في ظل الأهمية التي تحظى بها اسلام آباد لدى أنقرة

وكالة «تيكا» أبرز أدوات النفوذ الناعم لتركيا في باكستان؟

  / تحظى باكستان بأهمية كبيرة في إطار السياسة الخارجية التركية لأسباب متعددة منها الجيوسياسية والجيواقتصادية والتعاون مع تركيا في السياسة الدولية. ولهذا السبب، قامت وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) - بوصفها الذراع الرئيسية لتوسيع النفوذ الناعم لتركيا في باكستان - بتنفيذ أنشطة واسعة النطاق.
تكتسب باكستان أهمية خاصة لتركيا بسبب موقعها الجيوسياسي، وقربها الفكري من حزب العدالة والتنمية، وقدراتها العسكرية (خاصة في مجال الأسلحة النووية)، وعدد سكانها الكبير (حوالي 250 مليون نسمة).
ولذلك، تسعى تركيا من خلال استخدام القوة الناعمة عبر وكالة تيكا إلى الحفاظ على مصالحها ونفوذها في باكستان كجزء من استراتيجيتها لتعزيز مكانتها القيادية بين الدول الإسلامية.
تتنوع أنشطة تيكا في باكستان، من تقديم المساعدات التنموية إلى تنفيذ المشاريع البنية التحتية والثقافية، وهي ملحوظة بشكل كبير في هذا البلد. لكن كيف تؤثر هذه الأنشطة على العلاقات بين البلدين ومكانة تركيا في المنطقة؟
تعميق العلاقات والتأثير متعدد الأبعاد
بدأت وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) أنشطتها في باكستان منذ عام 2010 بافتتاح أول مكتب لها في إسلام آباد، ونفذت خلال هذه الفترة أكثر من 700 مشروع في هذا البلد.
تشمل أنشطة تيكا في باكستان مجموعة واسعة من المجالات منها التعليم، والصحة، والزراعة وتربية الماشية، والمياه والصرف الصحي، والطاقة المستدامة، والتعاون الثقافي. وتركز هذه المشاريع بشكل أساسي على زيادة قدرة تقديم الخدمات، وتحسين البنية التحتية، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في باكستان.
مجالات النشاط
تظهر مراجعة تقارير تيكا أن هذه الوكالة تعمل بهدف تقديم صورة إيجابية عن تركيا في أذهان المجتمع الباكستاني، خاصة النخب في هذا البلد، وذلك في مجالات مختلفة، وأبرزها التعليم والصحة والزراعة، ومن أهم هذه الأنشطة:
التعليم: تشير الدراسات إلى أن تيكا نفذت إجراءات متعددة بهدف تطوير التعاون بين البلدين في المجال التعليمي، بما في ذلك تنظيم دورات تدريبية للأطباء وأطباء الأسنان الباكستانيين، وإنشاء مختبرات للسيراميك وتركيبات الأسنان، والتبرع بالكتب للمكتبات، وتجديد المدارس. وتدّعي تيكا أن هذه الإجراءات تهدف إلى تحسين جودة التعليم ورفع مستوى المعرفة والمهارات لدى المتخصصين والطلاب الباكستانيين.
الصحة: تدّعي تيكا أنها نفذت أنشطة بارزة في قطاع الصحة، منها توفير أجهزة فحص السمع للمواليد الجدد للمستشفيات، ودعم بناء وتجهيز المستشفيات، وتنظيم برامج تدريبية لمتخصصي الرعاية الصحية، وإنشاء وحدات الموجات فوق الصوتية وغرف العمليات في المراكز الصحية والمستشفيات الباكستانية.
الزراعة: في قطاع الزراعة، نفذت تيكا مشاريع متعددة، بما في ذلك دعم مربي النحل المتضررين من الفيضانات، وإنشاء حقول تجريبية لتعليم تقنيات الزراعة العضوية، وتقديم المساعدة الفنية والمالية للمزارعين.
المياه والصرف الصحي: تدّعي تيكا أيضًا أنها لعبت دورًا فعالًا في مجال المياه والصرف الصحي من خلال إنشاء محطات معالجة المياه في عدة مدن، مما ساهم في توفير مياه الشرب النظيفة للناس.
التعاون الثقافي: قامت تيكا بأنشطة متنوعة في مجال التعاون الثقافي، بما في ذلك التبرع بالكتب للمكتبات الباكستانية، ودعم المشاريع الثقافية والفنية، وإنشاء مراكز ثقافية مشتركة. وتهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين وتشجيع التبادل الثقافي.
التعاون الإعلامي: كانت تيكا نشطة أيضًا في مجال التعاون الإعلامي، من خلال إنشاء «المركز الإعلامي الباكستاني - التركي» والتعاون مع وسائل الإعلام الباكستانية، بهدف زيادة الحضور والنفوذ الإعلامي التركي وتعزيز الروايات المشتركة، خاصة في منطقة جنوب آسيا بين البلدين.
تأثير واسع النطاق
كان لأنشطة تيكا في باكستان تأثيرات إيجابية وواسعة النطاق في تحقيق المصالح التركية. لم تساهم هذه الأنشطة في تحسين ظروف معيشة الناس والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في باكستان فحسب، بل عززت أيضًا العلاقات الثنائية بين البلدين وزادت من النفوذ التركي في هذا البلد.
يشير مصطلح «الأخوة الأبدية» - الذي يروج له المسؤولون الأتراك - إلى الروابط الدبلوماسية والثقافية القوية بين باكستان وتركيا. لقد ساهمت تيكا، من خلال تنفيذ المشاريع التنموية والإنسانية في باكستان، بشكل ملموس في تحسين ظروف معيشة سكان هذا البلد. وقد ساعدت هذه المنظمة، من خلال تقديم الخدمات التعليمية والصحية والزراعية والبنية التحتية، في رفع مستوى معيشة الناس وتنمية المجتمعات المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، أدت أنشطة تيكا في باكستان إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين إسلام آباد وأنقرة. فقد ساهمت هذه المنظمة، من خلال تنفيذ المشاريع المشتركة والتعاون في مختلف المجالات، في تعميق العلاقات الثقافية والاقتصادية والسياسية بين تركيا وباكستان.
كما أدت أنشطة تيكا في باكستان إلى زيادة النفوذ التركي في هذا البلد. فمن خلال تنفيذ المشاريع التنموية وتقديم المساعدات الإنسانية، خلقت تيكا صورة إيجابية لتركيا في الرأي العام الباكستاني، وبالتالي زادت من النفوذ السياسي والثقافي لهذا البلد في باكستان.
تحقيق أهداف السياسة الخارجية التركية
أصبحت تيكا، من خلال أنشطتها الواسعة والمتنوعة في باكستان، رمزًا للدبلوماسية التنموية التركية في هذا البلد. تعمل هذه المنظمة، من خلال تنفيذ المشاريع التنموية والإنسانية، بشكل فعال نحو تحقيق أهداف السياسة الخارجية وضمان المصالح والأمن القومي التركي في باكستان.
وبناءً على ما سبق، فإن تيكا تستخدم القوة الناعمة والدبلوماسية التنموية لتوسيع نفوذها بشكل فعال في باكستان. ويأتي استخدام تركيا وبعض الدول الأخرى لأدوات القوة الناعمة، خاصة من خلال مؤسسات تحت مسمى وكالات التعاون الدولي.

 

البحث
الأرشيف التاريخي