينية مثل حزب البديل المتطرف لألمانيا الذي يعتبره ترامب حليفاً له.
المصالح المشتركة لهذا التحالف غير المقدس تشكل هجوماً أساسياً على الديمقراطية الليبرالية في الاتحاد الأوروبي وألمانيا.
وبهذه الطريقة، فإن السيادة الداخلية والخارجية للاتحاد الأوروبي، وبالتالي ألمانيا، معرضة اليوم لتهديد ربما لم تشهده أبداً بهذا الشكل منذ عام 1945.
لأول مرة، التهديد الأكبر لأمن أوروبا لا يأتي من الصين أو روسيا، ولكن - إذا لم تغير واشنطن مسارها - من الإدارة الحالية للولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، يمثل هذا التهديد فرصة لمضاعفة الجهود. الحاجة واضحة اليوم أكثر من أي وقت مضى وهي أن أوروبا يجب أن تؤسس نفسها أخيراً بشكل مستقل عن الولايات المتحدة.
